توقف إصدار البطاقات الشخصية في سوريا.. أزمة تعرقل حياة العائدين واللاجئين
توقف إصدار البطاقات الشخصية في سوريا.. أزمة تعرقل حياة العائدين واللاجئين
توقف إصدار البطاقات الشخصية في سوريا·· يشكّل توقف إصدار البطاقات الشخصية في سوريا واحدة من أبرز الأزمات الإدارية والبيروقراطية التي يواجهها المواطنون اليوم. سواء داخل البلاد أو خارجها· فآلاف السوريين، خصوصاً العائدين من النزوح أو من بلدان اللجوء. يجدون أنفسهم مضطرين لخوض رحلات إدارية مرهقة فقط لإكمال معاملة بسيطة، بسبب غياب بطاقة الهوية التي تُعد الوثيقة الأولى والأساسية في أي إجراء رسمي.
هوية غائبة··· ومعاملات متوقفة
توقف إصدار البطاقات الشخصية لم يجمّد فقط حياة الأفراد. بل أعاد الكثيرين إلى الوراء سنوات، حيث تحوّل “بيان القيد الفردي المدني” أو ما يُعرف بـ إخراج القيد إلى بديل مؤقت لا غنى عنه. إلا أن استخراج هذه الوثيقة ليس سوى بداية معاناة جديدة، لأنها تتطلب سلسلة من الأختام والمراجعات تبدأ من السجل المدني، ثم المختار، ثم البلدية، وكل ذلك مقابل تكاليف مالية إضافية.
عبد الملك، طالب جامعي عاد إلى بلدته بعد سنوات من النزوح، وجد نفسه محاصراً بالروتين الإداري. فلكي يكمل معاملة بسيطة تتعلق بنقل قيده الجامعي، يحتاج إلى وثائق متتالية، كلها تبدأ من وثيقة القيد البديلة، وتنتهي بختم من المختار وآخر من البلدية· يقول عبد الملك:
“استخرجت ثلاث نسخ من إخراج القيد خلال أيام قليلة، لأن كل معاملة تطلب نسخة جديدة، وهذا استنزف وقتي ومالي·”
العمل مرهون بورقة… ولا بطاقة!توقف إصدار البطاقات الشخصية في سوريا
الأزمة لا تطال الطلبة فقط، بل تمتد لتشمل الباحثين عن عمل والمتقدمين للمسابقات الوظيفيةظ. إحدى المتقدمات لمسابقة الترجمة بوزارة العدل اضطرت هي الأخرى إلى رحلة شاقة للحصول على وثيقة بديلة. لا خيار أمامها: المسابقة تطلب هوية شخصية، والبديل الوحيد هو وثيقة قيد ممهورة وموقعة من ثلاث جهات.
أما في المناطق المحررة حديثاً، فالأزمة تبدو أكثر تعقيداً: لا بطاقات شخصية تستخرج، ولا وسيلة لإصدارها، ما يضع آلاف العائدين أمام فراغ قانوني وإداري يمنعهم من إعادة بناء حياتهم.
منعطف خطير: اللاجئون والعودة المحظورة
يتجاوز أثر المشكلة حدود سوريا، لتصيب اللاجئين السوريين في الخارج مباشرة. فالكثيرون منهم لا يستطيعون دخول سوريا بجواز سفرهم، لأن هذا قد يهدد ملفات لجوئهم، خاصة في أوروبا. يعود البعض عبر لبنان أو الأردن، ويدخلون سوريا باستخدام البطاقة الشخصية، لكن اليوم، لم يعد هذا الخيار متاحاً لمن لا يملك بطاقة أصلاً.
مروان، شاب يعيش في ألمانيا تحت بند الحماية، يقول إنه حُرم من رؤية أهله منذ 12 عاماً. فقط لأنه لا يملك بطاقة شخصية. خرج من سوريا وهو في الـ16 من عمره. ولم يصدر بطاقة بسبب الحرب، واليوم يخشى أن يُسجل دخوله على جواز السفر السوري فيتم ترحيله·
“أستطيع الذهاب إلى لبنان، لكن لا أستطيع دخول سوريا بلا بطاقة، ولا يوجد حل آخر.”
صمت رسمي·· وموظفون تحت الضغط
داخل مبنى السجل المدني في دمشق، يقف العشرات للحصول على أوراق ثبوتية بديلة، فيما لا توجد أي إجابة واضحة من الجهات الرسمية حول موعد استئناف إصدار الهويات· موظف في السجل المدني قال — بشرط عدم كشف اسمه — إنه لا توجد خطة زمنية، ولا معلومات حتى لدى المدراء:
“دائماً يقولون إن المشكلة مرتبطة بالبنية التحتية والهوية البصرية الجديدة، ولكن لا أحد يعرف متى تنتهي·”
أزمة وثيقة·· أم أزمة ثقة؟
يرى المختص في الإدارة العامة محمد الثلاج أن توقف إصدار الهويات يضر بعمق الثقة العامة بمنظومة الدولة، ويزيد الضغط على المؤسسات الخدمية· ويقترح حلولاً عاجلة، أبرزها:
الاعتراف القانوني بـ بيان القيد المدني مع الباركود دون الحاجة للأختام
السماح بالتصوير والمصادقة الرقمية دون حضور شخصي كل مرة
تفعيل إصدار الهويات في السفارات والقنصليات للسوريين في الخار ج
مفتاح الحياة غائب
بطاقة الهوية اليوم ليست مجرد تعريف بالاسم — إنها مفتاح تسجيل الطلاب، توثيق العقارات، إجراء المعاملات، التوظيف، الدخول والخروج، وحتى الزواج·
في سوريا اليوم، ملايين المواطنين يعيشون بلا مفتاح·
كل معاملة تصبح معركة·
كل ورقة تكلّف وقتاً ومالاً وتعطيلاً·
وكل يوم يمرّ من دون حل، يتعمّق العجز الإداري والاجتماعي·
إنها ليست أزمة وثيقة فقط… إنها أزمة دولة تحتاج أن تعيد للمواطن وثيقته الأساسية: حقه في الوجود القانوني·
إقراء المزيد:
الدماغ لا يحب التغيير: كيف تعيد برمجة عقلك لتقبّل البداية؟
وزارة الاتصالات تطالب سيريتل وMTN بتوضيح مفصل للباقات الجديدة
إحباط محاولة هروب لعناصر داعش من سجن غويران في الحسكة بدعم من التحالف الدولي
التعاون التركي السوري المدني:اجتماع نائب وزير الخارجية التركي مع منظمات
علاقة دمشق مع واشنطن بعد زيارة الشرع·· اختبار لقنوات التنسيق الأمني شرق الفرات



