
وزارة الدفاع السورية تكشف عن خطتها لإعادة هيكلة الجيش السوري: نحو جيش وطني تطوعي ومحترف
إعادة هيكلة الجيش السوري: في إطار التحولات الجذرية التي تشهدها سوريا الجديدة، أعلنت وزارة الدفاع السورية عن خطة شاملة لإعادة هيكلة الجيش العربي السوري، بما ينسجم مع تطلعات المرحلة الحالية وتحدياتها. وتهدف هذه الخطة إلى بناء مؤسسة عسكرية حديثة، قائمة على المهنية والتخصص، بعيدًا عن أساليب التجنيد القسري التي ارتبطت بالعقود الماضية.
نحو جيش تطوعي لا إجباري
أبرز ما تضمنته الخطة المعلنة هو إلغاء نظام التجنيد الإجباري بشكل رسمي، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية وغير مسبوقة. وبدلًا من ذلك، تتجه الوزارة نحو تأسيس جيش تطوعي يقوم على الوعي والمسؤولية الوطنية، حيث يُقبل الأفراد وفق معايير محددة تشمل اللياقة البدنية، والتحصيل العلمي، والانضباط السلوكي، بالإضافة إلى الكفاءة التقنية والذهنية.
وقال عدي العبد الله، مسؤول العلاقات الإعلامية في الوزارة، إن الهدف من هذا التحول هو خلق مؤسسة عسكرية تعتمد على جودة العنصر البشري، لا على عدده فقط، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى لاستقطاب الكفاءات الشابة من مختلف الاختصاصات، لا سيما في المجالات العلمية والتقنية.
دمج الفصائل تحت مظلة الدولة
في السياق ذاته، تم التوافق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من قادة الفصائل العسكرية الثورية على حلّ الفصائل ودمجها ضمن الجيش الوطني، تحت إشراف وزارة الدفاع. وتولت لجنتا “الهيكلة” و”التعيينات” هذه المهمة، وسط حرص على إتمام عملية الدمج بسلاسة، مع الحفاظ على التوازن الوطني بين مختلف مكونات الشعب السوري.
وترأس لجنة الهيكلة العميد عبد الرحمن حسين الخطيب، الذي أوكلت إليه مهمة إجراء جرد دقيق للفصائل، بما يشمل أعداد المقاتلين وعتادهم، تمهيدًا لإدماجهم في وحدات نظامية منضبطة تتبع قيادة مركزية.
تحديث العقيدة والتدريب
تركّز خطة وزارة الدفاع على بناء عقيدة عسكرية جديدة، تقوم على الولاء للوطن والدستور، بعيدًا عن الشخصنة السياسية التي ميّزت الحقبة السابقة. وتشمل الخطة تحديث مناهج التعليم العسكري، وتفعيل دور الأكاديميات العسكرية، واعتماد برامج تدريب حديثة تستند إلى أحدث المفاهيم الدفاعية.
وأكّد العبد الله أن الوزارة تعمل على تطوير آليات الترقيات داخل الجيش بحيث تُمنح بناء على الكفاءة والمهنية، وليس وفق المحسوبيات، مشيرًا إلى أن هذا التوجه سيفضي إلى ظهور جيل جديد من الضباط القادرين على قيادة المؤسسة العسكرية نحو المستقبل.
شراكات دولية مدروسة
لم تغفل الخطة الجانب الدولي، حيث تسعى وزارة الدفاع إلى توسيع دائرة التعاون العسكري مع الدول الصديقة والحليفة، على أساس احترام السيادة وتحقيق المصالح المشتركة. وأوضح العبد الله أن مشاورات تجري حاليًا مع شركاء إستراتيجيين بهدف تبادل الخبرات، وتعزيز التدريب الفني واللوجستي، دون الدخول في تحالفات قد تُقيد استقلال القرار العسكري السوري.
رسالة للشباب: انضموا لبناء سوريا الجديدة
في ختام تصريحاته، وجّه العبد الله دعوة مفتوحة إلى الشباب السوري للمساهمة في بناء الجيش الوطني الحديث، واصفًا التجنيد التطوعي بأنه “شرف ومسؤولية وطنية”. وشدّد على أن الجيش في صيغته الجديدة سيكون أكثر عدلًا واحترافية، وسيشكل عنصرًا أساسيًا في استقرار سوريا وصون سيادتها.
ويبدو أن إعادة هيكلة الجيش السوري تمثل إحدى الركائز الأساسية في مشروع الدولة السورية الحديثة، التي تسعى إلى تجاوز ماضي الانقسامات والحرب، عبر بناء مؤسسات فاعلة وموثوقة تحظى بثقة المجتمع المحلي والدولي على حد سواء.
إقراء المزيد:
البنك الدولي يموّل سوريا بـ146 مليون دولار لدعم الكهرباء وإنعاش الاقتصاد
الرئيس الشرع يؤكد تضامن بلاده مع قطر ويُدين الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
مرشح قيادة “سنتكوم”: بقاء القوات الأميركية في سوريا ضروري لمنع عودة “داعش”
تشكيل غرفة تنسيق مشتركة في درعا: خطوة لتعزيز الاستقرار ومواجهة الفوضى الأمنية
سوريا تحت المجهر الأميركي: جولة نيويورك تايمز في مدن ما بعد الحرب