أخبار سياسية

جذور الانفجار في السويداء: من التوتر المحلي إلى الاستثمار الإسرائيلي

جذور الانفجار في السويداء: مع تصاعد التوترات في ريف دمشق وامتدادها إلى محافظة السويداء، لم تعد الاشتباكات الأخيرة مجرد حادث أمني عابر، بل باتت تعكس عمق الأزمة السورية وتعقيداتها الطائفية والسياسية، وسط محاولات خارجية واضحة للاستثمار في الأزمة، وعلى رأسها إسرائيل.

شرارة الاشتباك: من تسجيل صوتي إلى ساحة معركة

بدأت الأحداث بواقعة مشينة: تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد ﷺ، أشعل الغضب في أوساط طلاب الجامعات بسكني حمص ودمشق. هذا الغضب تحوّل سريعًا إلى اشتباكات مسلحة في جرمانا، ليشكّل نقطة الانفجار الأولى في مشهد متوتر أصلاً. ما حدث في جرمانا كشف عن هشاشة الوضع الأمني وعن وجود مجموعات مسلحة محلية مستعدة للتصعيد عند أي شرارة.

السويداء.. تراكمات ما بعد سقوط النظام

لكن الحقيقة أعمق من مجرد إساءة دينية. فالتوتر في السويداء ليس وليد اللحظة، بل يمتد إلى الأيام التي تلت تحرير دمشق وسقوط نظام الأسد. ففي ذلك الوقت، رفضت فصائل السويداء دخول رتل أمني تابع لقوات النظام إلى أراضيها، ما فتح باب الخلافات والانقسامات. تكررت محاولات فرض السيطرة على المحافظة، لكن رفض مشايخ العقل، وفي مقدمتهم الشيخ حكمت الهجري، تسليم السلاح دون ضمانات، رسّخ الانقسام بين أبناء المحافظة والدولة المركزية.

انفجار التوتر.. وعجز التسويات

مع امتداد الاشتباكات إلى الريف الغربي للسويداء، ولا سيما في قرى مثل عرى والقريا والثعلة، دخلت البلاد في نفق تصعيد جديد. رغم محاولات التهدئة، لا تزال الفصائل المحلية ترفض تسليم سلاحها الثقيل، وتعتبره جزءًا من الكرامة، في ظل غياب الثقة بأي تعهدات أمنية أو مؤسساتية.

إسرائيل على الخط: ذريعة “حماية الدروز”

استغلت إسرائيل هذه التوترات لتصعيد عملياتها العسكرية في سوريا تحت عنوان “حماية الدروز”. من الغارات الجوية قرب القصر الرئاسي في دمشق، إلى إنزال مساعدات في السويداء، بدا واضحًا أن تل أبيب تسعى لتقديم نفسها كـ”حامٍ” للطائفة الدرزية. غير أن الهدف الحقيقي، بحسب صحف إسرائيلية، هو توسيع الحرب إلى الجنوب السوري وإيجاد موطئ قدم جديد تحت غطاء إنساني.

القيادة الدرزية ترفض الانفصال.. ورسائل الداخل

رغم المحاولات الإسرائيلية، رفضت مشيخة العقل والطائفة الدرزية في سوريا أي دعوة للانفصال أو تشكيل كيان مستقل، مؤكدين تمسكهم بوحدة سوريا. هذا الموقف يعكس رغبة داخلية عميقة في تجنب تكرار السيناريوهات الكارثية في دول الجوار، حيث تحولت دعوات الحماية الدولية إلى مبرر للتقسيم والتفكك.

جهود إقليمية لاحتواء الأزمة

برزت تحركات إقليمية لاحتواء التوتر، كان أبرزها زيارة وليد جنبلاط إلى دمشق، واتصالات عربية مع تركيا والسعودية وقطر والأردن. كل ذلك يعكس إدراكًا إقليميًا لخطورة انفجار السويداء وتحوله إلى ملف صراع دولي جديد.

النداءات الدينية.. الحصن الأخير

في مواجهة السلاح والتحريض، علت أصوات رجال الدين من مختلف الطوائف السورية، مطالبة بالتهدئة وضبط النفس. من الشيخ حمود الحناوي إلى المفتي أسامة الرفاعي، كانت الرسالة واحدة: “دم السوري على السوري حرام”. هذه النداءات تعكس إدراكًا عميقًا لخطورة الانزلاق إلى فتنة طائفية لا تُبقي ولا تذر.

ختامًا.. السويداء بين المطرقة والسندان

السويداء اليوم تقف على مفترق طرق. بين رغبة السكان في الأمن والكرامة، وضغط الدولة المركزية لاستعادة السيطرة، واستثمار خارجي مكشوف، وخاصة من إسرائيل. مستقبل المحافظة يتوقف على نجاح جهود الوساطة، وإعادة بناء الثقة بين المكونات المحلية والدولة، بعيدًا عن التدخلات الخارجية.


إقراء ايضا:

وفد من وجهاء السويداء يزور داريا والأمن العام يفرض سيطرته على أشرفية صحنايا

الرئاسة السورية: الرئيس الشرع لا يملك حساباً على السوشال ميديا

تطبيق شام كاش يدخل الخدمة: راحة للموظفين أم عبء جديد

“الكاتو المسموم”.. إيران تهرّب المخدرات إلى سوريا عبر الحلويات المغلّفة

الاتفاق في السويداء: محافظ السويداء نقترب من جني ثمار الحلول التدريجية

إسرائيل تشن 12 هجمة جوية على سوريا.. تصعيد خطير وتحذيرات من استغلال الأقليات

قصف متبادل بين مجموعات مسلحة في ريف السويداء.. وتوتر متصاعد في الجنوب السوري

محادثات سعودية إيرانية بشأن سوريا وسط تصاعد التوترات الميدانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى