
شطب 518 اسماً وإدراج 139 آخرين: خارطة العقوبات الأميركية على سوريا في 2025 وتداعياتها
خارطة العقوبات الأميركية على سوريا:في خطوة تاريخية عقب سنوات من العقوبات المشددة، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، في الأول من يوليو 2025 تنفيذ أمر تنفيذي أصدره الرئيس دونالد ترمب في 30 يونيو 2025، و تحت عنوان توفير الإلغاء للعقوبات على سوريا. يأتي هذا القرار دعمًا للحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وللشعب السوري الذي يعمل على إعادة بناء وطنه الذي تعرض لتدمير واسع ونزاعات مستمرة على مدار أكثر من عقد.
خلفية تاريخية: العقوبات الأميركية على سوريا
بدأت الولايات المتحدة فرض عقوبات صارمة على سوريا منذ سنوات طويلة، متهمة النظام السابق بقيادة بشار الأسد بالعديد من الانتهاكات، بما في ذلك القمع الوحشي للحريات وارتكاب جرائم حرب، إضافة إلى دعم الجماعات الإرهابية، واستخدام الأسلحة الكيميائية، والتورط في عمليات تهريب المخدرات. شملت العقوبات قيوداً اقتصادية وإدراج شخصيات وأفراداً وشركات على قوائم سوداء تحظر عليهم التعامل مع الأسواق المالية الأميركية أو استخدام النظام المالي العالمي.
كانت هذه العقوبات تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد السوري، وتقلل من فرص الاستثمار والتجارة، ما أدى إلى تدهور شديد في مستوى معيشة السوريين، وتعقيد إعادة الإعمار بعد انتهاء الأعمال العسكرية في مناطق عدة.
القرار الجديد: رفع العقوبات مع استمرار المحاسبة
في يونيو 2025، وبعد سلسلة من التحركات الدبلوماسية والمفاوضات الإقليمية والدولية، قرر البيت الأبيض، عبر أمر تنفيذي وقعه الرئيس دونالد ترمب، رفع العقوبات الشاملة المفروضة على سوريا، مع استمرار الاحتفاظ بالعقوبات ضد بشار الأسد وأعوانه. جاء ذلك تماشياً مع سياسة جديدة تهدف إلى دعم حكومة أحمد الشرع، التي تُعتبر أكثر قبولاً دولياً، وتشجع على استقرار سوريا سياسيًا وأمنياً.
يُبرز الأمر التنفيذي الجديد إزالة 518 فرداً وكياناً من قائمة “المواطنين المحددين بصورة خاصة والأشخاص المحظورين” (SDN List)، ما يتيح لهم رفع القيود المالية والتجارية، ويسهم في إعادة تحريك عجلة الاقتصاد السوري. في المقابل، تم إدراج 139 فرداً وكياناً آخرين، خصوصاً من الذين كانوا ضمن النظام السابق أو المرتبطين به، أو الذين يُعتقد أنهم لا يزالون يمثلون تهديداً للأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة.
تصنيفات الأشخاص والكيانات المدرجة
توزعت الأسماء والكيانات التي أُزيلت أو أُدرجت في التحديث الأخير ضمن تصنيفات عدة، بما يضمن استمرارية الضغط على النظام السابق، بينما يوفر فرصة للناشطين في إعادة الإعمار والدعم الاقتصادي للبلد. من بين هذه التصنيفات:
-
مسؤولون سابقون في نظام بشار الأسد: أُدرج العديد من المسؤولين الذين كانوا في مناصب حكومية أو عسكرية في عهد النظام السابق، كجزء من العقوبات المستمرة.
-
أشخاص تصرفوا نيابة عن مسؤولين سابقين: إدراج أشخاص يتعاملون أو يتصرفون نيابة عن المسؤولين المحظورين لضمان عدم التهرب من العقوبات.
-
أشخاص يهددون السلام أو الاستقرار: أفراد يعتبرون مسؤولين عن سياسات أو أنشطة تهدد وحدة الأراضي السورية أو أمنها.
-
الأفراد المرتبطون بأنشطة الكبتاغون: حيث تشمل القائمة أسماء متورطة في إنتاج وتجارة مخدر الكبتاغون، الذي يُستخدم لتمويل عمليات غير قانونية.
-
الداعمون ماديًا للنظام السابق أو للأشخاص المشمولين بالعقوبات: كيانات وأفراد يساهمون في تقديم الدعم المالي أو التقني للنظام السابق أو لعناصر محظورة.
-
الأشخاص والكيانات المملوكة أو الخاضعة لسيطرة أفراد مشمولين بالعقوبات: لمنع التهرب من العقوبات عبر شركات وهمية أو مرتبطة.
-
أفراد من عائلات أشخاص مشمولين بالعقوبات: حرصاً على إغلاق كل الثغرات التي قد تسمح بتجاوز القيود.
كما شملت القائمة كيانات تتبع لجهات إقليمية مرتبطة بإيران، وأخرى تندرج ضمن برامج مكافحة الإرهاب الأميركية.
الأسماء البارزة في القائمة
يبرز ضمن القائمة أسماء معروفة ومرموقة، مثل:
-
سهيل الحسن: القائد العسكري المعروف، الذي يُعد من أبرز أعمدة النظام السابق.
-
رامي مخلوف: رجل الأعمال الكبير وابن خال بشار الأسد، والذي تم إدراجه بسبب دوره في دعم النظام وتمويله.
-
عدد من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين السابقين، والذين يُعتقد أنهم ساهموا في استدامة النظام القمعي.
بالإضافة إلى شركات وعقارات ومصارف متعددة، تعمل في مجالات النفط والطاقة، البناء، الصرافة، والشحن، والتي أُدرجت بسبب علاقتها الوثيقة بالنظام السابق.
دوافع وخلفيات التغيير في السياسة الأميركية
هذا التغيير في السياسة الأميركية يأتي في ظل عدة عوامل متشابكة:
-
التحولات الإقليمية والدولية: تزايد الضغوط على الولايات المتحدة للتركيز على الاستقرار في الشرق الأوسط، مع تقليل أعباء التدخل المباشر.
-
الدور الجديد لحكومة أحمد الشرع: التي حازت على دعم دولي واسع، وبدأت في اتخاذ خطوات لإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتحسين علاقاتها الإقليمية.
-
الضغوط الاقتصادية العالمية: نتيجة للأزمات المتتالية، بات رفع العقوبات عن سوريا مدخلاً لاستعادة جزء من التجارة العالمية والتعاون الاقتصادي.
-
مبادرات دبلوماسية مشتركة: بمشاركة السعودية وتركيا وقطر، التي دعت إلى إعادة النظر في العقوبات من أجل تعزيز الاستقرار والسلام في سوريا.
تبعات وإجراءات تطبيق العقوبات
رغم رفع العقوبات الشاملة، فإن العقوبات التي بقيت مستمرة تُطبق بحزم، وتشمل:
-
حظر التعامل المالي والتجاري مع الأشخاص والكيانات المدرجة حديثاً، ويُحظر على الأفراد والشركات الأميركية التعامل معهم.
-
تجميد ممتلكات المدرجين في الولايات المتحدة أو في الحوزة الأميركية.
-
إجراءات رقابة مشددة على المؤسسات المالية والبنوك التي تتعامل مع سوريا، لضمان عدم خرق العقوبات.
-
تحذيرات من فرض عقوبات مدنية وجنائية على المخالفين، تشمل الأفراد والشركات، سواء في الداخل الأميركي أو خارجه.
-
متابعة مستمرة للتطورات على الأرض لضمان عدم عودة النظام السابق وأعوانه إلى السيطرة على الاقتصاد أو السياسة.
أثر القرار على الاقتصاد السوري والشعب
رفع العقوبات عن 518 فرداً وكياناً يفتح أبواباً جديدة للاقتصاد السوري، خصوصاً فيما يتعلق بقطاع إعادة الإعمار، والاستثمار الأجنبي، والتجارة الدولية. ويُتوقع أن تساعد هذه الخطوة على:
-
استقطاب استثمارات جديدة في قطاعات الطاقة، الصناعة، والبنية التحتية.
-
تحسن فرص التصدير والاستيراد، مع تسهيل دخول المواد الخام والسلع.
-
خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة للشعب السوري.
-
تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة والعالمية.
مع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استقرار الوضع الأمني والسياسي، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية الضرورية لجذب المزيد من الاستثمارات وضمان الشفافية في إدارة الموارد.
تحديات المستقبل
رغم هذه الخطوة الإيجابية، تواجه سوريا تحديات عدة:
-
الاستمرار في مراقبة النظام السابق: لضمان عدم تمكنه من استعادة السيطرة أو استغلال الاقتصاد في غير صالح الشعب.
-
الضغط الدولي المستمر: لضمان احترام حقوق الإنسان وإجراء إصلاحات سياسية.
-
التحديات الأمنية: بوجود مجموعات مسلحة وتنظيمات إرهابية لا تزال نشطة في بعض المناطق.
-
إعادة بناء البنية التحتية: التي تضررت بشدة خلال سنوات الحرب.
-
معالجة القضايا الإنسانية: مثل النازحين واللاجئين والدمار الاجتماعي.
خلاصة
يُمثّل أمر الرئيس ترمب برفع العقوبات عن سوريا مع استمرار محاسبة النظام السابق خطوة بارزة في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، تحمل في طياتها أمل إعادة سوريا إلى مسار التنمية والاستقرار، مع الحفاظ على آليات الضغط على المجموعات والأشخاص المتورطين في الإخلال بالأمن والاستقرار.
ويبقى تنفيذ هذا القرار وتحقيق نتائجه رهناً بالتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية على الأرض، وبمدى تعاون الحكومة السورية الجديدة مع المجتمع الدولي لتعزيز السلام والتنمية المستدامة.
إقراء ايضا:
ترمب: لا أعلم إن كانت سوريا ستطبّع مع إسرائيل.. لكنني قررت رفع العقوبات عنها
أزمة الإيجارات القديمة في سوريا.. حقوق ضائعة ولجنة صامتة
وزارة الإعلام تنفي محاولة اغتيال الرئيس أحمد الشرع خلال زيارته إلى درعا
الرئيس الشرع يستقبل المبعوث الأممي غير بيدرسون ويبحثان تطورات المسار السياسي في سوريا
في أولى خطوات الدمج الميداني.. معاون وزير الداخلية يتفقد مراكز الامتحانات في الحسكة والقامشلي