أخبار اقتصادية

الجفاف في سوريا يهدد إنتاج القمح ويضع الأمن الغذائي أمام اختبار قاسٍ

الجفاف في سوريا يهدد إنتاج القمح :تشهد سوريا أسوأ موسم زراعي منذ نحو ستة عقود، نتيجة جفاف غير مسبوق يضرب معظم المناطق الزراعية، مهدداً محصول القمح، المصدر الأساسي للغذاء في البلاد، في وقتٍ تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية وإنسانية متراكمة.

أزمة مناخية غير مسبوقة

وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، فإن ما يقارب 2.5 مليون هكتار من الأراضي المزروعة بالقمح قد تضررت هذا العام، في ظل ظروف مناخية تُعدّ “الأقسى منذ أكثر من 60 عاماً”. وتشير تقديرات المنظمة إلى أن نحو 75% من الأراضي الزراعية والمراعي الطبيعية قد تأثرت بالجفاف، ما قد ينعكس سلباً على إنتاج المحاصيل ومصادر العيش لملايين السوريين.

تراجع إنتاج القمح إلى مستويات حرجة

تشير التوقعات إلى أن إنتاج القمح المروي سينخفض بنسبة تتراوح بين 30 و40% مقارنة بالمواسم المعتادة، في حين تعرّض القمح البعلي (الذي يعتمد على الأمطار) إلى تلف كارثي تصل نسبته إلى 95% في بعض المناطق، ما يهدد بتحقيق واحدة من أدنى نسب الإنتاج منذ عقود.

“تُقدّر منظمة “فاو” أن نقص الإنتاج هذا العام قد يبلغ نحو 2.7 مليون طن، ما يُنذر بحدوث أزمة غذائية حادة تهدد أكثر من 16 مليون شخص داخل سوريا.”

تنافس حكومي وإقليمي على المحصول

تزداد تعقيدات المشهد مع الصراع بين الحكومة المركزية في دمشق و”الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا، حيث يسعى كل طرف إلى اجتذاب الفلاحين لبيع محاصيلهم عبر تسعير تنافسي.

ففي حين حددت وزارة الاقتصاد السورية السعر الرسمي للقمح بين 290 و320 دولاراً للطن مع مكافآت إضافية، عرضت الإدارة الذاتية سعراً أعلى وصل إلى 420 دولاراً للطن، في محاولة واضحة لتعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة.

العودة إلى الاستيراد لتغطية النقص

في ظل هذا الانهيار الكبير في الإنتاج، تتجه الحكومة السورية مجدداً نحو الاستيراد لتأمين جزء من حاجتها من القمح، بعد أن كانت سوريا دولة مكتفية ذاتياً بهذا المحصول قبل عام 2011. وقد أعلنت وزارة الزراعة عن توقعاتها بإنتاج ما بين 300 و350 ألف طن فقط، في حين تسعى المؤسسة العامة للحبوب إلى استيراد ما بين 250 إلى 300 ألف طن لتعويض الفجوة.

وتلقى القطاع الزراعي في سوريا مساعدات من دول حليفة؛ فقد وصلت شحنات قمح من روسيا والعراق خلال الأشهر الماضية، ضمن جهود لتفادي تفاقم الأزمة.

تهديدات طويلة الأمد للأمن الغذائي

رغم تلك التحركات، إلا أن الخبراء يحذرون من أن استمرار الجفاف وفشل السياسات الزراعية التشاركية سيقود البلاد إلى مزيد من الارتهان للاستيراد، وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي، خصوصاً في المناطق الريفية والفقيرة.

وتُظهر الأزمة الحالية الحاجة الماسّة إلى سياسات مناخية وزراعية مستدامة، تشمل تحسين إدارة الموارد المائية، وتشجيع استخدام بذور مقاومة للجفاف، وتعزيز الدعم للفلاحين لمواجهة الظروف المتطرفة.


خلاصة

إن الجفاف الحالي لا يُعد فقط أزمة بيئية، بل يشكّل تحدياً وجودياً لقطاع الزراعة السوري وللاقتصاد الوطني ككل. ومع تفاقم الأزمة المناخية وانقسام السياسات الزراعية بين الأطراف المختلفة، يبدو أن القمح السوري يواجه مصيراً غامضاً، وسط تنافس داخلي وضغوط خارجية تستهدف أهم ركائز الأمن الغذائي في البلاد.


إقراء المزيد:

البنك الدولي يموّل سوريا بـ146 مليون دولار لدعم الكهرباء وإنعاش الاقتصاد

الرئيس الشرع يؤكد تضامن بلاده مع قطر ويُدين الهجوم الإيراني على قاعدة العديد

مرشح قيادة “سنتكوم”: بقاء القوات الأميركية في سوريا ضروري لمنع عودة “داعش”

تشكيل غرفة تنسيق مشتركة في درعا: خطوة لتعزيز الاستقرار ومواجهة الفوضى الأمنية

سوريا تحت المجهر الأميركي: جولة نيويورك تايمز في مدن ما بعد الحرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى