
جهود لإنقاذ القطاع الصحي في سوريا: خطط لترميم المراكز وتأمين الأدوية
ترميم المراكز الصحية في سوريا
يشهد القطاع الصحي في سوريا تحديات غير مسبوقة، حيث تعاني المشافي والمراكز الطبية من نقص حاد في المعدات، وانخفاض في إنتاج الأدوية، وانقطاع مستمر في مصادر الطاقة. وللتعامل مع هذه الأزمات، عقدت وزارة الصحة في حكومة تصريف الأعمال اجتماعات مكثفة مع ممثلين عن منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، بهدف ترميم المراكز الصحية، وتأمين مصادر طاقة مستدامة، وزيادة إنتاج الأدوية لضمان استمرارية الخدمات وتحسين جودتها.
مباحثات لترميم المراكز الصحية وتطوير الطاقة البديلة
في هذا السياق، اجتمع مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة، الدكتور زهير قراط، مع وفد من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف لبحث مشاريع ترميم مراكز الرعاية الصحية الأولية في مختلف المناطق. ووفقًا لما نقلته وكالة “سانا”، فإن الأولوية ستكون لتجهيز المراكز بأنظمة الطاقة الشمسية، لضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية وسط أزمة الكهرباء المستمرة.
وخلال الاجتماع الذي عُقد أمس الإثنين في مقر الوزارة، أكدت الدكتورة رزان طرابيشي، مديرة الرعاية الصحية الأولية، على أهمية هذه المشاريع في تحسين جودة الخدمات الطبية، مشيرة إلى ضرورة تحديد المراكز التي ستخضع للترميم والتجهيز بأنظمة الطاقة المتجددة، لضمان تشغيلها بكفاءة في ظل الظروف الحالية.
زيادة إنتاج الأدوية ومراقبة جودتها
على صعيد آخر، عقد القائم بأعمال وزارة الصحة، الدكتور ماهر الشرع، اجتماعًا مع مسؤولي الرعاية الصحية والإمداد والرقابة الدوائية، لمناقشة آليات تطوير العمل الصحي، وزيادة إنتاج الأدوية محليًا، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وتم خلال الاجتماع بحث القرارات التنظيمية الصادرة قبل شهرين، إلى جانب خطة لزيادة عدد المعامل الدوائية في دمشق وريفها، وتعزيز إنتاج المستحضرات الدوائية المستوردة والمجدد تسجيلها.
ملف مرضى السرطان والأدوية الإسعافية
في سياق متصل، تناولت المباحثات ملف مرضى السرطان، حيث أكد المسؤولون أهمية توفير العلاج اللازم لهؤلاء المرضى، وتعزيز التوعية حول المرض، وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بهم، لضمان متابعة حالاتهم الصحية بانتظام.
كما شدد الدكتور الشرع على ضرورة وضع خطط واضحة لتطوير الخدمات الطبية، وإجراء جولات ميدانية لمتابعة سير العمل، مع التركيز على تأمين العلاجات الإسعافية وأدوية الأمراض المزمنة، وتوفير المستلزمات الطبية للمشافي والمراكز الصحية.
حضر الاجتماع معاون القائم بأعمال وزارة الصحة، الدكتور حسين الخطيب، وعدد من المسؤولين، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز واقع القطاع الصحي في البلاد.
أزمة القطاع الصحي في سوريا.. سنوات من التدهور
بعد سقوط النظام السابق، كشفت الأوضاع الصحية في سوريا عن حجم الدمار والإهمال الذي خلفه النظام خلال سنوات حكمه الأخيرة. فقد شهدت المشافي والمراكز الصحية تدهورًا ملحوظًا نتيجة نقص حاد في التجهيزات الطبية، وشح الأدوية الأساسية، مما جعل العلاج متاحًا فقط لمن يستطيع تحمل تكاليفه الباهظة.
وفي ظل غياب الدعم الحكومي الفعلي للقطاع الصحي، تفاقمت معاناة المرضى، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة، حيث أُغلقت العديد من المشافي بسبب انهيار بنيتها التحتية أو نقص الموارد التشغيلية.
هجرة الكوادر الطبية وتدمير المنشآت الصحية
بالإضافة إلى الإهمال، شهدت سوريا خلال حكم النظام موجات هجرة غير مسبوقة للأطباء والممرضين، نتيجة الظروف القاسية التي واجهها العاملون في القطاع الصحي، مثل الرواتب المتدنية، وعدم توفر بيئة عمل آمنة. وقد دفعت هذه الظروف معظم الكوادر الطبية إلى البحث عن فرص عمل خارج البلاد، مما زاد من نقص الكفاءات الطبية داخل سوريا.
إلى جانب ذلك، لم يقتصر دمار القطاع الصحي على الإهمال فقط، بل تعمّد النظام خلال حملاته العسكرية استهداف المنشآت الطبية بالقصف، حيث دُمّرت عشرات المستشفيات والمراكز الصحية، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة، وحرمان مئات الآلاف من السوريين من العلاج.
ما الحلول المطروحة لإنقاذ القطاع الصحي؟
في ظل هذه التحديات، تسعى وزارة الصحة إلى تنفيذ مشاريع إصلاحية لإنقاذ القطاع الصحي من الانهيار، من خلال:
- إعادة تأهيل المراكز الصحية وتزويدها بالطاقة المتجددة.
- زيادة إنتاج الأدوية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
- تحسين آليات الرقابة الدوائية لضمان جودة الأدوية.
- إنشاء قاعدة بيانات لمرضى السرطان وضمان استمرارية علاجهم.
- تعزيز الدعم الدولي من خلال التعاون مع منظمات الصحة العالمية واليونيسيف.
خاتمة
رغم المباحثات المستمرة، لا تزال التحديات أمام القطاع الصحي في سوريا كبيرة ومعقدة، خاصة مع استمرار نقص الموارد وهجرة الكوادر الطبية. وفي ظل غياب حلول جذرية، يبقى مصير المرضى والمحتاجين للخدمات الصحية مرهونًا بمدى قدرة الحكومة على تنفيذ وعودها، وتأمين دعم فعلي ومستدام لهذا القطاع الحيوي.