أخبار سياسية

مبادرة المئوية السورية 2025: بيان وطني جامع أم محاولة للانقلاب الناعم؟

مبادرة المئوية السورية 2025: في وقتٍ يعلو فيه صوت السوريين المطالبين بالتغيير والاستقرار بعد عقود من النزاعات، خرجت إلى العلن “مبادرة المئوية السورية 2025″، مثيرةً جدلًا واسعًا بين مؤيد يرى فيها فرصة تاريخية لبناء مشروع وطني جامع، ومعارض يعتبرها محاولة لتفكيك الحراك السياسي وتكريس انقسامات جديدة·
فهل نحن أمام وثيقة تأسيسية لنظام جديد؟ أم مجرد بيان إعلامي صيغ بلغة براقة دون مشروع سياسي واضح؟

ما هي “مبادرة المئوية السورية 2025″؟

البيان الذي حمل عنوان “وثيقة وطنية لمئوية الدولة السورية” صدر عن مجموعة من الشخصيات السورية، وأُطلق بالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الدولة السورية الحديثة· ويدعو البيان إلى إعادة تعريف هوية سوريا كدولة ديمقراطية تعددية تحترم الحريات والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان·

الوثيقة تحاول أن تضع إطارًا عامًا لرؤية سورية جديدة، تتجاوز رواسب النظام السابق، وتستند إلى مبادئ المواطنة، فصل السلطات، وإصلاح المؤسسة العسكرية، مع التلميح إلى ضرورة “إنهاء المرحلة الانتقالية” التي تعيشها البلاد منذ عام 2011·

الانقسام حول المبادرة: إجماع شعبي أم نخبوي؟

رغم اللغة المدنية والحديث عن التشاركية، لم تحظ المبادرة بإجماع بين مختلف التيارات السورية· فقد انبرى عدد من النشطاء والفاعلين السياسيين لانتقادها، معتبرين أنها محاولة لـ”سحب البساط” من القوى التي تقود الحراك السياسي على الأرض، خاصة في مناطق الجنوب السوري كالسويداء·

بعض المعارضين للمبادرة رأوا أنها تتجاهل ديناميكيات الواقع السوري المركب، وتحاول رسم ملامح نظام بديل من خلال غرف مغلقة دون العودة إلى إرادة الشعب أو التنسيق مع القوى الفاعلة على الأرض·

إياد شربجي·· في وجه العاصفة

من أبرز المنتقدين للمبادرة كان الإعلامي السوري إياد شربجي، الذي لم يتردد في وصفها بمحاولة “انقلاب ناعم” على مكتسبات الحراك المدني في السويداء· وفي منشوراته، تحدث شربجي عن “بيان مغرور”، يتعامل مع السوريين وكأنهم قُصّر يحتاجون إلى وصاية فكرية جديدة·

كما تساءل: “من اختار هؤلاء ليتحدثوا باسم السوريين؟”، معتبرًا أن الوثيقة تمثل انفصالًا عن الحراك الشعبي الحقيقي، واختزالًا لما يجري في الجنوب السوري ببعض العبارات الدبلوماسية التي لا تمس جوهر القضية·

المبادرة والجنوب السوري: غياب التنسيق أم تجاهل مقصود؟

ما زاد من حدّة الانتقادات في السويداء هو الشعور العام بأن “مبادرة المئوية” فُرضت دون التشاور مع القوى المحلية الفاعلة، سواء كانت مدنية أم دينية. وقد رأى كثيرون في ذلك تهميشًا لهذه القوى وتقليلًا من دورها، الأمر الذي اعتبروه مساسًا بشرعية الحراك الشعبي الذي قادته السويداء في مواجهة ما تبقى من نفوذ النظام والميليشيات التابعة له.

وفي المقابل، لم يصدر عن مطلقي المبادرة ردٌ واضح على هذه الانتقادات، سوى التأكيد على أن الهدف من الوثيقة هو جمع الصفوف ورسم طريق سياسي جديد·

بين الطموح والواقع: هل تكفي المبادرات لإنقاذ سوريا؟

لا شك أن سوريا تحتاج اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى مبادرات وطنية جادة تعيد بناء الدولة على أسس ديمقراطية، وتضمن حقوق جميع مكوناتها· لكن السؤال الجوهري يبقى: هل تصمد هذه المبادرات في وجه الواقع السوري المتشظي، إن لم تكن ناتجة عن حوار شامل يجمع الفاعلين على الأرض؟

الطريق إلى سوريا الجديدة لا يُرسم عبر البيانات فقط، بل عبر بناء جسور الثقة، وتمكين الإرادة الشعبية، واحترام التنوع السياسي والاجتماعي الذي يميز المجتمع السوري·

خاتمة: وثيقة أم ورقة؟ مشروع جامع أم مجرد وجهة نظر؟

“مبادرة المئوية السورية 2025” تحمل في طياتها نوايا طيبة على مستوى الخطاب، لكنها تُواجَه بتحفظات كبيرة على مستوى الواقع· وقد تكون مفيدة كأرضية للنقاش، لكنها في شكلها الحالي تفتقد إلى العمق السياسي والتمثيل الحقيقي·

ويبقى على السوريين، في الداخل والشتات، أن يحددوا ما إذا كانوا يريدون تحويل هذه الوثيقة إلى “عقد اجتماعي جديد”، أم سيتركونها تذوب كغيرها من الوثائق التي لم تُكتب بأيدٍ تمثل صوت الناس حقًا·

 

إقراء المزيد:

الاستثمار السعودي في سوريا – برج الجوهرة ومصنع فيحاء للإسمنت

القضاء الفرنسي يبتّ بمذكرة توقيف بشار الأسد بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية

بـ 44 اتفاقية ومليارات الدولارات·· دمشق تطلق أول منتدى استثماري سوري سعودي

شيخ عقل الدروز يدعو للتهدئة في السويداء

جواز السفر السوري الأضعف عربياً لعام 2025: ماذا يعني ذلك للسوريين؟

بيان ثلاثي في باريس يؤكد دعم الانتقال السياسي وسيادة سوريا

الدفعة الأخيرة من عائلات العشائر تغادر السويداء إلى درعا وسط انتقادات “للتهجير القسري”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى