ملف المفقودين في سوريا 2025: لا سلام بلا عدالة.. الخارجية السورية تضع ملف المفقودين على رأس أولوياتها
ملف المفقودين في سوريا 2025:أعادت وزارة الخارجية السورية التأكيد على التزام دمشق الثابت بملف المفقودين والمختفين قسرياً، معتبرة أن هذه القضية تمثل “جرحاً وطنياً وأخلاقياً” لا يمكن إغلاقه إلا من خلال كشف الحقائق كاملة، وتحقيق العدالة، ومحاسبة المتورطين في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان·
وجاء موقف الوزارة في بيان رسمي صدر اليوم السبت، تزامناً مع اليوم الدولي لمساندة ضحايا الاختفاء القسري الذي يصادف 30 آب/أغسطس من كل عام·
الهيئة الوطنية للمفقودين
وأشار البيان إلى أن الحكومة السورية أنشأت “الهيئة الوطنية للمفقودين” كخطوة نوعية تهدف إلى معالجة الملف بشكل مؤسساتي بعيداً عن أي تسييس أو استغلال سياسي· وأوضحت الوزارة أن هذه الهيئة تمثل “إرادة وطنية صادقة” لمعالجة واحدة من أعقد القضايا التي واجهها السوريون على مدى العقد ونصف الماضيين·
وأكدت الخارجية أن العدالة والإنصاف سيبقيان الأساس في العمل على هذا الملف، مشددة على أن أي سلام عادل أو مصالحة وطنية شاملة لن تكون ممكنة ما لم يُحاسَب مرتكبو جرائم الحرب وينال الضحايا وذووهم حقوقهم كاملة·
قضية إنسانية جامعة
واعتبر البيان أن قضية المفقودين ليست مجرد ملف حقوقي، بل هي قضية “إنسانية جامعة” تمس المجتمع السوري كله· وأضافت الوزارة أن الحكومة ماضية في هذا المسار حتى النهاية، “وفاءً للأرواح الغائبة وإنصافاً لعائلاتهم المكلومة”، مؤكدة أن إنجاز هذا الملف يشكّل ركناً أساسياً في بناء “سوريا الجديدة القائمة على العدالة والكرامة”·
دعوة إلى دعم دولي
ودعت الخارجية السورية المجتمع الدولي، والمنظمات الأممية، والدول الصديقة إلى مساندة الجهود الوطنية من خلال تقديم ما لديها من معلومات أو وثائق تسهم في كشف مصير المفقودين، وتزويد “الهيئة الوطنية للمفقودين” بما يلزم لمعالجة الملف بشكل شامل· وأشارت إلى أن آلاف العائلات السورية التي أنهكها الانتظار بحاجة ماسة إلى بارقة أمل تعيد إليها الثقة بإمكانية طي هذا الجرح بطريقة عادلة·
تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
وبالتوازي مع بيان وزارة الخارجية السورية، نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الرابع عشر المتعلق بجريمة الاختفاء القسري في البلاد، مبيّنةً الأثر الكارثي المستمر لهذه الممارسة على المجتمع السوري بأسره.
وأوضح التقرير أن مأساة المختفين القسريين ما زالت قائمة، إذ يُقدَّر عدد المعتقلين والمفقودين منذ عام 2011 وحتى آب/أغسطس 2025 بأكثر من 181 ألف شخص، بينهم نساء وأطفال، ما يعكس حجم الانتهاكات التي طالت مختلف شرائح المجتمع على مدار أربعة عشر عاماً متواصلة.
وأوضح التقرير أن ما لا يقل عن 181,312 شخصاً، بينهم 5,332 طفلاً و9,201 سيدة، لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري· ومن بين هؤلاء، هناك أكثر من 160 ألف شخص كانوا محتجزين في مراكز الاعتقال التابعة للنظام السابق، إضافة إلى نحو 21 ألف شخص في مراكز احتجاز تابعة لأطراف أخرى من النزاع·
ما بعد سقوط النظام السابق
ولفت التقرير إلى أن هذه النسخة من الإحصاءات تحمل أهمية خاصة، إذ تأتي في أعقاب التحولات الكبرى التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024· وأوضحت الشبكة أن عملية إخلاء السجون والمراكز الأمنية عقب انهيار النظام السابق كشفت جانباً إضافياً من حجم الكارثة، حيث خرجت أعداد محدودة من المعتقلين أحياء، فيما بقي مصير عشرات الآلاف مجهولاً حتى اللحظة·
واعتبرت الشبكة أن هذا الواقع يكشف الطبيعة “البنيوية والممنهجة” لجريمة الاختفاء القسري في سوريا، مؤكدة أن آثارها طالت المجتمع السوري بأسره، وخلّفت ندوباً إنسانية واجتماعية واقتصادية عميقة·
العدالة الانتقالية شرط للسلام
وكان الرئيس السوري المؤقت فاروق الشرع قد أصدر في وقت سابق مرسوماً يقضي بتشكيل لجنة للعدالة الانتقالية، تتولى التنسيق مع “الهيئة الوطنية للمفقودين” وبقية الجهات الحقوقية المعنية· وتؤكد الخطوات الأخيرة على أن ملف المفقودين أصبح في صلب أجندة المرحلة الانتقالية في سوريا، باعتباره شرطاً أساسياً لتحقيق أي استقرار أو مصالحة وطنية·
خلاصة
يظهر من خلال بيان الخارجية السورية ومن تقارير المنظمات الحقوقية أن ملف المفقودين بات أولوية لا يمكن تجاوزها، وأن العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم تُعد المدخل الحقيقي لأي عملية سياسية أو مسار سلام مستقبلي· ومع استمرار الجهود الوطنية والدولية، يبقى الأمل معلقاً على كشف مصير عشرات الآلاف من المفقودين، وطي صفحة مظلمة امتدت لأكثر من أربعة عشر عاماً·
إقراء المزيد:
في ختام جولته·· الشرع يزور معرة النعمان وسراقب ويتفقد مدينة إدلب
الرئيس الشرع يزور حمص وحماة: يضع حجر الأساس لمشاريع استثمارية كبرى
الهجري يطالب بدعم دولي لانفصال الجنوب السوري
قتلى وتوقيف مطلوبين وضبط أسلحة·· الداخلية تكشف نتائج العملية الأمنية في طرطوس
