أخبار محلية

جامعة حمص تبدأ إعادة الأساتذة المفصولين للعمل بعقود مؤقتة تمهيدًا لتثبيتهم رسميًا

جامعة حمص تبدأ إعادة الأساتذة المفصولين للعمل بعقود مؤقتة تمهيدًا لتثبيتهم رسميًا

جامعة حمص:في مشهد يعكس تحوّلًا نوعيًا في سياسة التعليم العالي بعد سقوط النظام المخلوع. أعلنت جامعة حمص اليوم الثلاثاء عن بدء إجراءات إعادة أعضاء الهيئة التدريسية الذين فصلوا خلال سنوات الثورة. وذلك عبر عقود مؤقتة تتيح لهم العودة إلى العمل الأكاديمي ريثما تصدر الجهات الرسمية قرارات التثبيت النهائية.
هذا القرار، الذي جاء بعد أحد عشر شهرًا من سقوط النظام. يعتبر من أبرز الخطوات الإصلاحية في مجال التعليم الجامعي، ويعبّر عن توجه جديد نحو استعادة الكفاءات والخبرات الأكاديمية التي خسرتها الجامعات السورية خلال السنوات الماضية·

العودة بعقود مؤقتة تمهيدًا للتثبيت

وفق التعميم الصادر عن إدارة الجامعة. دعي الأساتذة المفصولون إلى مراجعة الإدارة المركزية لإبرام عقود خبرة مؤقتة مباشرة. إلى حين صدور قرارات إعادتهم رسميًا إلى مواقعهم الأكاديمية.
وأوضح سامر السليمان، مدير الإعلام الحكومي في حمص، أن هذا الإجراء يهدف إلى تسهيل عودة الأساتذة إلى مهامهم التدريسية بسرعة، دون انتظار الإجراءات الإدارية الطويلة المرتبطة بقرارات التثبيت الرئاسية·

وأشار السليمان إلى أن القرار جاء مكمّلًا لتوجيهات وزارة التعليم العالي الصادرة قبل أيام. والتي شددت على ضرورة الحفاظ على الكوادر المفصولة وربطها مجددًا بالجامعات السورية إلى حين تسوية أوضاعها القانونية، مؤكدًا أن الخطوة تهدف إلى “إعادة الدماء الأكاديمية إلى الجامعات وإعادة بناء بيئة علمية متوازنة”·

قرارات مكملة من حلب وباقي الجامعات

لم تقتصر الخطوة على جامعة حمص فقط، إذ أصدرت جامعة حلب أمس قرارًا مماثلًا يقضي ببدء استقبال طلبات الكوادر المفصولة، لتبرم عقودًا مؤقتة تمهّد لإعادتها إلى كلياتها السابقة·
ويرى مراقبون أن هذا التزامن بين الجامعات السورية يشير إلى توجه وطني شامل لإصلاح المنظومة الأكاديمية، وإعادة الاعتبار للمئات من الأساتذة الذين تم فصلهم لأسباب سياسية خلال سنوات القمع التي مارسها النظام المخلوع·

ويُتوقع أن تتبع جامعات دمشق وتشرين والبعث الخطوة ذاتها في الأسابيع المقبلة، ضمن سياسة “الاحتواء الأكاديمي” التي أطلقتها وزارة التعليم العالي، والتي تهدف إلى تحقيق مصالحة علمية داخل الجامعات بين مختلف المكوّنات الفكرية والأكاديمية·

تحديات التطبيق وإشكاليات العقود المؤقتة

ورغم الترحيب العام بهذه الخطوة، إلا أن هناك تساؤلات عديدة حول آليات التنفيذ. خصوصًا فيما يتعلق بالحقوق المالية للأساتذة خلال فترة التعاقد المؤقت، مثل الرواتب والمكافآت والتأمينات الاجتماعية.
فحتى الآن لم تعلن جامعة حمص تفاصيل واضحة عن التعويضات المالية أو الجدول الزمني لاستقبال الطلبات. وهو ما يثير قلق بعض الأساتذة العائدين الذين يخشون أن تكون العقود المؤقتة مرحلة انتقالية غير مضمونة.

