
الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا: مشروع استراتيجي لتعزيز أمن الطاقة
الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا: في خطوة تشير إلى تحولات لافتة في مشهد الطاقة الإقليمي، أعلنت الحكومة السورية رسميًا عن انطلاق مشروع نقل الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر الأراضي التركية، بدعم مباشر من دولة قطر· هذا التطور يمثل نقلة نوعية في الجهود الرامية إلى تأهيل البنية التحتية للطاقة في سوريا وتخفيف أزمة الكهرباء التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة·
مسار استراتيجي وخط إمداد جديد
المشروع، الذي انطلقت أعماله الميدانية من منطقة “قره مزرعة” في ريف حلب الشمالي، يُعد أول تعاون من نوعه بين دمشق وأنقرة بعد سنوات من القطيعة· ويمتد خط الغاز من الأراضي التركية ليتصل بشبكة خطوط الغاز السورية، عبر نقطة حدودية تم تجهيزها لتكون محورًا حيويًا لتوزيع الغاز نحو محطات توليد الكهرباء في الشمال والوسط السوري·
وزير الطاقة السوري محمد البشير أكد في تصريحات رسمية أن هذا الخط “سيساهم بشكل مباشر في استقرار قطاع الكهرباء”، مشيرًا إلى أن المشروع تم بتمويل قطري وتسهيلات فنية تركية وأذربيجانية·
أبعاد سياسية واقتصادية
يحمل المشروع أبعادًا تتجاوز الجانب الخدمي، إذ يُنظر إليه كجزء من مسار إعادة تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، ضمن تفاهمات إقليمية برعاية قطرية وروسية· كما يعكس استعداد أطراف إقليمية للاستثمار في مستقبل أكثر استقرارًا لسوريا، عبر دعم مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية·
أما اقتصاديًا، فإن ضخ الغاز الأذري سيوفر مصدرًا طاقويًا مستقرًا لمحطات الكهرباء في سوريا، مما يحد من الاعتماد على الوقود السائل المكلف والملوث بيئيًا· ويُتوقع أن ينعكس هذا على تحسن ملحوظ في التغذية الكهربائية، خاصة في المناطق الحضرية التي تعاني من انقطاعات مزمنة·
تحديات التنفيذ وآفاق التوسعة
ورغم أهمية المشروع، إلا أن تحديات عديدة ما تزال قائمة، أبرزها أمن خطوط الإمداد، والقدرة على صيانة الشبكات المتضررة بفعل الحرب· إلا أن مسؤولين في وزارة الطاقة أشاروا إلى وجود خطة طوارئ شاملة لحماية الخط وضمان استمرارية التشغيل، بالتنسيق مع “قوات سوريا الديمقراطية” والشرطة العسكرية السورية·
كما تتضمن المرحلة الثانية من المشروع ربط محطات الغاز في ريف حمص بخط الإمداد الجديد، وتحديث شبكة التحويل بما يتيح الاستفادة القصوى من الغاز المستورد·
قطر·· شريك استراتيجي جديد
اللافت أن الدور القطري لم يقتصر على التمويل، بل شمل المشاركة في التخطيط والدعم التقني· ويُتوقع أن يتوسع هذا التعاون ليشمل مشاريع طاقة شمسية ومائية مستقبلًا، في إطار “مبادرة الاستقرار الطاقي” التي أطلقتها الدوحة بالتنسيق مع الأمم المتحدة·
في الختام
يمثل تدفق الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا خطوة عملية نحو إعادة بناء قطاع الطاقة السوري المنهك· كما يفتح الباب أمام مسارات تعاون إقليمي غير مسبوقة، قد تُعيد رسم خارطة التحالفات في الشرق الأوسط على أسس اقتصادية وتنموية، بعيدًا عن لغة المواجهة والنزاع التي سيطرت لسنوات طويلة·
إقراء المزيد:
لجنة اقتصادية مشتركة بين سوريا وروسيا 2025: نحو شراكة استراتيجية جديدة
التوترات الطائفية السورية تمتد إلى ألمانيا·· انعكاسات الأزمة السورية في المهجر
الفراغ السياسي في الساحل السوري بعد سقوط الأسد
وفاة يوسف اللباد في دمشق: روايات متضاربة وتساؤلات بلا إجابات
رواتب موظفين في السويداء تتعرض لسطو مسلح يعيق عمليات الصرف