أخبار سياسية

مايكل لولر ورفع العقوبات عن سوريا: النائب الجمهوري الذي خلط الأوراق بشأن رفع العقوبات عن سوريا

مايكل لولر ورفع العقوبات عن سوريا:في مشهد سياسي أميركي منقسم تجاه الملف السوري، برز اسم مايكل لولر، النائب الجمهوري عن ولاية نيويورك، كأحد الشخصيات التي أربكت التوقعات و”خلطت الأوراق” في ما يتعلق بمستقبل العقوبات الأميركية على سوريا· فمنذ انتخابه لعضوية مجلس النواب في عام 2023، لمع نجم لولر بسرعة ضمن لجنة الشؤون الخارجية، وتحديدًا عبر رئاسته اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث لعب دورًا مركزيًا في رسم ملامح السياسة الأميركية تجاه سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في أواخر عام 2024·

نهج حذر ومزدوج: لا تطبيع ولا عقوبات مطلقة

لولر لم يتبنَّ الخطاب الجمهوري التقليدي المتشدد فقط، ولم يتبنَّ كذلك دعوات الانفتاح الكامل على دمشق التي بدأت تظهر مع تغيير السلطة في سوريا· بل سلك نهجًا وسطًا يجمع بين الضغط والمشروطية· ففي يوليو 2025، طرح مشروع قانون جديد تحت اسم “قانون محاسبة عقوبات سوريا لعام 2025″، والذي هدف إلى تحديث وتكييف العقوبات الأميركية بما يتماشى مع المتغيرات الجديدة في سوريا·

جاء مشروعه ليؤكد على أهمية الاستمرار في الضغط على رموز النظام السابق والجهات الداعمة له مثل إيران، وفي الوقت نفسه، فتح الباب أمام مرونة مشروطة تسمح بدعم الحكومة السورية الجديدة إذا التزمت بإصلاحات حقيقية، خاصة في ملفات حقوق الإنسان، المعتقلين، والإغاثة الإنسانية·

خلفيات الموقف: “لا تكرار لأفغانستان”

اللافت في مواقف لولر أنه لم ينظر إلى الملف السوري من زاوية العقوبات فقط، بل تبنى مقاربة شاملة تقوم على منع تكرار أخطاء الانسحاب من أفغانستان· ففي مداخلاته داخل الكونغرس عام 2023، حذر بشدة من الانسحاب السريع للقوات الأميركية من سوريا، مشددًا على أن هذا سيؤدي إلى فراغ أمني خطير يسمح بعودة تنظيم داعش وتمدد النفوذ الإيراني، وهو ما يعتبره تهديدًا مباشرًا للمصالح الأميركية ولأمن حلفاء واشنطن في المنطقة، وخصوصًا إسرائيل·

كما ارتبط موقفه بدعم اتفاقيات أبراهام التي ربط استمرار وجود القوات الأميركية بتعزيز استقرار الشرق الأوسط، مما يعني أن انسحابًا مفاجئًا قد يعرض تلك التفاهمات للخطر·

التصدي لإيران·· ومنع إعادة تدوير النظام

مايكل لولر كان من أوائل الداعمين للضربات الجوية الأميركية التي استهدفت مواقع تابعة لميليشيات إيرانية في سوريا في بداية 2024، معتبرًا أنها “رسالة واضحة لطهران بأن الاعتداءات لن تمر دون عقاب”· بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين دعا إلى زيادة العقوبات على صادرات النفط الإيرانية، واصفًا إياها بأنها المصدر الرئيسي لتمويل الهجمات ضد المصالح الأميركية والإقليمية·

في الوقت ذاته، شدد لولر على ضرورة منع أي محاولة لإعادة تعويم نظام الأسد، حتى بعد سقوطه، حيث دعم بشدة مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” لعام 2023، والذي يحظر على الإدارة الأميركية الاعتراف بأي حكومة يترأسها بشار الأسد· ورغم أن الأسد فقد السلطة فعليًا في أواخر 2024، فقد حرص لولر على التأكيد بأن فلول النظام وداعميه لا يزالون يشكلون خطرًا ينبغي التعامل معه بحزم·

