
حقيقة زيارة أفيخاي أدرعي إلى قطنا بريف دمشق: بين التهويل الإسرائيلي والنفي المحلي
حقيقة زيارة أفيخاي أدرعي إلى قطنا :أثارت تقارير إسرائيلية موجة جدل واسعة بعد أن زعمت أن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، دخل الأراضي السورية وتجوّل في مدينة قطنا بريف دمشق، بل وظهر في صور قيل إنها من مناطق سورية مأهولة، محاطاً باستقبال “شعبي حافل”· لكن الحقيقة على الأرض، بحسب مصادر محلية موثوقة، تكشف صورة مغايرة تحيط بها الكثير من علامات الاستفهام حول الأهداف والدلالات·
زيارة “غامضة” في توقيت حساس
بدأ الجدل حين نشرت صحيفة “معاريف” العبرية تقريراً مصوراً عن زيارة قالت إن أدرعي قام بها إلى قرى سورية واقعة في محيط جبل الشيخ وريف دمشق، مشيرة إلى أن الزيارة كانت برفقة قوة إسرائيلية، وشملت لقاءات مع سكان محليين·
ورغم أن الصحيفة لم تحدد بدقة موقع الزيارة، فإنها وصفت الاستقبال الذي حظي به أدرعي بأنه “ملكي”، متحدثة عن “قبلات وأحضان” من الأهالي، في صورة أثارت غضبًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي السورية·
لكنّ مصادر خاصة من ريف دمشق أكدت لموقع “سوريا المستقبل” أن أدرعي لم يدخل مدينة قطنا كما زُعم، بل وصل إلى قرى صغيرة قرب خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل، تقع ضمن النطاق الإداري لناحية قطنا·
أين التُقطت الصور فعلاً؟
الصور التي تم تداولها على نطاق واسع نُشرت بدايةً من قبل المصور ربيع باشا، الذي عرّف نفسه كمصور عسكري مستقل يعمل لصالح هيئة الأركان الإسرائيلية· وقد أرفق تعليقاً قال فيه إن أدرعي “زار القرى الدرزية في ريف دمشق واطلع على مشاريع مدنية إسرائيلية تُنفذ هناك”·
لكنّ مصادر تحليل الصورة الجغرافية توصلت إلى أن بعضها التُقط في بلدة بقعسم، إحدى القرى الدرزية القريبة من الحدود مع الجولان المحتل، وتظهر في إحدى الصور لافتة كتب عليها “فرع جبل الشيخ – عرنة”، ما يرجّح أن الجولة لم تتجاوز الشريط الحدودي الآمن الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال منذ سنوات·
“أدرعي في قطنا”·· تضخيم إعلامي؟
مدينة قطنا، بحسب السجلات الإدارية، مركز منطقة تضم أكثر من 40 قرية وبلدة، تمتد على مساحة تتجاوز 1000 كم²، منها بلدات مثل عرنة، ريمة، بقعسم، ورأس العين، والتي تتداخل جغرافياً مع المناطق المحاذية لخط وقف إطلاق النار في الجولان· لذلك فإن الإيحاء بأن أدرعي وصل إلى “قطنا” كمركز حضري لا يبدو دقيقاً، بل أقرب إلى توظيف دعائي للرمزية الجغرافية التي تمثلها المدينة·
دلالات سياسية وعسكرية
هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها أفيخاي أدرعي داخل الأراضي السورية، فقد سبق أن نشر في نيسان 2025 صوراً من محافظة القنيطرة، وأطلق تصريحات تتحدث عن “أهمية التواجد الإسرائيلي في المنطقة لتعزيز الأمن ومنع التهديدات المحتملة”، على حد وصفه·
لكن ظهور أدرعي، هذه المرة، في منطقة محسوبة على الطائفة الدرزية، وبثّ مزاعم عن مشاريع تنموية برعاية الجيش الإسرائيلي، يطرح تساؤلات حول استراتيجية تل أبيب في استمالة الأقليات السورية، واستغلال حالة الفراغ السياسي التي تعيشها البلاد بعد سقوط النظام السابق·
غياب التعليق الرسمي السوري
حتى اللحظة، لم يصدر تعليق رسمي من وزارة الدفاع السورية أو من الحكومة الجديدة بشأن صحة هذه الزيارة أو تداعياتها، إلا أن مراقبين يعتبرون أن تل أبيب تحاول استثمار التحولات الجارية في سوريا لصياغة واقع جديد على حدودها الشمالية، مستغلة ما تسميه “تفكك المنظومة المركزية للنظام السابق”·
رسائل أدرعي السياسية: إلى من؟
في تسجيل مصوّر نشره لاحقاً، وجّه أدرعي رسالة إلى “الشعب السوري والإدارة الجديدة”، قال فيها إن إسرائيل “لا تتدخل في النزاع الداخلي السوري”، لكنها “ستمنع أي وجود لعناصر مسلحة معادية قرب حدودها”· وهي رسالة يرى كثيرون أنها موجهة أكثر إلى الفاعلين الإقليميين – لا سيما إيران وحزب الله – أكثر من كونها نداءً للداخل السوري·
خلاصة
رغم الضجة التي أثيرت حول زيارة أدرعي، يبدو أن ما حدث أقرب إلى جولة إعلامية محسوبة، داخل الشريط الحدودي المتاخم لمرتفعات الجولان، مع محاولة إسرائيلية لاستثمار الانفتاح الإعلامي والتفكك الإداري السوري لبث رسائل موجهة· ومع غياب الرواية الرسمية السورية حتى الآن، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستتحول هذه الاستعراضات الإعلامية إلى تموضع فعلي؟ أم أنها مجرد رسائل سياسية في توقيت حساس؟
إقراء المزيد:
لجنة اقتصادية مشتركة بين سوريا وروسيا 2025: نحو شراكة استراتيجية جديدة
التوترات الطائفية السورية تمتد إلى ألمانيا·· انعكاسات الأزمة السورية في المهجر
الفراغ السياسي في الساحل السوري بعد سقوط الأسد
وفاة يوسف اللباد في دمشق: روايات متضاربة وتساؤلات بلا إجابات
رواتب موظفين في السويداء تتعرض لسطو مسلح يعيق عمليات الصرف