أخبار سياسية

تدريب الجيش السوري في تركيا

تدريب الجيش السوري في تركيا

في خطوة تعكس عمق التعاون العسكري المتنامي بين أنقرة ودمشق. أعلنت وزارة الدفاع التركية رسميًا عن بدء تنفيذ برامج تدريبية للجيش السوري داخل الأراضي التركية. في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين بتاريخ 13 آب 2025·
تهدف هذه البرامج إلى تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية لسوريا. ضمن مسار إعادة الهيكلة الذي أطلقته الحكومة السورية بالتعاون مع حلفائها الإقليميين.

مذكرة التفاهم: من التنسيق إلى التطبيق

أوضحت وزارة الدفاع التركية في بيانها أن التعاون العسكري مع سوريا يأتي تنفيذًا لبنود “مذكرة التفاهم للتدريب والاستشارات المشتركة”. والتي وُقعت خلال زيارة رسمية لوفد سوري رفيع المستوى إلى أنقرة في أغسطس الماضي.

وأكد البيان أن “أنشطة التدريب والزيارات والاستشارات والدعم الفني تنفّذ بناءً على طلب الحكومة السورية. بهدف تعزيز قدراتها في مجالي الدفاع والأمن وتطوير كوادرها العسكرية بما يتماشى مع متطلبات الأمن الإقليمي”.

وأضافت الوزارة أن التعاون يعكس “الالتزام المشترك من الجانبين بترسيخ الاستقرار والسلام في سوريا والمنطقة. بعد سنوات طويلة من النزاع والتحديات الأمنية المعقدة”·

تدريب الجيش السوري في تركيا

كشفت وزارة الدفاع التركية أن دفعة جديدة من 49 طالبًا سوريًا بدأت بالفعل برامج تدريبها في الكليات العسكرية التركية، موزعة على النحو الآتي:

10 طلاب في القوات البرية،

18 في القوات البحرية،

21 في القوات الجوية·

ويشمل البرنامج تدريبًا تكتيكيًا واستراتيجيًا متقدّمًا، إضافةً إلى دورات في القيادة الميدانية والتخطيط العملياتي وإدارة الأزمات.
وأكدت الوزارة أن المتدربين سيخضعون أيضًا لبرامج مكثفة حول القانون الدولي الإنساني. وأخلاقيات العمل العسكري، في إطار سعي سوريا لتأسيس جيش وطني منضبط يلتزم بالمعايير الدولية.

تدريبات ميدانية داخل القواعد التركية

وأشار البيان إلى أن “بعض وحدات الجيش السوري بدأت بتنفيذ تدريبات عسكرية داخل الأراضي التركية. باستخدام الثكنات ومناطق التدريب التابعة للقوات المسلحة التركية”.
وتتضمن هذه التدريبات محاكاة عمليات مكافحة الإرهاب، وإزالة الألغام، والتعامل مع التحديات الحدودية. وحماية المنشآت الحيوية.

وتأتي هذه الخطوة، بحسب وزارة الدفاع، استكمالًا لجهود التدريب والتأهيل المتفق عليها. وتهدف إلى بناء قوات سورية قادرة على حماية البلاد والمشاركة في جهود حفظ الأمن والاستقرار على المستويين الوطني والإقليمي.

تعاون أمني واسع النطاق

أشارت وزارة الدفاع التركية إلى أن التعاون مع سوريا لا يقتصر على التدريب العسكري فحسب. بل يشمل أيضًا الاستشارات في مجال التنظيم الدفاعي. وإعادة هيكلة وزارة الدفاع السورية، وتطوير الصناعات العسكرية الخفيفة.

كما يجري العمل على تحديث أنظمة الاتصالات والتنسيق المشترك بين غرف العمليات السورية والتركية. بما يعزز القدرة على الاستجابة السريعة في الحالات الطارئة ومكافحة التنظيمات الإرهابية على الحدود المشتركة.

موقف أنقرة من قسد

في سياق متصل، شددت الوزارة على أنها “تتابع بدقة وحساسية المسائل المتعلقة بدمج تنظيم قسد الإرهابي في الحكومة السورية المؤقتة”. مؤكدة أنها لن تقبل بأي ترتيبات تُمكّن عناصر التنظيم من تهديد الأمن القومي التركي·

وأوضحت أن “تركيا تواصل دعم مؤسسات الدولة السورية الشرعية بما يخدم هدفًا مشتركًا هو تعزيز الأمن الداخلي ومنع عودة التنظيمات الإرهابية إلى المناطق الحدودية”·

إعادة الثقة بين الجيشين

تأتي هذه الخطوات بعد أشهر من استئناف اللجنة العسكرية السورية التركية المشتركة أعمالها في أنقرة ودمشق، والتي تعدّ أول إطار رسمي للتنسيق الأمني بين البلدين منذ أكثر من 12 عامًا·

ويرى مراقبون أن هذا التعاون العسكري يشكّل تحولًا نوعيًا في العلاقات السورية التركية، ويؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق الميداني، خصوصًا في المناطق الحدودية التي شهدت على مدى سنوات صدامات متكررة·

كما اعتبر محللون أن هذه البرامج التدريبية تمثل “نقطة عودة للجيش السوري إلى الساحة الإقليمية، بمساندة مباشرة من الجيش التركي الذي يمتلك خبرة واسعة في مجالات التدريب والعمليات المشتركة”·

خطوة نحو الأمن الإقليمي المشترك

من جانبه، رحّب مسؤول في وزارة الدفاع السورية بالتعاون مع تركيا، مؤكدًا أن “هذه البرامج تمثل بداية لتكامل أمني إقليمي يعيد التوازن إلى منطقة الشرق الأوسط”·

وأوضح أن الحكومة السورية تسعى من خلال هذا التعاون إلى تأهيل كوادرها العسكرية وفق معايير حديثة، وإعادة بناء مؤسسة الجيش على أسس مهنية بعيدة عن التسييس والانقسامات·

كما أشار إلى أن “المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من البرامج المشتركة في مجالات مكافحة الإرهاب، وحماية الحدود، والتدريب البحري والجوي”·

خاتمة

تدريب الجيش السوري في تركيا:إطلاق برامج التدريب العسكري للجيش السوري داخل تركيا يمثل تطورًا استراتيجيًا يعكس حجم التحولات التي تشهدها العلاقات بين أنقرة ودمشق·
فبعد سنوات من التوتر، بدأت الدولتان تسيران في مسار التعاون الأمني والعسكري بما يخدم استقرار المنطقة بأسرها·
ومع استمرار هذا التعاون، يبدو أن الجيش السوري يدخل مرحلة إعادة بناء نوعية، تُعيد له قدراته الدفاعية وتفتح أمامه آفاق تعاون جديدة مع الجار التركي، في خطوة تُعيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية·

إقراء المزيد:

الدماغ لا يحب التغيير: كيف تعيد برمجة عقلك لتقبّل البداية؟

الرئيس الشرع من الرياض: العالم يستطيع الاستفادة من سوريا كممر تجاري

تسوية أنقرة مع حزب العمال الكردستاني·· هل تمهّد لتفاهمات أوسع في سوريا؟

الرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية: يعزز التعاون الاستثماري خلال زيارته إلى الرياض

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى