
إلغاء الدورة الرابعة في معهد القضاء السوري بسبب تدخلات غير نزيهة: بداية لتطهير المؤسسة القضائية؟
إلغاء الدورة الرابعة في معهد القضاء السوري:قرارات استثنائية.. والهدف: إعادة بناء الثقة في العدالة السورية
في خطوة وُصفت بأنها جريئة وغير مسبوقة، أعلنت وزارة العدل السورية، يوم الخميس 19 حزيران 2025، إلغاء الدورة الرابعة من المعهد العالي للقضاء، وذلك على خلفية مخالفات وصفتها بـ”المتعمّدة” و”غير النزيهة” في عمليات القبول. القرار يأتي وسط حملة رسمية موسعة تهدف إلى إصلاح المؤسسة القضائية، بعد عقود من التسييس وغياب الشفافية.
تفاصيل القرار.. وتصفية الحقوق
القرار الصادر تحت رقم (924) عن وزير العدل، القاضي مظهر الويس، نصّ على تصفية الحقوق المترتبة للطلاب الذين تم قبولهم في الدورة وفق القوانين النافذة، وإلغاء جميع الآثار المترتبة على نتائج الإعلان السابق. ويُعد هذا القرار سابقة نادرة في سجل عمل الوزارة، إذ تم سحب الاعتراف الكامل بنتائج دورة كاملة من دورات تأهيل القضاة.
وفي توضيح لاحق نُشر عبر معرفات وزارة العدل الرسمية، أكدت الوزارة أن السبب الرئيسي للإلغاء هو رصد تدخلات وأخطاء متعمدة في عملية القبول، بما يخلّ بمبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص.
إرث النظام السابق في مرمى النيران
أشارت الوزارة إلى أن لجنة تفتيش خاصة شُكلت لمراجعة معايير القبول والتحقق من التزام لجان الاختبار بالمعايير الأخلاقية والمهنية. وكشفت نتائج التحقيق عن تجاوزات “تعكس ممارسات النظام البائد”، من بينها تمييز في قبول الطلاب لصالح جهات وشخصيات نافذة، وحرمان عدد كبير من المتقدمين الأكفاء من فرصهم المشروعة.
واعتبرت الوزارة أن هذا القرار جزء من مسار جديد يهدف إلى “وضع المؤسسة القضائية على الطريق الصحيح لخدمة العدالة”.
عزل 67 قاضياً.. تطهير شامل للمحاكم الاستثنائية
قرار إلغاء دورة المعهد العالي للقضاء لم يكن الحدث الوحيد البارز في حملة الإصلاح. فقد سبقه بأيام صدور المرسوم الرئاسي رقم (88)، القاضي بعزل 67 قاضياً عملوا في محاكم قضايا الإرهاب، التي أُلغيت مؤخراً.
وقالت وزارة العدل إن التحقيقات المسلكية أثبتت أن العديد من القضاة المعزولين ساهموا بشكل مباشر في “تعزيز القبضة الأمنية للنظام السابق، وحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية”، مما نتج عنه “أضرار جسيمة لحقت بأسر المواطنين وممتلكاتهم”.
كما قرر مجلس القضاء الأعلى حفظ التحقيقات بحق 10 قضاة آخرين، إما لبلوغهم سن التقاعد أو لعدم ثبوت ارتكابهم مخالفات.
رسائل سياسية وقضائية في آن واحد
تأتي هذه الإجراءات في سياق سياسي حساس، في ظل التغيرات العميقة التي تشهدها سوريا بعد سقوط النظام السابق، وبدء مرحلة انتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، الذي تعهد مراراً بإعادة بناء الدولة على أسس القانون والعدالة.
ويُنظر إلى هذه القرارات على أنها رسالة سياسية وقضائية مزدوجة: الأولى موجهة للرأي العام السوري والدولي لتأكيد جدية السلطات في محاربة الفساد داخل الجسم القضائي، والثانية موجهة لدوائر النفوذ القديمة التي اعتادت التدخل في شؤون القضاء والتعيينات.
التحديات المقبلة.. وإرث ثقيل
ورغم أهمية هذه القرارات، إلا أن الطريق ما يزال طويلاً أمام وزارة العدل لتحقيق تحول شامل في البنية القضائية، التي تعاني من تراكمات فساد، وشبكات محسوبية، وانعدام الثقة من الشارع السوري.
ويبقى الرهان الأكبر على قدرة الحكومة الانتقالية على تحويل هذه الخطوات إلى مسار مستمر من التطهير والإصلاح، يبدأ من معاهد القضاء، ولا ينتهي إلا عند محاسبة كل من تلطخت يده بمظالم السوريين.
إقراء المزيد
برنامج إيران النووي وتأثيره الإقليمي: مقارنة لمسارات خمس دول نحو القنبلة
تصعيد التوتر بين إسرائيل وإيران.. الولايات المتحدة تعزز قواتها الجوية في الشرق الأوسط
درعا والقنيطرة تحت النار: كيف أصبحت بوابة للصواريخ والمسيّرات الإيرانية؟
اعتقال رئيس أمن الدولة في دير الزور بتهم جرائم حرب وسرقة نفط
هل تتحول إيران إلى تشيرنوبيل جديدة؟ خبراء يحذرون الشرق الأوسط على حافة إشعاع نووي
انتخابات تشريعية مرتقبة في سوريا: لأول مجلس شعب شرعي خلال 90 يوماً
انتقادات وجدل حول تأهيل جبل قاسيون.. مشروع استعادة أم تشويه لمعْلم دمشق الأبرز؟