
المقاتلون الأجانب في سوريا بعد سقوط الأسد.. التحدي الأخطر في طريق الرئيس السوري أحمد الشرع
المقاتلون الأجانب في سوريا بعد سقوط الأسد:أبرزت صحيفة واشنطن بوست في تقرير تحليلي مطوّل أحد أبرز التحديات التي تواجه الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، والمتمثل في بقاء آلاف المقاتلين الأجانب داخل الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد. هؤلاء الذين كان لهم دور فاعل في المعارك الحاسمة لإسقاط النظام، تحولوا اليوم إلى عبء ثقيل يهدد الاستقرار السياسي والأمني للسلطة الجديدة في دمشق.
تركة ثقيلة من الفصائل العابرة للحدود
أشار التقرير إلى أن العديد من هؤلاء المقاتلين قدموا من دول مختلفة، بعضها أوروبي والآخر من آسيا الوسطى، وتمركز معظمهم سابقاً في محافظة إدلب شمال غرب البلاد. وتفيد مصادر بأن بعضهم تم دمجه في أجهزة الدولة، بما في ذلك مواقع حساسة داخل وزارة الدفاع السورية، فيما لا تزال مجموعات أخرى تعمل خارج الإطار الرسمي، في ظل غموض يلف مستقبلهم القانوني والأمني.
ضغوط أميركية لإخراج المقاتلين الأجانب
بحسب التقرير، فإن الرئيس الشرع يواجه ضغطاً متزايداً من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تضع مسألة ترحيل هؤلاء المقاتلين شرطاً أساسياً لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا. وأعقب لقاء ترمب بالشرع في الرياض تصريح من البيت الأبيض يؤكد مطالبة واشنطن بـ “طرد جميع الإرهابيين الأجانب فوراً”.
إلا أن هذا الشرط يصطدم بتعقيدات كبيرة، أبرزها أن العديد من الدول الأصلية لهؤلاء المقاتلين ترفض استقبالهم من جديد، كما أن تصنيفهم كـ”إرهابيين” يختلف بين دولة وأخرى، مما يخلق فراغاً قانونياً يعرقل عملية إعادتهم أو محاكمتهم.
التوترات الطائفية تلوح في الأفق
حذّرت الصحيفة من أن بعض هؤلاء المقاتلين شاركوا مؤخراً في هجمات طائفية على مناطق تقطنها الأقلية العلوية في الساحل السوري، وهو ما ينذر بإمكانية اندلاع موجات عنف جديدة تهدد مسار الانتقال السياسي. كما أن بعض هؤلاء المسلحين يتبنون مواقف متطرفة ويعارضون ما يصفونه بـ “تحالف الشرع مع الغرب”، متهمين إياه بالتقارب مع الولايات المتحدة وتركيا على حساب تطبيق الشريعة الإسلامية.
انقسام داخل التيارات الجهادية
وبحسب الشهادات التي أوردها التقرير، فإن تياراً من المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب الشرع بدأ يشعر بالتهميش، مع اتهامات متصاعدة للقيادة الجديدة بـ “التخلي عن مشروع الدولة الإسلامية” والتعاون مع خصوم الأمس. ومن بين هؤلاء مقاتلون من فرنسا وبلجيكا وبلدان آسيا الوسطى ممن يؤكدون أن عودتهم إلى بلدانهم مستحيلة، إما بسبب الأحكام الغيابية الصادرة بحقهم، أو لخوفهم من التعذيب والمحاكمة غير العادلة.
إدلب.. واقع يومي جديد للمقاتلين الأجانب
في محافظة إدلب، التي كانت معقلاً أساسياً للفصائل الإسلامية، يتعايش المقاتلون الأجانب حالياً مع السكان المحليين، ويتنقلون بحرية نسبية، إلا أن تقارير تشير إلى أوامر صارمة صدرت لهم بعدم الظهور الإعلامي أو التعبير عن آرائهم السياسية. البعض منهم اندمج نسبياً في المجتمع المحلي، وتزوج من سوريات، وبدأ حياة شبه مستقرة، فيما ظل آخرون محتفظين بولائهم لتنظيمات جهادية منحلّة.
الغضب المتزايد داخل أوساط المتشددين
يرى مراقبون أن سياسة الاحتواء التي تتبعها حكومة الشرع بدأت تثير استياء شريحة من المتشددين، الذين يهددون بالتصعيد إذا شعروا بأن مشروعهم الديني قد تم التراجع عنه. رجل الدين الكويتي علي أبو الحسن، وهو أحد الأصوات النافذة داخل التيارات المتشددة، أشار إلى أن المهاجرين أصبحوا “عبئاً على الجولاني” بعد أن كانوا ركيزة قوته، متهماً القيادة الحالية بالتخطيط للتخلص منهم.
معلومات استخباراتية مشتركة مع واشنطن وأنقرة
يبدو أن الشرع يسعى لتقديم نفسه كقوة معتدلة وقادرة على التعاون الدولي، إذ ذكرت الصحيفة أن حكومته قدمت معلومات استخباراتية للولايات المتحدة وتركيا، ساهمت في إحباط عمليات كان ينوي تنظيم “داعش” تنفيذها قرب العاصمة. هذا التعاون، وإن عزز موقف الشرع دولياً، إلا أنه زاد من حدة الانتقادات داخل المعسكر المتشدد الذي يشعر بالخيانة.
مستقبل غامض… وتساؤلات صعبة
في ظل هذه المعطيات المعقدة، يبدو أن ملف المقاتلين الأجانب سيكون أحد أكثر الملفات حساسية في المرحلة المقبلة من عمر الدولة السورية الجديدة. فهل تنجح حكومة الشرع في إيجاد تسوية متوازنة تُرضي المجتمع الدولي وتجنب البلاد موجة جديدة من العنف؟ أم أن الصراعات الداخلية ستعود لتقويض ما تحقق بعد سقوط النظام السابق؟
إقراء ايضا:
لمدة ثلاثة أشهر.. قطر والسعودية تقدمان دعماً مالياً مباشراً لموظفي القطاع العام في سوريا
سفير إيطاليا يزور جامعة حلب لبحث آفاق التعاون الأكاديمي والثقافي بين البلدين
سوريا والسعودية تعلنان مرحلة جديدة من التعاون والاستثمار
100 عائلة تعود إلى خان شيخون.. خطوات صغيرة نحو استعادة الحياة في جنوب إدلب
غارات إسرائيلية على الساحل السوري تسفر عن شهيد وعدة إصابات في ريف جبلة وطرطوس