محتوى مشروع القانون الجديد

جاء “قانون محاسبة عقوبات سوريا 2025” ليعيد رسم الإطار القانوني للعقوبات الأميركية بشكل يعكس تعقيدات المرحلة الانتقالية في سوريا، ومن أبرز بنوده:

الإبقاء على العقوبات ضد المتورطين في جرائم الحرب، وتجارة المخدرات (الكبتاغون)·

ربط رفع العقوبات بتحقيق إنجازات حقيقية مثل وقف قصف المدنيين، إطلاق سراح المعتقلين، والسماح للمنظمات الحقوقية بزيارة السجون·

تمديد فترة العقوبات حتى نهاية 2029، ما لم تُحقق الحكومة السورية الجديدة تقدمًا ملموسًا لمدة عامين متتاليين·

تشديد الرقابة المالية على التعاملات مع سوريا عبر وزارة الخزانة وصندوق النقد الدولي، بهدف منع استفادة إيران وروسيا من إعادة الإعمار·

صدى واسع داخل الكونغرس وخارجه

لاقى مشروع القانون دعمًا مهمًا من بعض الديمقراطيين المعتدلين مثل النائب جوش غوتهايمر والنائب براد شيرمان، مما أكسبه طابعًا ثنائي الحزبية· في المقابل، واجه المشروع معارضة من جناحين متناقضين:

الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري الذي يطالب برفع العقوبات فورًا لإعطاء فرصة حقيقية للحكومة السورية الجديدة دون شروط·

الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي الذي يخشى من أن تؤدي الشروط الصارمة إلى إبطاء جهود التعافي وعودة الخدمات الأساسية للشعب السوري·

أما منظمات الضغط السورية الأميركية، فقد عبرت بعضُها مثل “فريق الطوارئ السوري” عن استيائها من الشروط المقترحة، معتبرة أنها قد تُعيق جذب الاستثمارات وإعادة الإعمار، في وقت يحتاج فيه السوريون لكل دعم ممكن·

علاقته بجماعات الضغط والمصالح الإقليمية

يرتبط مايكل لولر بعلاقات وثيقة مع جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل، وتعتبره تلك الأوساط صوتًا موثوقًا في تبني سياسة صارمة تجاه إيران وسوريا· كما ينظر إليه كأحد المدافعين الرئيسيين عن أمن إسرائيل من خلال الضغط المستمر على دمشق وطهران·

وفي المقابل، يرى مؤيدو مشروعه أنه يمثّل “توازنًا دقيقًا” بين معاقبة المجرمين وإعطاء فرصة لولادة سوريا جديدة· فهو لا يعارض دعم الحكومة الجديدة، بل يطالب بضمانات حقيقية تمنع إعادة تدوير الفساد والاستبداد·

خاتمة: “سياسة واقعية” في لحظة حرجة

في الوقت الذي انشغل فيه كثير من السياسيين الأميركيين بمقاربات إما متشددة أو متساهلة، برز مايكل لولر بمشروع قانون يُعبر عن “سياسة واقعية” تراعي المتغيرات السورية، دون أن تتخلى عن الأهداف الكبرى للسياسة الأميركية في المنطقة: محاربة الإرهاب، احتواء إيران، وضمان استقرار الحلفاء·

قد لا يكون مشروعه مثالياً بالنسبة لجميع الأطراف، لكنه بلا شك أعاد ترتيب أولويات الكونغرس في التعاطي مع سوريا، وجعل من لولر رقمًا صعبًا في المعادلة الأميركية-السورية للسنوات القادمة·

إقراء المزيد:

انقطاع الاتصالات في السويداء·· ووزارة الاتصالات توضح الأسباب وتعلن عن خطوات عاجلة

القبض على مجموعة مسلحة في طرطوس خططت لزعزعة الأمن في طرطوس

محاولة إشعال حرائق بريف اللاذقية·· ضبط مجموعة من فلول النظام المخلوع

إدارة أزمة أم هندسة مستقبل·· ما الدور الإقليمي في ملف السويداء؟

مقتل شاب برصاص قسد في البوكمال يُشعل الغضب الشعبي

لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري تكشف فظائع الانتهاكات وتوصي بمحاسبة المتورطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى