أخبار سياسية

دمشق والرياض تعززان التعاون الأمني لمواجهة المخدرات والإرهاب

دمشق والرياض تعززان التعاون الأمني :في تطور لافت يعكس عمق التفاهمات الإقليمية الجديدة، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن توسّع التعاون الأمني مع المملكة العربية السعودية، بما يشمل تنفيذ عمليات أمنية مشتركة وتبادل للمعلومات الاستخباراتية، وذلك بعيداً عن الأضواء الإعلامية، لأسباب تتعلق بسرية العمل الأمني وحساسية الملفات المتناولة.

دعم سعودي للهيكلة الأمنية في سوريا

أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أن السعودية تساهم حالياً بدور فعّال في دعم الهيكلة الأمنية السورية، عبر تقديم خبراتها في مجالات التدريب وتطوير البنية الإدارية للأجهزة الأمنية، مشيراً إلى احتمالية إطلاق برامج تدريب لعناصر وضباط سوريين بإشراف مباشر من وزارة الداخلية السعودية خلال الفترة المقبلة.

هذا التعاون يأتي في إطار نهج جديد تبنّته القيادة السعودية، يركّز على تعزيز الاستقرار في المنطقة، واحتواء المخاطر العابرة للحدود، خاصة تلك المتعلقة بالمخدرات والتنظيمات الإرهابية.

مكافحة المخدرات وفلول داعش على رأس الأولويات

بحسب ما نقلته صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن التعاون الأمني السوري السعودي يركّز على محورين رئيسيين: مكافحة التهريب، وخصوصاً تهريب حبوب الكبتاغون والمواد المنشطة، وملاحقة الخلايا الإرهابية التي تنشط في مناطق مختلفة من سوريا، لا سيما فلول تنظيم “داعش” الذين شنّوا عمليات تخريبية في شهر آذار/مارس الماضي.

وفي هذا السياق، كشف البابا أن الأجهزة الأمنية السورية تمكّنت، بناءً على معلومات استخباراتية زوّدتها بها السعودية، من إحباط عملية تهريب كبيرة لمادة “الإمفيتامين”، كانت مخبّأة داخل منشآت صناعية في محافظتي إدلب وحلب، في واحدة من أبرز العمليات المشتركة التي شهدت تنسيقاً دقيقاً بين الجانبين.

لقاء وزاري لتعزيز التنسيق

وكان وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، قد بحث مؤخراً مع نظيره السوري، اللواء أنس خطاب، سبل تعزيز التنسيق الأمني، وذلك في إطار جهود متكاملة تهدف إلى تحقيق استقرار طويل الأمد في سوريا، ودعم الحكومة الجديدة في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.

اللقاء الوزاري جاء بتوجيه من القيادة السعودية، وهو جزء من خطوات أوسع تتخذها الرياض منذ عام 2024، لإعادة العلاقات مع دمشق، ضمن إطار إعادة سوريا إلى المحيط العربي، وفتح قنوات الدعم الفني واللوجستي اللازمة لإعادة الإعمار والاستقرار.

تحوّل استراتيجي في العلاقات الثنائية

يمثّل هذا التقارب الأمني السوري السعودي تحولاً استراتيجياً في العلاقات بين البلدين، بعد سنوات طويلة من الفتور والتباعد السياسي. وقد انعكس هذا التحول على مستويات عدّة، أبرزها التنسيق في ملفات أمن الحدود، ومحاربة شبكات التهريب، وتبادل الخبرات الأمنية.

ويشير محللون إلى أن هذا التعاون قد يمهّد لتعاون اقتصادي أوسع، لا سيما في ظل حاجة سوريا إلى استثمارات ودعم لوجستي في مرحلة ما بعد الحرب، وتوجّه السعودية لتعزيز حضورها الإقليمي في إطار سياسات “الاستقرار عبر التنمية”.

الأبعاد الإقليمية للتقارب الأمني

التعاون الأمني السوري السعودي لا ينفصل عن السياق الإقليمي الأوسع، حيث تواجه دول المنطقة تهديدات متشابهة من شبكات المخدرات، والتنظيمات المتطرفة، والتهريب العابر للحدود. ويأتي هذا التعاون ضمن رؤية مشتركة لمكافحة هذه التحديات، وإعادة ضبط منظومة الأمن الإقليمي، خصوصاً في ظل الفراغات الأمنية التي تركها تراجع نفوذ بعض القوى الدولية في المنطقة.

كما يُنظر إلى التقارب بين دمشق والرياض على أنه بوابة لحوار أمني أوسع بين سوريا ودول الخليج، وربما يُفضي لاحقاً إلى تنسيق استخباراتي متعدد الأطراف، يشمل الأردن والعراق ولبنان، بهدف ضمان الاستقرار الأمني في المشرق العربي.

مستقبل التعاون الأمني

من المتوقع أن يشهد التعاون الأمني بين دمشق والرياض توسّعاً في الأشهر القادمة، ليشمل مجالات جديدة مثل مراقبة الحدود، ومكافحة الجرائم السيبرانية، وتطوير آليات العمل الشرطي، وذلك ضمن رؤية ثنائية لإعادة بناء المؤسسات السورية على أسس مهنية وحديثة.

في هذا السياق، يرى مراقبون أن السعودية قد تلعب دوراً محورياً في مساعدة سوريا على تجاوز التحديات الأمنية، من خلال دعم برامج إعادة تأهيل عناصر الشرطة، وإنشاء مراكز تدريب إقليمية بإشراف مشترك.


إقراء ايضا:

لبنان: ترسيم الحدود مع سوريا يتطلب وقتاً وتعاوناً فنياً وسياسياً

ترمب يرفع العقوبات عن سوريا ويبقيها على الأسد: انفتاح مشروط ورسائل سياسية مزدوجة

شطب 518 اسماً وإدراج 139 آخرين: خارطة العقوبات الأميركية على سوريا في 2025 وتداعياتها

جدل واسع في سوريا بعد قرار حظر استيراد السيارات المستعملة: بين حماية السوق وحرمان المواطن

في ذكراها الـ14.. الشبكة السورية لحقوق الإنسان تبدأ نشاطها من دمشق بعد ترخيص رسمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى