أخبار سياسية

ألمانيا وتركيا تبحثان الملف السوري خلال زيارة ميرتس إلى أنقرة

ألمانيا وتركيا تبحثان الملف السوري خلال زيارة ميرتس إلى أنقرة

في خطوة تعدّ من أبرز مؤشرات التقارب بين أنقرة وبرلين. استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الخميس في العاصمة التركية المستشار الألماني فريدريش ميرتس. في زيارة رسمية تناولت ملفات بالغة الأهمية في مقدمتها الملف السوري، إلى جانب رفع العقوبات الأوروبية، والتعاون في مجالات الأمن والدفاع والهجرة.

تعاون إستراتيجي في مرحلة جيوسياسية جديدة

تأتي زيارة ميرتس إلى تركيا في ظل تحولات إقليمية ودولية كبرى. أبرزها تزايد التهديدات الأمنية في أوروبا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. وفي هذا السياق، أكد ميرتس في تصريحات له من أنقرة أن بلاده دخلت “حقبة جيوسياسية جديدة”. مشيراً إلى أن الوقت قد حان لتوسيع الشراكات الإستراتيجية مع الدول المحورية في المنطقة، وعلى رأسها تركيا.

وقال ميرتس في تدوينة على حسابه في منصة “إكس”: “علينا أن نستغل الإمكانات الكبيرة لعلاقاتنا مع تركيا بشكل أفضل. ويمكننا هنا البناء على أسس متينة”، في إشارة إلى العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين. خاصة في مجالات الاقتصاد والطاقة والدفاع.

رفع القيود على مبيعات السلاح بعد العمليات في سوريا

اللقاء بين ميرتس وأردوغان يأتي في مرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين أنقرة وبرلين. بعد أن كانت ألمانيا قد فرضت في عام 2019 قيوداً على تصدير الأسلحة إلى تركيا احتجاجاً على عملياتها العسكرية في شمال سوريا.

لكن تلك القيود رفعت تدريجياً بعد عام 2022. في ضوء تغيّر الأولويات الأمنية الأوروبية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول خلال زيارته الأخيرة لأنقرة أنه “لا توجد أي قيود على تركيا حالياً”. مشدداً على أن “تركيا شريك موثوق ومحوري في حلف الناتو، ومن الطبيعي أن تتعاون صناعتانا الدفاعيتان بشكل وثيق للغاية”.

الملف السوري في صدارة المباحثات

بحسب مصادر دبلوماسية تركية، احتل الملف السوري مساحة واسعة من المحادثات بين الزعيمين. إذ شدد أردوغان على ضرورة رفع العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا ودعم جهود إعادة الإعمار.

وتؤكد أنقرة أن تحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية في سوريا يمثل عاملاً رئيسياً في تشجيع اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم طواعية. مشيرة إلى أن ما يزيد على نصف مليون سوري عادوا بالفعل إلى مناطقهم بعد سقوط نظام بشار الأسد، مع توقعات بارتفاع العدد إذا استمرت حالة الاستقرار.

من جهته، أبدى ميرتس تفهّماً للرؤية التركية، مشيراً إلى أهمية التعاون الأوروبي – التركي في دعم الاستقرار الإقليمي. وأضاف أن ألمانيا “تدرك أن استقرار سوريا ينعكس بشكل مباشر على أمن أوروبا ويقلل من موجات الهجرة غير الشرعية”.

إعادة إعمار سوريا ودعم التنمية

تركز أنقرة منذ فترة على حشد الدعم الدولي لإعادة إعمار سوريا، مؤكدة أن هذا الملف لا يخدم مصالحها وحدها. بل يساهم في تحقيق الاستقرار العام في الشرق الأوسط· وتشير التقديرات إلى أن تركيا تعمل على إنشاء مناطق اقتصادية آمنة في شمال سوريا بالتعاون مع شركاء أوروبيين، لتوفير فرص عمل وإعادة تنشيط الاقتصاد المحلي·

وتسعى الحكومة التركية إلى إقناع الاتحاد الأوروبي بأن دعم مشاريع إعادة الإعمار ورفع العقوبات سيسهم في خفض معدلات الهجرة نحو أوروبا، وهو ما يتوافق مع مصالح الطرفين·

اتفاق 2016 والهجرة السورية

لا يزال ملف اللاجئين السوريين أحد أبرز محاور التعاون بين أنقرة وبرلين· فمنذ اتفاق عام 2016 بين تركيا والاتحاد الأوروبي برعاية ألمانيا والمستشارة السابقة أنجيلا ميركل، لعبت أنقرة دوراً أساسياً في إدارة أزمة اللجوء ومنع تدفق موجات كبيرة من اللاجئين إلى أوروبا·

ورغم أن المشهد السوري تغيّر جذرياً خلال السنوات الأخيرة، فإن التعاون في هذا المجال ما يزال قائماً· وأكد ميرتس أن بلاده ستواصل التنسيق مع تركيا لتأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وضمان عودة آمنة وكريمة للاجئين السوريين إلى وطنهم·

رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة

تسعى كل من تركيا وألمانيا إلى إعادة رسم ملامح التعاون في الشرق الأوسط بما يتماشى مع التحولات الجديدة بعد انتهاء الصراع السوري وسقوط النظام السابق· ويرى مراقبون أن هذه الزيارة تمثل انطلاقة جديدة في العلاقات الثنائية، وقد تمهد لمرحلة من الشراكات الاقتصادية والاستثمارية الممتدة بين الجانبين·

ومن المتوقع أن يعقد المسؤولون الأتراك والألمان خلال الأسابيع المقبلة اجتماعات متابعة لمناقشة تفاصيل التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والصناعات الدفاعية، وإعادة إعمار البنية التحتية السورية، إضافة إلى بحث ملفات التعليم والتبادل الثقافي بين الجامعات التركية والألمانية·

ختام الزيارة

الملف السوري:اختتمت الزيارة برسالة مشتركة أكدت على أهمية استمرار الحوار الدبلوماسي بين البلدين.وضرورة العمل المشترك من أجل استقرار سوريا والمنطقة. وشدد الطرفان على أن التعاون الألماني – التركي لا يقوم فقط على المصالح، بل على رؤية مشتركة لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً في الشرق الأوسط وأوروبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى