أخبار حمصأخبار محلية

تلوث المياه في ريف حمص: تهديد بيئي وصحي مستمر في ظل تجاهل النظام السابق

تلوث المياه في ريف حمص

تواجه منطقة الحولة في ريف حمص الشمالي أزمة صحية وبيئية متفاقمة نتيجة تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، حيث يشهد السكان تغيرات ملحوظة في لون ورائحة المياه التي يتم استخدامها في الشرب. هذا التلوث الذي استمر لسنوات دون تدخل حقيقي من النظام السابق، أصبح السبب الرئيسي في انتشار العديد من الأمراض الخطيرة التي تهدد حياة الأهالي في المنطقة، من التهابات الجهاز الهضمي والأمراض الجلدية إلى السرطان الذي أودى بحياة عدد من السكان.

تلوث المياه يشكل تهديداً على الصحة العامة

تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي في الحولة أصبح يمثل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة للسكان. ومع غياب الحلول الفعالة وضعف البنية التحتية في المنطقة، يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم. حيث يلاحظ الأهالي أن المياه التي تصلهم أصبحت غير صالحة للاستهلاك، في وقت يعاني فيه الكثيرون من أمراض خطيرة بسبب تلوث هذه المياه. وتعد مياه الصرف الصحي مصدرًا رئيسيًا للعديد من الأمراض المعدية مثل الكوليرا والتيفوئيد، بالإضافة إلى التسممات الغذائية والجلدية.

وفي هذا السياق، أكد المهندس محمود هرموش، رئيس أحد المجالس المحلية في الحولة، أن مشكلة تلوث مياه الشرب باتت خطرًا كبيرًا على الصحة العامة. وأضاف أنه خلال فترات هطول الأمطار، يؤدي انسداد شبكات الصرف الصحي إلى اختلاط المياه الملوثة بمياه الشرب، مما يسبب تلوثًا واسعًا في المنازل. وتفاقمت الأزمة في السنوات الأخيرة نتيجة غياب الخدمات العامة وقيام الأهالي بمد خطوط مياه بشكل عشوائي، مما أدى إلى ثغرات في شبكات المياه وزيادة التلوث بشكل غير مسبوق.

الأمراض المنتشرة في المنطقة

مع تزايد تلوث المياه، انتشرت الأمراض المعدية بشكل متكرر، خاصة التهاب الأمعاء والكبد، الأمر الذي جعل الأهالي يربطون بين تلوث المياه وزيادة حالات الإصابة بهذه الأمراض. وبالرغم من محاولات البلديات التدخل، إلا أن الإمكانيات المتاحة كانت محدودة للغاية. من جهة أخرى، أكد الدكتور عبد الكافي بركات، مدير مشفى الحولة الوطني، أن تلوث المياه بمياه الصرف الصحي يحتوي على ملوثات بيولوجية وكيميائية تشكل خطرًا على حياة السكان. هذه الملوثات يمكن أن تسبب أمراضًا خطيرة مثل الكوليرا والتيفوئيد والحمى المالطية، إضافة إلى أمراض أخرى قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة مثل التهاب الكبد الوبائي.

الماضي المظلم.. تلاعب النظام المخلوع

منذ سنوات طويلة، كانت مشكلة تلوث المياه في الحولة أحد الملفات المهملة من قبل النظام المخلوع. فقد كشف الدكتور عبد الحكيم المصري، مدير الشؤون الصحية شمالي حمص، عن فضيحة صحية ارتكبتها السلطات السابقة في تعاملها مع تلوث المياه في المنطقة. في دراسة أجراها عام 2010، تبين أن مياه الصرف الصحي من عدة قرى جبلية كانت تُصَب في سد الحولة، ما أدى إلى تلوث شديد في المياه. رغم تأكيدات الدراسات البيئية على وجود تلوث خطر في مياه السد، إلا أن المسؤولين السابقين أصدروا تقريرًا رسميًا يعتبر مياه الصرف صحيًا صالحة للشرب، وهو ما وصفه الدكتور المصري بأنه نتيجة لضغوط سياسية.

ووفقًا للمصري، فإن هذا التلاعب قد أدّى إلى غلق الملف وعدم اتخاذ أي إجراءات حقيقية لمعالجة التلوث المستشري في المنطقة، رغم المخاطر الصحية الواضحة التي تهدد الأهالي.

الحلول المقترحة لمواجهة الأزمة

في ظل الوضع المتفاقم، بدأت السلطات المحلية في الحولة بإيجاد حلول عملية للتعامل مع الأزمة. وتضمّنت هذه الحلول مقترحات لاستبدال الشبكات القديمة التي كانت تُسبب التلوث، وتحديث شبكات الإمداد بمياه الشرب لتقليل التلوث. كما تم اقتراح معالجة مياه الصرف الصحي بطرق أكثر فعالية. وحسبما ذكر معن بربر، عضو اللجنة المتابعة في الحولة، فإن السبب الرئيسي لتلوث المياه يعود إلى تهالك شبكة الإمداد القديمة التي تحتوي على أنابيب PVC متآكلة. وقد أكّد بربر على ضرورة استبدال هذه الشبكات بالكامل لتقليل التلوث وتحسين جودة المياه.

كما تضمنت الحلول المقترحة إنشاء محطة معالجة متكاملة لمياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى تأمين خط كهربائي دائم لتشغيل محطات الضخ بشكل مستمر. وضمن هذه الحلول، سيتم تشغيل محطات الضخ بشكل فعّال وتزويدها بمضخات فعّالة لضمان استمرارية العمل.

دور الجهات الحكومية في التدخل

استجابة للمخاوف المستمرة للسكان بشأن تلوث المياه، قامت لجنة مشتركة من مؤسسة المياه بزيارة الحولة وأجرت كشفًا ميدانيًا باستخدام أجهزة متخصصة. هذه اللجنة تمكنت من رصد تسربات في تسعة مواقع ضمن شبكة المياه، وهو ما يدل على أن المشكلة تفاقمت بسبب غياب الرقابة المستمرة. وفقًا للتقرير الذي تم تقديمه إلى المحافظ، فإن اللجنة قامت بتحليل تفشي الأمراض المرتبطة بالتلوث، وأوصت باتخاذ خطوات سريعة لحل الأزمة.

المستقبل المجهول

على الرغم من الجهود المبذولة لتسوية هذه القضية، إلا أن تنفيذ الحلول المقترحة ما زال يواجه العديد من العقبات. ضعف الإمكانيات وتدهور البنية التحتية في المنطقة يعوقان تطبيق الإجراءات بشكل سريع وفعّال. ومع ذلك، يبقى أمل الأهالي قائمًا في تحرك عاجل من قبل الجهات الرسمية لحل هذه المشكلة، التي تهدد صحتهم وحياتهم بشكل يومي.

الخلاصة

إن تلوث المياه بمياه الصرف الصحي في ريف حمص يمثل كارثة صحية وبيئية متفاقمة، تتطلب تدخلاً عاجلًا من قبل الجهات المعنية. ومع إهمال النظام المخلوع لهذا الملف طوال سنوات، تزداد المعاناة يومًا بعد يوم في منطقة الحولة. وبينما تعيش المنطقة على أمل معالجة الأزمة في القريب العاجل، يبقى التحدي الأكبر هو القدرة على تنفيذ الحلول الفعّالة التي تضمن سلامة مياه الشرب وتحد من انتشار الأمراض.

إقراء ايضا:

انفجارات لمخلفات الحرب شرقي سوريا و 13 قتيلاً وجريحاً

جوازات السفر بعد سقوط الأسد

الرئيس السوري أحمد الشرع في أول زيارة داخلية: جولة مفاجئة لمخيمات النازحين في إدلب

سيطرة “الإدارة الذاتية” على المشفى القامشلي الوطني لخدمة عناصرها

صابة 7 مدنيين بحالات اختناق إثر حريق في مطعم بمدينة قدسيا بريف دمشق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى