أخبار سياسية

أحمد الشرع في موسكو: بداية مرحلة جديدة في العلاقات السورية الروسية

أحمد الشرع في موسكو:في أول زيارة خارجية رسمية له بعد استلامه حقيبة وزارة الخارجية، توجّه الوزير السوري أحمد الشيباني الشرع إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف· الزيارة لم تكن مجرد بروتوكول دبلوماسي عادي، بل حملت في طيّاتها مؤشرات على تحولات كبيرة في السياسة السورية، خاصة مع تسليم موسكو رسمياً ملفاً خاصاً بمحاكمة بشار الأسد·

ملفات ثقيلة في حقيبة الشرع

يحمل أحمد الشرع، السياسي المعروف بقربه من الأوساط الإصلاحية، طموحات حكومة ما بعد الأسد في إعادة تموضع سوريا إقليمياً ودولياً· وقد شكّلت روسيا المحطة الأولى له، لكونها أحد أبرز الحلفاء التقليديين للنظام السوري السابق، وأحد الأطراف الأكثر تأثيراً في المشهد السوري خلال السنوات الماضية·

وفق مصادر دبلوماسية، ناقش الجانبان مسار العلاقات الثنائية في المرحلة الجديدة، وأبدى الشرع رغبة دمشق في إعادة ضبط هذه العلاقة على أسس “احترام السيادة السورية”، بعيداً عن منطق الوصاية والتدخل الذي طبع العلاقة في عهد الأسد·

تسليم ملف بشار الأسد: لحظة مفصلية

أكثر ما أثار الانتباه خلال الزيارة كان إعلان الخارجية السورية عن تسليم موسكو ملفاً قضائياً كاملاً حول الانتهاكات المرتكبة خلال حكم بشار الأسد، بغرض فتح قنوات تنسيق قانوني ومحاكمة رموز النظام السابق·

وأكد الشرع أن “العدالة الانتقالية تبدأ من مواجهة الماضي بكل شجاعة”، مضيفاً أن سوريا الجديدة تسعى لتأسيس مرحلة قائمة على محاسبة كل من تسبّب في معاناة شعبها، مهما علا موقعه·

لافروف يرحب، بحذر

من جانبه، رحّب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالتحولات الجارية في دمشق، وأكّد دعم موسكو لمسار الإصلاح السياسي في سوريا، لكنه شدد على ضرورة عدم استخدام هذه المرحلة “ذريعة لتصفية الحسابات السياسية”، في إشارة ضمنية إلى ما قد تعتبره موسكو محاولات إقصاء لحلفائها السابقين·

وعلمت مصادر مطّلعة أن موسكو لم تعترض بشكل صريح على تسليم ملف الأسد، لكنها طلبت “ضمانات قانونية” بعدم تأثير الإجراءات القضائية على الاتفاقات الثنائية السابقة أو المصالح الروسية في المنطقة·

الرؤية السورية الجديدة

بحسب تصريحات الشرع خلال المؤتمر الصحفي، فإن الحكومة السورية الجديدة تهدف إلى بناء علاقات متوازنة مع كل الأطراف، وأن موسكو ستبقى شريكاً مهماً في مرحلة إعادة الإعمار، شرط احترام القرارات السيادية السورية·

وتعكس الزيارة أيضاً تطلّع دمشق إلى إعادة نسج شبكة علاقاتها الدبلوماسية على قاعدة المصالح المشتركة لا التبعية· كما تأتي في وقت حساس تشهد فيه سوريا تحولات سياسية واجتماعية كبيرة بعد سقوط النظام السابق·

إعادة إعمار·· ولكن بشروط

تطرّق اللقاء أيضاً إلى دور الشركات الروسية في مشاريع إعادة الإعمار، حيث أكد الشرع أن “الأولوية ستكون للشركات التي تحترم القوانين الجديدة وتلتزم بالشفافية”، في رسالة غير مباشرة لرفض استغلال الموارد أو فرض عقود مجحفة·

الختام: سوريا ما بعد الأسد تتحدث بلغة مختلفة

زيارة أحمد الشرع إلى موسكو ليست مجرد جولة دبلوماسية، بل إعلان مبكر عن نوايا دمشق في ترسيخ خطاب سياسي جديد، أكثر انفتاحاً وواقعية، وأكثر تشدداً في ملف العدالة والمحاسبة·

ويبدو أن روسيا بدأت تتفهم – ولو على مضض – أن علاقتها بسوريا ستتغير، وأن زمن “بشار الأسد” قد انتهى، بكل ما يحمله من رمزية وتحالفات، وبدأت مرحلة أكثر تعقيداً، لكنها ربما تكون أكثر توازناً واستقراراً·

 

إقراء المزيد:

لجنة اقتصادية مشتركة بين سوريا وروسيا 2025: نحو شراكة استراتيجية جديدة

التوترات الطائفية السورية تمتد إلى ألمانيا·· انعكاسات الأزمة السورية في المهجر

الفراغ السياسي في الساحل السوري بعد سقوط الأسد

وفاة يوسف اللباد في دمشق: روايات متضاربة وتساؤلات بلا إجابات

رواتب موظفين في السويداء تتعرض لسطو مسلح يعيق عمليات الصرف

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى