أخبار سياسيةأخبار محلية

خمس هيئات رئيسية في دعم الانتقال السياسي في سوريا

خمس هيئات رئيسية في دعم الانتقال السياسي في سوريا

بعد أكثر من شهرين من سقوط نظام الأسد، بدأت سوريا مرحلة جديدة نحو بناء الدولة وتأسيس حكومة انتقالية، وسط تحديات داخلية وخارجية كبيرة. ومع احتدام المطالب الشعبية، يبرز ضرورة تشكيل هيئات أو وزارات تؤدي دورًا جوهريًا في تحقيق العدالة الانتقالية والعدالة الاجتماعية وبناء السلم الأهلي. هنا، نعرض خمسة وزارات أو هيئات حيوية يمكن أن تسهم في هذه المرحلة الانتقالية.


1. وزارة شؤون الشهداء وذويهم

في السنوات الأولى للثورة السورية، كان النظام السوري يتعمد استهداف المتظاهرين والمدنيين، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من السوريين. وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 202 ألف مدني، بينهم 23 ألف طفل و12 ألف امرأة، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المقاتلين الذين ضحوا في سبيل تحرير وطنهم.

تتولى وزارة شؤون الشهداء وذويهم مسؤولية تقديم الدعم المادي والمعنوي لأسر الشهداء، فضلاً عن التنسيق لتوثيق الشهادات والقصص، وإقامة الأنشطة التذكارية للشهداء. كما ستكون مسؤولة عن تقديم التعويضات المناسبة للذوي، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية لهم. إن إقرار وزارة خاصة تعنى بهذه الشريحة يساهم في الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتعزيز السلم الأهلي، ويعد جزءًا لا يتجزأ من عملية العدالة الانتقالية في سوريا.


2. وزارة التحقيق في المغيبين والمختفين قسريًا

منذ بداية الثورة، انتهج نظام الأسد سياسة الاعتقال والاختفاء القسري، حيث اختفى مئات الآلاف من السوريين في السجون والمعتقلات دون محاكمات عادلة. وقد وثقت المنظمات الحقوقية ما لا يقل عن 96,321 حالة اختفاء قسري. هؤلاء المفقودون قضوا تحت التعذيب، وكانت صور “قيصر” دليلًا على حجم المعاناة.

تأسيس وزارة التحقيق في المغيبين والمختفين قسريًا يعد خطوة ضرورية لكشف مصير هؤلاء المفقودين، وتحقيق العدالة لهم. سيكون دور الوزارة محوريًا في متابعة القضايا القانونية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، وتوثيق شهادات المعتقلين السابقين. كما ستسهم الوزارة في ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم، وهي من العناصر الأساسية في بناء سوريا الجديدة من خلال ضمان محاسبة القتلة والمجرمين.


3. وزارة إعادة اللاجئين والمهجرين

تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 12 مليون سوري، سواء كانوا لاجئين أو مهجرين داخليًا، تعرضوا لتشريد قسري. هذه الأعداد تشير إلى أن سوريا بحاجة ماسة إلى خطة واضحة لإعادة اللاجئين والمهجرين إلى وطنهم. ومن الجدير بالذكر أن العديد من اللاجئين فقدوا ممتلكاتهم وأعمالهم بسبب الحرب.

تتولى وزارة إعادة اللاجئين والمهجرين مسؤولية التنسيق مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية لإعادة توطين اللاجئين في مناطق آمنة داخل سوريا. ستعمل الوزارة على توفير المساعدة اللازمة لإعادة بناء المنازل والمرافق العامة، بالتوازي مع توفير سبل العيش لهم. كما سيكون لها دور كبير في حل قضايا اللاجئين الذين ما زالوا يقيمون في الدول المجاورة. وبالتعاون مع وزارة الخارجية السورية، ستُسهم الوزارة في عملية استعادة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.


4. وزارة إعادة الإعمار

بسبب سنوات الحرب والدمار، تعرضت العديد من المدن السورية لتدمير شبه كامل، بما في ذلك البنية التحتية التي دمرت بفعل القصف والعمليات العسكرية. وقد استهدفت هذه الهجمات المرافق الحيوية مثل المدارس والمستشفيات والمخابز، مما جعل عملية إعادة الإعمار أمرًا بالغ الأهمية.

تتمثل وظيفة وزارة إعادة الإعمار في تنفيذ مشاريع إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في سوريا. تشمل هذه المشاريع توفير الكهرباء والمياه والطرق والمرافق العامة، بالإضافة إلى بناء المدارس والمستشفيات. ستتعاون الوزارة مع وزارتي الاقتصاد والخارجية لجذب الاستثمارات من الداخل والخارج، وضمان استعادة الخدمات الأساسية للمواطنين. الوزارة ستلعب أيضًا دورًا أساسيًا في استقطاب الخبراء السوريين من الخارج، مما يساهم في نقل الخبرات من البلدان التي تعرضت لظروف مشابهة.


5. وزارة السلم الأهلي

لعب النظام السوري دورًا في تطييف المجتمع السوري على مدى عقود، مما أدى إلى انقسامات عميقة بين مختلف الطوائف والشرائح الاجتماعية. وبعد سنوات طويلة من الحرب، فإن تأسيس وزارة السلم الأهلي سيكون أمرًا أساسيًا لتحقيق مصالحة وطنية.

تسعى هذه الوزارة إلى تعزيز التعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع السوري، والعمل على بناء الثقة بين المواطنين. من خلال تنظيم جلسات حوارية ومساحات مفتوحة، ستعمل الوزارة على تعريف السوريين بقيم المواطنة والعدالة والمساواة، مما يسهم في تقليل الاحتقان المجتمعي. كما سيكون لها دور كبير في تطبيق قوانين تعزز السلم الأهلي وتمنع أي صراعات جديدة بين السوريين.


الخاتمة

إن المرحلة الانتقالية في سوريا تتطلب جهودًا جماعية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. من خلال تأسيس الوزارات المذكورة، يمكن لسوريا أن تبدأ بناء أساس قوي لدولة عادلة ومستقرة. كل واحدة من هذه الوزارات تلعب دورًا محوريًا في تحقيق العدالة الانتقالية، وتوفير الأمل للمواطنين السوريين الذين عانوا كثيرًا من ويلات الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى