أخبار سياسية

تأسيس حزب سياسي في دمشق: خطوة جديدة يقودها الرئيس أحمد الشرع

تأسيس حزب سياسي في دمشق: خطوة جديدة يقودها الرئيس أحمد الشرع

تأسيس حزب سياسي في دمشق:تشهد العاصمة السورية دمشق حراكاً سياسياً لافتاً تمهيداً لتأسيس حزب سياسي جديد. ينسب للرئيس أحمد الشرع، ويشرف على ترتيبه وزير الخارجية أسعد الشيباني، الذي يوصف بأنه “عرّابه” السياسي. يجري ذلك وسط أجواء من السرية والتنظيم الدقيق داخل الأمانة العامة للشؤون السياسية. في خطوة يرى فيها مراقبون مقدمةً لتأسيس نظام حزبي جديد في سوريا بعد سنوات من حكم الفرد والهيمنة الأمنية.

خطوات استباقية قبل قانون الأحزاب الجديد

بحسب ما نقلته صحيفة المدن اللبنانية، تأتي هذه التحضيرات قبل صدور قانون الأحزاب الجديد المنتظر. والذي سيقرّ بموجب الإعلان الدستوري الذي وقّعه الرئيس الشرع في آذار الماضي. محدداً المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، تتخللها إعادة هيكلة شاملة للمؤسسات السياسية والإدارية.
ويرى مراقبون أن الشروع في تشكيل الحزب قبل صدور القانون خطوة محسوبة. تهدف إلى ضمان وجود إطار سياسي متكامل يمثل الرئيس الشرع داخل الساحة الحزبية المقبلة. بحيث يشكّل الحزب الجديد الذراع السياسية الرسمية للسلطة التنفيذية.

إشراف الأمانة العامة للشؤون السياسية

تشرف الأمانة العامة للشؤون السياسية في وزارة الخارجية على عملية اختيار أعضاء الحزب بشكل شبه مباشر، بالتنسيق مع مكاتبها في المحافظات·
وتجري الاتصالات، وفق مصادر رسمية، عبر قنوات ضيقة وضمن دوائر مغلقة بعيداً عن الإعلام، حيث يتم انتقاء الأعضاء بعناية فائقة، مع التركيز على الشخصيات التي أظهرت ولاءً للدولة الجديدة، سواء من قيادات الفصائل السابقة أو من الإداريين الذين انخرطوا في مؤسسات الحكومة الانتقالية·

ويؤكد المطلعون أن الأمانة السياسية تعمل على بناء نواة تنظيمية للحزب تتكوّن من كوادر شبابية وإدارية وأمنية. يتم تدريبها حالياً على العمل الحزبي والإعلامي، تمهيداً لإطلاق النشاط الرسمي فور إقرار القانون الجديد من مجلس الشعب.

الشيباني·· مهندس الدبلوماسية والعقل السياسي للرئيس

يلعب وزير الخارجية أسعد الشيباني الدور الأبرز في مشروع تأسيس الحزب الجديد. فإلى جانب علاقاته الدولية الواسعة التي رسّخها منذ توليه الوزارة. ينظر إليه كشخصية تجمع بين الخبرة الميدانية والإدارية والقدرة على التنسيق بين التيارات داخل الحكومة.
وقد عرف الشيباني في الأوساط السياسية المقربة من الشرع بأنه “مهندس العلاقات الخارجية” للدولة السورية الجديدة، وعرّاب التحركات السياسية الداخلية التي تهدف إلى بناء قاعدة حزبية داعمة للرئيس·

ويصف مصدر حكومي الدور الذي يؤديه الشيباني بأنه “إشرافي وتوجيهي”، إذ يقود عملية التأسيس من خلف الكواليس، بينما تتولى الأمانة العامة التفاصيل التنظيمية، ويُتوقع أن يتولى الحزب لاحقاً مهمة التنسيق السياسي بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني·

بين التعددية الحقيقية وإعادة إنتاج الماضي

الخطوة التي يجري التحضير لها أثارت تبايناً في الآراء داخل الأوساط السياسية السورية· فبينما يرى البعض أن تأسيس الحزب يعكس بداية مرحلة سياسية جديدة، تقوم على التعددية والمنافسة القانونية، يخشى آخرون أن تتحول الأمانة العامة للشؤون السياسية إلى نسخة محدثة من حزب البعث، الذي سيطر لعقود على الحياة السياسية في سوريا، وحوّل التعددية إلى واجهة شكلية·

