رسالة أوجلان لقسد لإنهاء وجود العناصر الأجنبية
رسالة أوجلان لقسد: في تطور لافت على مسار ملف “قوات سوريا الديمقراطية” ومستقبلها العسكري والسياسي. وجّه زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل في تركيا، عبد الله أوجلان، رسالة مباشرة إلى قائد “قسد” مظلوم عبدي. دعا فيها إلى إنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوف القوات، في خطوة وُصفت بأنها مرتبطة بشكل وثيق بملف دمج “قسد” في الجيش السوري، وبشروط أنقرة الأمنية.
وبحسب ما نقلته صحيفة “تركيا” المقربة من الحكومة التركية. جاءت رسالة أوجلان عقب نقاشات أجرتها السلطات التركية معه في سجنه بجزيرة إمرالي. تناولت مسألة “تنقية قسد من العناصر غير السورية”، والتي تعتبرها أنقرة شرطاً أساسياً وغير قابل للتفاوض في أي مسار سياسي أو أمني مستقبلي يتعلق بشمال سوريا.
شرط تركي أساسي
وترى تركيا أن إخراج العناصر الأجنبية، ولا سيما المرتبطين بحزب العمال الكردستاني. يمثل الحد الأدنى لإنجاح أي اتفاق يفضي إلى دمج “قسد” في الجيش السوري. كما يعد ركناً أساسياً في ما تسميه أنقرة مبادرة “تركيا خالية من الإرهاب”. وتؤكد مصادر أمنية تركية أن أي وجود عسكري أجنبي على مقربة من حدودها الجنوبية يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
وتشير التقديرات الأمنية إلى أن قوام “قسد” يبلغ نحو 50 ألف عنصر، أكثر من 8500 منهم غير سوريين، ينحدر معظمهم من أصول تركية، إضافة إلى مقاتلين قدموا من شمال العراق ومناطق أخرى. وتعتبر أنقرة أن هؤلاء يشكلون العمود الفقري للتنظيمات المرتبطة بـ”العمال الكردستاني” داخل سوريا.
توافق تركي – سوري
وبحسب الصحيفة التركية، فإن هناك توافقاً كاملاً بين أنقرة ودمشق على استبعاد غير السوريين من أي عملية دمج محتملة مع الجيش السوري. ويُنظر إلى هذا التوافق على أنه أحد أبرز نقاط الالتقاء بين الجانبين في المرحلة الراهنة، خاصة بعد توقيع اتفاق 10 آذار الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي، والذي نص على دمج القوات ضمن الجيش السوري.
إلا أن تنفيذ الاتفاق، الذي كان من المفترض استكماله مع نهاية العام الجاري، لم يتحقق حتى الآن، وسط توقعات بتعديل زمني جديد وجدول محدث يتضمن تفاصيل تقنية، تمهيداً لدمج جزئي ومنظم، في ظل تعقيدات ميدانية وسياسية متزايدة.
مواقف متباينة داخل “قسد”
رغم تأكيد أنقرة أن نداء أوجلان يشمل جميع المجموعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، فإن مظلوم عبدي كان قد أبدى في وقت سابق تحفظاً على شمول “قسد” بالنداء، قبل أن يعود مؤخراً ويشير إلى ضرورة إجراء محادثات مباشرة مع أوجلان، معرباً عن استعداده لزيارة تركيا إذا كان ذلك “يسهم إيجاباً في الحل”.
واعترف عبدي بوجود مسلحين من حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، معتبراً أن هذه الملفات “لا يمكن حلها إلا عبر أوجلان”، وأن “قسد” تسعى لأن تكون جزءاً من الحل، لا عائقاً أمامه.
رسائل متزامنة وتصعيد ميداني
ويأتي الكشف عن رسالة أوجلان في توقيت حساس، عقب اشتباكات شهدتها مدينة حلب بين قوات تابعة للحكومة السورية ووزارة الدفاع من جهة، و”قسد” من جهة أخرى، أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين، قبل التوصل إلى تهدئة مؤقتة.
كما تزامنت التطورات مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق. ضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات، حيث جرى بحث تنفيذ اتفاق 10 آذار. والتنسيق الأمني بين البلدين، وسط تأكيد مشترك على عدم وجود تقدم فعلي من جانب “قسد” في تنفيذ بنود الاتفاق.
ملف مفتوح على احتمالات متعددة
وتشير التحليلات إلى أن دعوة أوجلان قد تشكل نقطة تحول مفصلية في مستقبل “قسد”. إذا ما تم التعامل معها بجدية من قيادتها، خصوصاً في ظل الضغوط التركية والسورية المتزايدة. وتراجع هامش المناورة الإقليمية. غير أن تعقيدات المشهد، وتشابك المصالح الدولية. تجعل من مسار التنفيذ تحدياً مفتوحاً على عدة سيناريوهات، بين الدمج الجزئي، أو إعادة الهيكلة، أو استمرار حالة الجمود القائمة.



