
ثلاث شخصيات كُلفت بمهمة طي إرث الأسد الطائفي:أعضاء لجنة السلم الأهلي
ثلاث شخصيات كُلفت بمهمة طي إرث الأسد الطائفي
بعد سنوات من حكم نظام الأسد الأب والابن، الذي غرس في المجتمع السوري سياسة الطائفية والانقسامات العميقة، جاء التوجه لتشكيل لجنة وطنية تهدف إلى تهدئة الأوضاع في المناطق المتوترة ومعالجة هذه الانقسامات. اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي في سوريا، التي تم تشكيلها بعد تطورات متسارعة في عام 2024، هي خطوة نحو المصالحة والتئام الجروح التي خلفتها سنوات من الحرب والتمييز الطائفي. وقد وقع اختيار الرئيس السوري أحمد الشرع على ثلاث شخصيات بارزة للمساهمة في هذا الدور الحساس، وهم: الشيخ حسن صوفان، الشيخ أنس عيروط، وخالد الأحمد. لكن اختيار هذه الشخصيات أثار بعض الجدل، خاصة مع وجود خلفيات متباينة لكل منهم.
1. حسن صوفان: “أبو البراء” قائد السلم المجتمعي
حسن صوفان هو شخصية سورية بارزة وُلد في مدينة اللاذقية في عام 1979، وهو معروف بنضاله في الثورة السورية وتاريخه الحافل بالتحديات. قبل أن يصبح أحد الوجوه البارزة في الساحة السورية، مرّ بتجارب قاسية من بينها سجنه في السعودية لاتهامات بالتواصل مع تنظيم القاعدة، ومن ثم سجنته السلطات السورية لمدة 12 عاماً. بعد الإفراج عنه في صفقة تبادل أسرى عام 2016، أعاد تنظيم صفوف حركة أحرار الشام، ثم استقال ليواصل عمله في دعم الثورة السورية بشكل غير مرتبط بأي فصيل معين. وهو الآن يشغل منصب مسؤول “أمن السلم المجتمعي” في الساحل السوري، حيث يقوم بجهود كبيرة لاحتواء التوترات الطائفية وتعزيز المصالحة بين مكونات المجتمع المحلي.
2. أنس عيروط: الفقيه المصلح وراعي المصالحة
أنس عيروط هو عالم دين وناشط سوري بارز وُلد في بانياس عام 1971. قبل اندلاع الثورة، كان إماماً في مسجد الرحمن الذي أصبح مركزًا للحراك الثوري عامي 2011 و2012، ما جعله هدفًا للملاحقات الأمنية. مع بداية الثورة، تولى رئاسة مجلس قيادة الثورة في بانياس وكان عضواً فاعلاً في الائتلاف الوطني السوري. عيروط هو أيضاً أحد مؤسسي مبادرة الأكاديميين التي أدت إلى تشكيل حكومة الإنقاذ في إدلب، حيث عمل في مناصب قضائية وتعليمية. اليوم، يشغل منصباً قيادياً في لجنة السلم الأهلي ويُعد من الأوائل الذين يسعون لتحقيق المصالحة بين الطوائف السورية.
3. خالد الأحمد: من مستشار الأسد إلى دور دبلوماسي غامض
خالد الأحمد هو شخصية مثيرة للجدل، وُلد في حمص عام 1980. بدأ مسيرته في صفوف النظام السوري كواحد من المقربين لبشار الأسد، ثم أصبح مستشارًا غير رسمي. مع اندلاع الثورة، برز اسمه كمفاوض سري، حيث لعب دورًا بارزًا في تسهيل الاستسلامات بين ضباط النظام المخلوع، مما ساهم في انهيار النظام السوري بسرعة. إلا أن تاريخه المثير والمليء بالقضايا مثل الفساد والعلاقات المشبوهة جعل تعيينه في لجنة السلم الأهلي يشكل مفاجأة للعديد من السوريين. انتقل بعد إبعاده عن سوريا إلى لبنان، وأصبح أحد الشخصيات المحورية في محاولة رأب الصدع الذي خلفته سنوات الحرب. رغم الجدل حول خلفيته، لا يمكن إنكار دور الأحمد في عملية “ردع العدوان” خلال مرحلة الثورة.
دور اللجنة في تهدئة التوترات الطائفية
تمثل لجنة السلم الأهلي فرصة حقيقية لسوريا لمداواة الجراح العميقة التي خلفها حكم الأسد الطائفي، والذي زرع بذور الكراهية بين مختلف الطوائف السورية. فعلى الرغم من الجهود التي بذلها هؤلاء الأفراد، لا يزال هناك تحديات ضخمة تتطلب التعامل مع الانقسامات العميقة في المجتمع السوري والتي تعود إلى عقود من السياسات الطائفية الممنهجة. إن تعزيز المصالحة بين السوريين، سواء كانوا في الساحل أو في المناطق الأخرى، يتطلب وقتًا طويلًا وجهودًا مكثفة.
التحديات المستقبلية
المهمة الملقاة على عاتق أعضاء اللجنة هي ضخمة، فإرث الأسد الطائفي لم يكن مجرد سياسات حكومية بل كان أسلوب حياة ممارس على الأرض في العديد من المناطق. في ظل هذا السياق، يبقى السؤال الكبير: هل ستتمكن هذه اللجنة من تجاوز هذه الانقسامات وتحقق السلام والعدالة في المجتمع السوري؟
تظل الساعات القادمة حاسمة في تحديد إذا ما كانت اللجنة ستتمكن من فرض نفسها كآلية حقيقية لوقف الانقسامات الطائفية وتحقيق تسوية شاملة للمجتمع السوري الذي أنهكته الحروب.