سوريا تعترف بكوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة
سوريا تعترف بكوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة
سوريا تعترف بكوسوفو:في تحول دبلوماسي لافت يعكس سياسة الانفتاح التي تتبعها دمشق منذ عام 2024. أعلنت سوريا رسمياً اعترافها بجمهورية كوسوفو كدولة مستقلة وذات سيادة. هذا القرار، الذي صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين السورية مساء الأربعاء. يمثل نقطة مفصلية في مسار العلاقات السورية مع دول البلقان، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين البلدين.
إيمان بحق الشعوب في تقرير المصير
أكدت الخارجية السورية في بيانها أن الاعتراف بكوسوفو جاء انطلاقاً من “إيمان سوريا بحق الشعوب في تقرير مصيرها. وحرصها على تعزيز مبادئ السلام والاستقرار في منطقة البلقان والعالم”.
وجاء هذا الموقف ليعكس التوجه الجديد للسياسة الخارجية السورية، الذي يضع مبدأ احترام سيادة الدول وحقوق الشعوب في مقدمة أولوياته. بعيداً عن الاصطفافات السابقة التي كانت ترتبط بالمصالح الإقليمية الضيقة أو التبعية السياسية.
ويُعد هذا الاعتراف خطوة نادرة في المشهد الدبلوماسي الإقليمي. خاصة أن العديد من الدول لا تزال منقسمة حول الاعتراف بكوسوفو التي أعلنت استقلالها عن صربيا عام 2008. بعد صراع طويل وتاريخ معقد في منطقة البلقان·
اجتماع ثلاثي برعاية سعودية
البيان السوري أوضح أن الاعتراف تم خلال اجتماع ثلاثي عقد في العاصمة السعودية الرياض. وضم ممثلين عن سوريا والمملكة العربية السعودية وجمهورية كوسوفو.
وأشاد البيان بالدور السعودي في تقريب وجهات النظر ودعم الحوار، مما ساهم في تهيئة الظروف المناسبة لاتخاذ هذا القرار التاريخي·
ويأتي هذا التطور ضمن مسار التقارب السوري ـ السعودي الذي بدأ منذ استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين في عام 2024. إذ لعبت الرياض دوراً محورياً في دعم جهود المصالحة السورية مع دول الجوار وفتح قنوات تواصل مع شركاء جدد حول العالم.
جسور تعاون وانفتاح جديد
وزارة الخارجية السورية شددت على أن هذا الاعتراف يعكس “السياسة السورية. الرامية إلى توسيع جسور التعاون والانفتاح مع دول العالم، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز علاقات الصداقة بين الشعوب”.
وتتطلع دمشق إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع كوسوفو في أقرب وقت ممكن. مع التركيز على تطوير التعاون الثنائي في مجالات السياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة.
ويرى مراقبون أن هذا القرار قد يفتح الباب أمام فرص استثمارية وتبادل ثقافي بين البلدين. خصوصاً أن كوسوفو تمثل جسراً استراتيجياً نحو أوروبا، بينما تمثل سوريا نقطة محورية في الشرق الأوسط·
تحول في الموقف السوري بعد سقوط النظام السابق
الاعتراف بكوسوفو يشكل قطيعة واضحة مع سياسة النظام السوري السابق الذي رفض الاعتراف باستقلالها على مدى أكثر من عقد ونصف·
ففي عهد النظام المخلوع، كانت دمشق تميل إلى التحالف مع صربيا وروسيا. اللتين كانتا تعارضان بشدة استقلال كوسوفو·
وفي عام 2021. التقى وزير الخارجية في حكومة النظام السابق فيصل المقداد مع مساعد وزير الخارجية الصربي في دمشق، في خطوة هدفت حينها إلى توثيق العلاقات بين الجانبين.
لكن بعد سقوط النظام وتولي الرئيس أحمد الشرع السلطة، بدأت سوريا في تبني سياسة خارجية أكثر توازناً، تقوم على مبدأ الحياد الإيجابي والانفتاح على جميع الأطراف، بعيداً عن المحاور السياسية القديمة·
لقاء الشرع مع رئيسة كوسوفو في أنطاليا
الاعتراف السوري بكوسوفو لم يأتِ مفاجئاً تماماً، إذ سبقه لقاء بارز بين الرئيس أحمد الشرع ورئيسة جمهورية كوسوفو فيوسا عثماني، على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا في نيسان الماضي·
وجرى خلال اللقاء بحث سبل تطوير العلاقات الثنائية والتعاون في مجالات التعليم والتكنولوجيا والاقتصاد.
lass=”yoast-text-mark” />>حينها، أشار الشرع إلى أن “سوريا الجديدة تنتهج سياسة قائمة على الاحترام المتبادل، والتعاون مع كل الدول التي تسعى للسلام والتنمية”.
ذلك اللقاء كان مؤشراً مبكراً على نية دمشق المضي قدماً في فتح صفحة جديدة من العلاقات مع كوسوفو ودول البلقان بشكل عام.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
قوبل القرار السوري بترحيب من حكومة كوسوفو التي اعتبرته “خطوة شجاعة تعبّر عن فهم عميق لحق الشعوب في الحرية والاستقلال”·
كما أشادت رئيسة كوسوفو بالدور السعودي في تيسير الحوار بين الطرفين، مؤكدة استعداد بلادها لإرسال بعثة دبلوماسية إلى دمشق قريباً·
من جهة أخرى، يرى محللون أن هذا الاعتراف قد يثير تحفظاً روسياً وصربياً، خاصة أن موسكو لا تزال تعتبر كوسوفو جزءاً من صربيا، لكن من غير المتوقع أن يؤثر ذلك على العلاقات الحالية بين سوريا وروسيا، التي اتخذت طابعاً عملياً أكثر منه تحالفياً بعد عام 2024·
خطوة نحو سياسة خارجية متوازنة
التحليل السياسي العام يشير إلى أن اعتراف سوريا بكوسوفو يمثل تحولاً جوهرياً في عقيدة السياسة الخارجية السورية، إذ تسعى دمشق إلى الخروج من عزلتها السابقة وتأكيد استقلال قرارها السياسي·
ويبدو أن سوريا الجديدة باتت تعتمد مبدأ “التعددية الدبلوماسية”، أي الانفتاح على شركاء جدد دون الارتهان لأي محور، وهو ما ينسجم مع خطاب الرئيس الشرع حول “سيادة القرار الوطني وإعادة التوازن للعلاقات الدولية”·
الاعتراف كرمز لسوريا الجديدة
يمثل هذا الاعتراف أكثر من مجرد خطوة دبلوماسية؛ إنه رمز لسوريا الجديدة التي تحاول إعادة بناء مكانتها الإقليمية والدولية على أسس من التعاون والاحترام المتبادل·
فمن خلال الاعتراف بكوسوفو، تبعث دمشق برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأنها تتبنى سياسة عقلانية قائمة على المصالح المشتركة لا الاصطفافات الأيديولوجية·
وبينما تسعى سوريا إلى استعادة موقعها على الساحة العالمية بعد سنوات من العزلة. فإن قرارات كهذه قد تشكل مؤشراً على توجه دبلوماسي أكثر نضجاً، يعيد التوازن لعلاقاتها مع الشرق والغرب على حد سواء·
خاتمة
سوريا تعترف بكوسوفو:اعتراف سوريا بجمهورية كوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة ليس مجرد إعلان سياسي. بل خطوة استراتيجية تعبّر عن تحول جذري في الرؤية السورية الجديدة للعالم.
فمن سياسة مغلقة انحازت سابقاً لمحاور ضيقة، إلى سياسة انفتاح تستند إلى احترام سيادة الشعوب والتعاون الدولي. ترسم دمشق اليوم ملامح عصر جديد في علاقاتها الخارجية، حيث المصالح المشتركة والحوار يحلان محل الصراع والمواجهة.</p>
إقراء المزيد:
الدماغ لا يحب التغيير: كيف تعيد برمجة عقلك لتقبّل البداية؟
الرئيس الشرع من الرياض: العالم يستطيع الاستفادة من سوريا كممر تجاري
تسوية أنقرة مع حزب العمال الكردستاني·· هل تمهّد لتفاهمات أوسع في سوريا؟
الرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية: يعزز التعاون الاستثماري خلال زيارته إلى الرياض



