
الألغام الأرضية في سوريا: خطر مستمر يهدد المدنيين
لقي أربعة مدنيين مصرعهم إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب في منطقة السخنة بريف حمص الشرقي. ووفقًا لمصادر محلية، وقع الحادث في منطقة البغالي شمال شرقي السخنة، وأسفر عن وفاة كل من عطية ربيع، عبد الله ربيع، عائد ربيع، وراشد سويعي.
تصاعد الحوادث الناجمة عن الألغام في سوريا
لم يكن هذا الحادث الوحيد خلال الأيام الأخيرة، حيث شهدت عدة مناطق أخرى حوادث مشابهة أسفرت عن سقوط المزيد من الضحايا. ففي بلدة المالكية قرب تل رفعت شمالي حلب، قُتل مدنيان وأُصيب خمسة آخرون جراء انفجار لغم أرضي يُعتقد أن “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” زرعته أثناء سيطرتها على المنطقة.
وفي ريف حلب الشمالي، أُصيب خمسة مزارعين أثناء عملهم في حقل زيتون في قرية شوارغة بعد انفجار لغم آخر من مخلفات “قسد”، ما يسلط الضوء على استمرار التهديد الذي تشكله هذه الألغام حتى في المناطق الزراعية التي يعتمد عليها السكان في معيشتهم.
الأطفال ضحايا الألغام في سوريا
لا تقتصر مخاطر الألغام على البالغين، بل تمتد لتشمل الأطفال، الذين غالبًا ما يكونون الأكثر عرضة للخطر بسبب عدم إدراكهم لوجود هذه المتفجرات القاتلة. في قرية خلصة بريف حلب الجنوبي، أُصيب ثلاثة أطفال بجروح متفاوتة الخطورة إثر انفجار لغم أرضي، بينما تعرّض شاب آخر لإصابة مماثلة في بلدة تادف شرقي حلب.
مخلفات الحرب.. إرث قاتل يهدد السوريين
يشير الدفاع المدني السوري إلى أن مخلفات الحرب، بما في ذلك الألغام والذخائر غير المنفجرة، تشكل تهديدًا خطيرًا على حياة المدنيين في سوريا، حيث خلّفت الحرب المستمرة منذ أكثر من 13 عامًا إرثًا من الموت والخطر يحيط بالمنازل، الأراضي الزراعية، الطرق، وحتى أماكن لعب الأطفال.
وبحسب تقارير الدفاع المدني، فإن النظام السابق مسؤول عن زرع أعداد كبيرة من الألغام في مناطق واسعة من سوريا دون توثيق مواقعها أو تقديم خرائط انتشارها، ما يجعل إزالتها تحديًا كبيرًا ويزيد من احتمالية وقوع المزيد من الضحايا. كما أن بعض الذخائر المستخدمة في الحرب، مثل القنابل العنقودية، تُعد من الأسلحة المحرمة دوليًا، ما يزيد من تعقيد جهود تطهير المناطق الملوثة بهذه المتفجرات.
جهود إزالة الألغام.. تحديات كبيرة وتهديد مستمر
رغم الجهود المبذولة من قبل منظمات إزالة الألغام، إلا أن كميات هائلة من الذخائر غير المنفجرة ما تزال منتشرة في مختلف أنحاء سوريا، سواء بين المنازل أو في الحقول الزراعية والطرق العامة. وتعد هذه المخلفات نتيجة مباشرة للقصف الممنهج الذي نفذه النظام السابق وحلفاؤه، بالإضافة إلى تحويل المناطق السكنية والمرافق العامة إلى مواقع عسكرية، مما أدى إلى انتشار الألغام والمتفجرات في أماكن غير متوقعة.
يحذر الدفاع المدني من أن خطر الألغام سيظل يلاحق السوريين لسنوات طويلة، وربما لعقود، خاصة مع استمرار انتشارها على نطاق واسع دون خطط واضحة وشاملة لإزالتها. فمع كل حادث انفجار جديد، تزداد أعداد الضحايا، سواء من القتلى أو المصابين، ما يجعل من هذه الأزمة تهديدًا طويل الأمد يعيق تعافي المجتمع السوري وعودة الحياة الطبيعية إلى مناطقه المختلفة.
ضرورة تكثيف الجهود للحد من مخاطر الألغام
في ظل هذه التحديات، يطالب ناشطون ومنظمات إنسانية بتكثيف الجهود الدولية والمحلية لإزالة الألغام وتوعية السكان بمخاطرها، خاصة في المناطق التي تشهد عودة تدريجية للمدنيين. كما يدعو الخبراء إلى ضرورة توفير معدات الكشف عن الألغام، وتدريب فرق مختصة للمساهمة في إزالة هذا الخطر الذي يهدد آلاف السوريين يوميًا.
وبينما تستمر الألغام في حصد المزيد من الأرواح، تبقى الحاجة ملحّة إلى استراتيجيات أكثر فاعلية للحد من هذا التهديد، وضمان بيئة آمنة للأجيال القادمة في سوريا.