
“ذاكرة قطنا.. مبادرة لتوثيق الشهداء وتعميمها في جميع المدن السورية”
“ذاكرة قطنا.. مبادرة لتوثيق الشهداء وتعميمها
بعد سقوط النظام السوري وهروب بشار الأسد، تنفس السوريون الصعداء، مستعيدين حريتهم رغم مرارة الفقد لمن ضحوا بأرواحهم من أجل هذه اللحظة التاريخية. في هذا السياق، ظهرت العديد من المبادرات الشبابية الهادفة إلى تخليد ذكرى الشهداء، ومن بينها مشروع “ذاكرة قطنا”، وهو منصة توثق أسماء الشهداء والمفقودين في المدينة، مع طموح لتعميم التجربة في باقي المدن السورية.
توثيق التضحيات.. مسؤولية جماعية
يهدف موقع “ذاكرة قطنا” (qatana.info) إلى تسجيل أسماء الشهداء الذين قُتلوا على يد قوات النظام السوري وحلفائه، سواء خلال المظاهرات، في المعارك، بالقصف العشوائي، أو تحت التعذيب في المعتقلات.
وأكد الصحفي عبد الناصر القادري، صاحب فكرة الموقع، أن التوثيق واجب جماعي، قائلًا:
“هؤلاء الأبطال بذلوا دماءهم من أجل حرية بلدنا، لذا علينا أن نخلد أسماءهم في ذاكرة الوطن.”
وأشار القادري إلى أن العمل على المشروع بدأ مباشرة بعد سقوط النظام، ولكن التنفيذ تأجل لضمان عدم نسيان أي معتقل قد يعود لاحقًا.
آلية التوثيق وتحدياتها
اعتمدت المبادرة على توثيق الأسماء من خلال مصادر محلية موثوقة، حيث كانت هناك جهود سابقة من قبل المكتب الحقوقي في المجلس المحلي لتسجيل الشهداء والمعتقلين، لكن عمليات التهجير القسري عام 2017 أدت إلى توقف التوثيق.
ولضمان دقة المعلومات، لا يُضاف أي اسم إلى الموقع إلا بعد التحقق منه عبر لجنة محلية، وذلك لتجنب إدراج أسماء أشخاص قاتلوا إلى جانب النظام. حتى الآن، تم توثيق 400 اسم، مع توقعات بزيادة العدد إلى 500 عند استكمال الإدخالات من قبل الأهالي.
مميزات الموقع وسهولة الوصول إليه
حرص القائمون على الموقع على تصميمه بحيث يكون سهل الاستخدام حتى مع ضعف الإنترنت في سوريا. تتضمن بيانات كل شهيد:
- الاسم الثلاثي
- اسم الأب والأم
- الكنية
- تاريخ الميلاد والاستشهاد
- موقع الوفاة والدفن
- إمكانية إضافة صورة وقصة عن الشهيد
كما يوفر الموقع إمكانية إضافة قصص الشهداء لتسليط الضوء على شخصياتهم ومناقبهم، نظرًا لأن الكثيرين استشهدوا دون أن تُعرف أسماؤهم بسبب الظروف الأمنية.
التوسع إلى مدن أخرى
أكد القادري أن المبادرة لن تقتصر على قطنا، بل ستُعمم في مدن سورية أخرى من خلال فرق شبابية محلية، بحيث يتمكن كل مجتمع من توثيق شهدائه بشكل دقيق. وقد تلقت المنصة بالفعل عدة طلبات لاستنساخ التجربة في مناطق أخرى.
وأشار إلى أن شركة ArafasApps (arafas.com)، التي برمجت الموقع، قدمت المنصة مجانًا لمدينة قطنا، وأبدت استعدادها لتقديمها لأي مدينة أخرى ترغب في تنفيذ المبادرة، بشرط أن يكون هناك فريق محلي موثوق لضمان دقة البيانات.
هل الموقع آمن؟
أكد المهندس محمد عرفة، مؤسس ArafasApps، أن الموقع مصمم ليعمل بسلاسة رغم ضعف الإنترنت، مع اتخاذ تدابير أمنية صارمة لحماية البيانات ومنع أي اختراقات.
وأضاف أن التحدي الأكبر في المستقبل هو توسيع الفريق القائم على المشروع لضمان استمرارية العمل في ظل تزايد الطلب على توثيق الشهداء في مدن أخرى.
دعوة للأهالي للمشاركة
وجه القائمون على المبادرة دعوة مفتوحة لأهالي قطنا لتسجيل أسماء أبنائهم الشهداء، أو تصحيح أي معلومات ناقصة، والمساهمة في كتابة قصصهم تخليدًا لتضحياتهم.
واختتم القادري حديثه قائلًا:
“الشهداء أحياء في قلوبنا، وواجبنا أن نكرم ذكراهم، ليبقوا جزءًا من تاريخ سوريا الجديد.”