مع ذلك، أكّد السليمان أن الهدف ليس استبدال الكادر الحالي، بل إعادة بناء الجسم الأكاديمي تدريجيًا وضمان استمرار العملية التعليمية دون تعطيل. وأضاف أن جميع الكوادر المفصولة، أو الذين تركوا عملهم بسبب سياسات النظام السابق. ستقبل طلباتهم دون استثناء، وهو ما يعدّ خطوة تصالحية غير مسبوقة في تاريخ الجامعات السورية.

إصلاح التعليم العالي بعد مرحلة الانقسام

منذ سقوط النظام، تبنّت الحكومة الانتقالية سياسة إعادة هيكلة شاملة لقطاع التعليم. ترتكز على المصالحة الأكاديمية واستعادة الكفاءات التي هاجرت أو فصلت. ويعتبر قرار جامعة حمص تطبيقًا عمليًا لهذا التوجّه. إذ يعيد الاعتبار إلى عشرات الأساتذة الذين فقدوا وظائفهم بسبب مواقفهم السياسية أو نشاطهم الأكاديمي الحر.

ويؤكد مراقبون أن هذه الخطوة ستسهم في رفع مستوى التعليم الجامعي من جديد. بعد سنوات من تراجع التصنيف العلمي للجامعات السورية وتدهور جودة التدريس والبحث العلمي.
كما يرى مختصون أن الاستعانة بالكوادر المفصولة تعني استعادة ذاكرة علمية مفقودة. إذ إن الكثير من هؤلاء الأساتذة كانوا من أصحاب الخبرات في مجالات الطب والهندسة والعلوم الإنسانية. وقد تفرّقوا في بلدان اللجوء خلال السنوات الماضية.

دلالات سياسية واجتماعية

لا يمكن فصل هذا القرار عن المشهد السياسي الأوسع في سوريا الجديدة، حيث تعمل الحكومة على ترميم المؤسسات الوطنية وإعادة الثقة بها·
إعادة الأساتذة المفصولين تمثل، وفق المراقبين، رسالة مصالحة وطنية تؤكد أن المرحلة الحالية تسعى إلى تجاوز الانقسامات القديمة، وترسيخ قيم العدالة والمواطنة بدل الإقصاء والتمييز·

كما أن هذه الخطوة تعكس رغبة القيادة الجديدة في إعادة الاعتبار للعلم والتعليم كركيزة أساسية لإعادة بناء الدولة، خصوصًا في ظل الحاجة الملحّة لإعداد جيل جديد من الكوادر القادرة على قيادة عملية الإعمار والتنمية·

نحو جامعة سورية جديدة

جامعة حمص:إذا ما تم تنفيذ القرار بفعالية، فإن جامعة حمص ستكون نموذجًا يحتذى به لباقي الجامعات في كيفية إدارة مرحلة ما بعد الانقسام.
فالعقود المؤقتة ليست فقط وسيلة إدارية. بل جسر عبور نحو إعادة التوازن الأكاديمي وخلق بيئة تعليمية قائمة على الكفاءة لا على الولاء السياسي.

وفي نهاية المطاف، يمثل هذا القرار أكثر من مجرد إجراء إداري. إنه خطوة رمزية نحو شفاء الجرح الأكاديمي السوري، وإعادة الاعتبار لهيبة الجامعة كمؤسسة علمية مستقلة وفاعلة في مسار بناء الوطن الجديد.

 

إقراء المزيد:

الدماغ لا يحب التغيير: كيف تعيد برمجة عقلك لتقبّل البداية؟

منهاج قسد بلا اعتراف: مجلس الكنائس يرفض منهاج قسد ويفرض المنهاج الحكومي

إحباط محاولة تهريب الكبتاغون عبر معبر نصيب الحدودي في درعا

تطوير التعليم العالي: وزير التعليم يطلق خطة شاملة لتطوير التعليم العالي

وزارة الداخلية السورية تكشف نتائج تحقيقات حول مزاعم اختطاف النساء في الساحل السوري

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى