روسيا تسلم نفط وغاز لسوريا: دعم متجدد وسط تحديات الطاقة
روسيا تسلم نفط وغاز لسوريا: دعم متجدد وسط تحديات الطاقة
روسيا تسلم نفط وغاز لسوريا:في خطوة جديدة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين موسكو ودمشق. كشفت وكالة رويترز يوم الأربعاء أن روسيا تستعد لتسليم شحنة ضخمة من النفط والغاز إلى سوريا. تقدر بنحو 750 ألف برميل من الخام والمكثفات الغازية. عبر ميناء بانياس الواقع على الساحل السوري. تأتي هذه الشحنة في وقتٍ تواجه فيه سوريا أزمة طاقة خانقة. نتيجة النقص المستمر في الوقود وتعطل جزء كبير من البنية التحتية النفطية خلال سنوات الحرب الطويلة.
تفاصيل الشحنة الروسية إلى سوريا
وفقًا لبيانات مجموعة بورصات لندن (LSEG)، فإن الشحنة الروسية تتألف من مزيج من نفط “أركو القطبي الثقيل” ومكثفات الغاز. وهو نوع من النفط الخفيف عالي القيمة، سيُنقل على متن الناقلة “أنتاركتيكا”، وهي سفينة من طراز “أفراماكس” القادرة على حمل ما بين 700 إلى 800 ألف برميل من النفط الخام·
وتظهر بيانات تتبّع السفن أن الناقلة ترسو حاليًا بالقرب من ميناء بانياس. تمهيدًا لتفريغ الشحنة خلال الأيام القليلة القادمة· ويتوقع أن تشكّل هذه الكمية دفعة مهمة لقطاع الطاقة السوري، الذي يعاني من تراجع حاد في الإنتاج المحلي، واعتمادٍ شبه كامل على الواردات النفطية من الحلفاء الروس والإيرانيين·
بانياس·· الشريان النفطي لسوريا
يعد مصفى بانياس من أهم المرافق الحيوية في سوريا، حيث يعتبر المنفذ الرئيسي لواردات النفط القادمة من الخارج. وقد كان هدفًا متكررًا للهجمات خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى توقفه عن العمل عدة مرات·
تقوم المصفاة بمعالجة النفط الخام وتحويله إلى مشتقات حيوية مثل البنزين والمازوت والغاز المنزلي. وهي المواد التي تعاني الأسواق السورية من نقصٍ حاد فيها منذ بداية العام. وتؤكد مصادر محلية أن الشحنة الروسية الجديدة تهدف إلى تخفيف الضغط عن السوق المحلية، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء وازدياد الحاجة لمواد التدفئة.
دعم روسي مستمر لدمشق
تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الإمدادات النفطية الروسية المنتظمة إلى سوريا خلال العامين الماضيين. حيث عززت موسكو حضورها الاقتصادي في البلاد إلى جانب نفوذها العسكري.
ووفقًا لمراقبين اقتصاديين، فإن روسيا تحاول عبر هذه الإمدادات الحفاظ على الاستقرار الداخلي في سوريا. ومنع تفاقم الأوضاع المعيشية، خصوصًا في المناطق التي تشهد تحسناً تدريجياً. في الخدمات بعد انتهاء مرحلة الصراع الواسع·
كما يرى آخرون أن هذه الشحنات تحمل أبعاداً سياسية. إذ تمثل رسالة واضحة من موسكو بأن دعمها لدمشق لا يزال ثابتًا رغم انشغالها بملفات أخرى مثل الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية المتزايدة.
في المقابل·· شحنة نفط سعودية في الطريق
بالتوازي مع الشحنة الروسية، كشفت تقارير مواقع تتبّع حركة ناقلات النفط قبل أيام عن ناقلة سعودية ضخمة تحمل اسم “بيتاليدي” (Petalidi). محمّلة بأكثر من مليون برميل من النفط السعودي المخصّص لسوريا.
ما يلفت النظر هو أن السفينة سلكت مسارًا غير معتاد. إذ تجنبت المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس، واتجهت جنوبًا نحو طريق رأس الرجاء الصالح. على أطراف القارة الإفريقية، في رحلة أطول ولكن أكثر أمانًا سياسيًا، حسب مراقبين.
وبحسب بيانات موقع مارين ترافيك (MarineTraffic). وصلت الناقلة إلى جنوب جزيرة مدغشقر، وهي في طريقها إلى البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق جبل طارق. قبل أن تتابع رحلتها إلى ميناء بانياس، حيث من المتوقع أن تصل في منتصف نوفمبر المقبل.
عودة تدريجية للإمدادات النفطية إلى سوريا
تعكس هذه التحركات اتجاهاً واضحاً نحو إعادة تنشيط واردات النفط إلى سوريا من مصادر مختلفة· فبعد سنوات من الاعتماد الحصري تقريباً على الإمدادات الإيرانية، يبدو أن دمشق توسع دائرة شراكاتها النفطية لتشمل روسيا والسعودية·
ويرى مراقبون أن هذا التطور قد يكون مرتبطًا بالتحولات الجارية في المرحلة الانتقالية السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، حيث تعمل الحكومة الجديدة على تنويع مصادر الطاقة وضمان استقرار السوق المحلي عبر اتفاقات مع شركاء إقليميين ودوليين·
ويشير خبراء في قطاع الطاقة إلى أن دخول النفط السعودي مجدداً إلى سوريا يمثل مؤشراً على انفتاح سياسي واقتصادي تدريجي، يمكن أن يساهم في إعادة تأهيل البنية التحتية النفطية وإحياء قطاع الإنتاج المحلي·
تأثير محتمل على الأزمة المعيشية
يأمل المواطنون السوريون أن تؤدي هذه الإمدادات إلى تحسن ملموس في توفر الوقود والكهرباء، خصوصًا مع معاناة البلاد من تقنين كهربائي حاد يصل في بعض المناطق إلى أكثر من 20 ساعة قطع يومياً·
ووفقاً لتقديرات اقتصادية، فإن الشحنة الروسية وحدها قد تكفي لتشغيل محطات الكهرباء والمصافي لعدة أسابيع، بينما يمكن للشحنة السعودية المرتقبة أن تُحدث استقرارًا مؤقتًا في الأسعار وتخفيف الضغط على السوق السوداء·
لكن محللين يؤكدون أن الحل الجذري لأزمة الطاقة في سوريا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إصلاح شامل لقطاع النفط، يتضمن إعادة تشغيل الحقول الشرقية في دير الزور والحسكة، التي لا تزال خارج السيطرة الحكومية، إضافة إلى تحديث المصافي القديمة التي تعمل بكفاءة منخفضة·
موسكو ودمشق: تحالف يتجاوز الجغرافيا
تؤكد هذه التطورات أن العلاقة بين روسيا وسوريا تتجاوز الجانب العسكري إلى شراكة اقتصادية متكاملة· فموسكو لا تزال اللاعب الدولي الأكثر حضوراً في الساحة السورية، سواء عبر الاستثمارات في الموانئ والطاقة والبنية التحتية، أو عبر الدعم الدبلوماسي المستمر في المحافل الدولية·
ويرى مراقبون أن استمرار روسيا في تزويد دمشق بالنفط رغم الضغوط والعقوبات يعكس التزامها بتعزيز نفوذها في شرق المتوسط، والحفاظ على موقعها كحليف استراتيجي للحكومة السورية في مرحلة ما بعد الحرب·
الخلاصة
روسيا تسلم نفط وغاز لسوريا:تسليم روسيا شحنة نفط وغاز جديدة إلى سوريا يمثل خطوة حيوية لتعزيز استقرار قطاع الطاقة السوري.ويؤكد في الوقت ذاته استمرار الدعم الروسي لدمشق في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تحولات كبرى.
ومع وصول الشحنة السعودية المرتقبة خلال الأسابيع القادمة. تبدو بوادر الانفراج الطاقي ممكنة، ولو مؤقتاً، ما قد يمنح الحكومة السورية فرصة لتخفيف الضغوط المعيشية عن المواطنين. واستكمال مشاريع إعادة الإعمار في القطاعات الحيوية.
إقراء المزيد:
خروقات في الشيخ مقصود: “أسايش” تتهم الحكومة السورية بالتصعيد ودمشق تنفي الاتهامات
بعد زيارة الشرع إلى موسكو.. مبعوث بوتين إلى سوريا يلتقي وزير الخارجية الإيراني
الدبلوماسية السورية الجديدة: وزير الخارجية أسعد الشيباني يعلن نيته زيارة الصين
المرسوم 66 في دمشق: المحافظ يربط مصيره بقرار رئاسي
تطوير التخطيط الحضري في دمشق:دمشق توقع مذكرات تعاون مع UNDP وجامعة فينيسيا