ويرى محللون أن مستقبل الحزب الجديد سيعتمد على مدى استقلاليته عن الأجهزة الرسمية، وقدرته على استقطاب أعضاء من خارج الدائرة الضيقة للرئيس· فإذا بقي الحزب مرتبطاً حصراً بالرئاسة أو بالخارجية، فسيُنظر إليه كامتداد إداري لا ككيان سياسي حقيقي·
أما إذا اتّجه نحو بناء قاعدة مجتمعية وفتح المجال أمام الأحزاب الأخرى، فسيُسجَّل له أنه أول حزب وطني يؤسس لمرحلة سياسية تعددية منذ أكثر من نصف قرن·

حزب الدولة الجديدة أم أداة للسلطة؟

تؤكد المعلومات المسربة أن الحزب سيعلن عنه رسمياً فور صدور قانون الأحزاب، الذي سيتيح إنشاء أحزاب سياسية بإجراءات مرنة شرط عدم امتلاكها أجنحة مسلحة أو تمويل خارجي.
وبحسب المصادر، فإن الحزب الجديد سيقدَّم بوصفه “حزب الدولة الجديدة”. أي الحزب الذي يمثل مشروع الإصلاح الإداري والسياسي الذي يقوده الرئيس الشرع، ضمن مسار الانتقال نحو دولة المؤسسات·

ويشير مراقبون إلى أن هذه الخطوة تأتي في وقت يحاول فيه الشرع بناء شرعية سياسية جديدة، بعد أن تمكن من إنهاء المرحلة العسكرية وتثبيت الأمن في معظم المحافظات·
ويرى آخرون أن تأسيس الحزب يهدف أيضاً إلى استيعاب النخب السياسية والإدارية التي برزت بعد سقوط النظام السابق، وإعادة تنظيمها ضمن إطار موحد، يمنع تشتت الولاءات أو ظهور تيارات معارضة داخل السلطة ذاتها·

السياق السياسي والرمزية الزمنية

توقيت التحضير لتأسيس الحزب يحمل دلالات مهمة· فبعد حملة مكافحة الفساد التي طالت شخصيات مقربة من الرئيس. بما في ذلك شقيقه جمال الشرع، يسعى الرئيس إلى إعادة رسم صورة السلطة من خلال فصلها عن النفوذ العائلي، واستبداله بنفوذ حزبي منظم·
ويبدو أن الشرع يريد الانتقال من حكم قائم على الكاريزما الشخصية والفصائلية إلى حكم مؤسساتي يعتمد على أحزاب سياسية شرعية، بما ينسجم مع متطلبات المرحلة الانتقالية والإصلاحات الدستورية·

ويقول أحد المحللين السياسيين في دمشق إن “الشرع يدرك أن بناء دولة بلا حزب سياسي مؤسسي يشبه السير على أرض رخوة”، مضيفاً أن “الحزب الجديد سيكون بمثابة الإطار الذي يوحّد النخبة الحاكمة ويمتص الخلافات الداخلية”·

نحو مشهد حزبي جديد؟

تأسيس حزب سياسي في دمشق:رغم السرية التي تحيط بالتحضيرات، تشير مصادر قريبة من الحكومة إلى أن الحزب سيضم في عضويته عدداً من الوزراء الحاليين والسابقين، إلى جانب ممثلين عن النقابات والاتحادات، وربما بعض القيادات العسكرية المتقاعدة·
كما يجري الحديث عن إمكانية استحداث جناح شبابي وجناح نسائي داخل الحزب، بهدف تعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق حضور أوسع في مختلف الفئات العمرية·

وفي حال تم إطلاق الحزب رسمياً، فسيكون ذلك أول تجربة سياسية منظمة منذ عقود، تخرج من رحم السلطة لكنها تسعى لتشكيل حياة سياسية جديدة·
غير أن التحدي الأكبر سيكمن في إثبات استقلالية الحزب وقدرته على لعب دور سياسي فعّال بعيداً عن البيروقراطية أو التبعية المطلقة للرئاسة·

 

إقراء المزيد:

الدماغ لا يحب التغيير: كيف تعيد برمجة عقلك لتقبّل البداية؟

الرئيس الشرع من الرياض: العالم يستطيع الاستفادة من سوريا كممر تجاري

تسوية أنقرة مع حزب العمال الكردستاني·· هل تمهّد لتفاهمات أوسع في سوريا؟

سوريا تعترف بكوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة

الرئيس أحمد الشرع يستقبل وزير الخارجية الألماني في دمشق

الرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية: يعزز التعاون الاستثماري خلال زيارته إلى الرياض

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى