أخبار محلية

الرئيس الشرع:إلغاء قرارات الحجز الاحتياطي على ممتلكات السوريين الصادرة بأوامر أمنية

إلغاء قرارات الحجز الاحتياطي على ممتلكات السوريين:في خطوة مفصلية قد تعيد الأمل لعشرات آلاف السوريين الذين خسروا ممتلكاتهم خلال سنوات الحرب، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسوماً رئاسياً ألغى بموجبه جميع قرارات الحجز الاحتياطي على الأملاك الخاصة التي صدرت بين عامي 2012 و2024، بناء على أوامر أمنية دون الرجوع إلى القضاء.

المرسوم الذي حمل الرقم (16) لعام 2025، يُعدّ أول محاولة رسمية وشاملة لمعالجة ملف شائك أثار استياءً شعبياً واسعاً، حيث كانت قرارات الحجز أحد أبرز أدوات القمع المالي والاجتماعي التي استخدمها النظام السابق ضد معارضيه ومناوئيه السياسيين.

قرارات حجز دون محاكمات.. وإلغاء طال انتظاره

تشير المادة الثانية من المرسوم إلى تكليف وزارة المالية، بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والعدل، باتخاذ كافة الإجراءات التنفيذية واللوجستية لضمان رفع الحجز الاحتياطي عن الممتلكات المتأثرة. وتتضمن هذه الإجراءات إعادة النظر في آلاف الملفات، والتدقيق في الوثائق والسجلات التي تثبت ملكية المواطنين لأراضيهم ومنازلهم ومصادر رزقهم.

وفي تصريح رسمي، أوضح وزير المالية محمد يسر برنية أن قرارات الحجز التي صدرت خلال تلك الفترة لم تكن مبنية على أسس قانونية، بل جاءت غالباً نتيجة تقارير أمنية تحمل طابعاً انتقامياً، حيث تم تجريد عشرات الآلاف من السوريين من أملاكهم بسبب مواقفهم السياسية أو صلاتهم المزعومة بالمعارضة، دون أن يُمنحوا فرصة للدفاع عن أنفسهم أمام القضاء.

وأشار الوزير إلى أن عدد المتضررين يتجاوز 91 ألف مواطن، حُرموا من حقوقهم الأساسية في التملك، ما أدى إلى آثار كارثية على النسيج الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي في البلاد.

الحجز كأداة للانتقام السياسي والتمويل غير الشرعي

في السنوات التي تلت اندلاع الثورة السورية، استخدم النظام المخلوع آلية الحجز الاحتياطي كوسيلة لإسكات الأصوات المعارضة، إلى جانب الاستفادة من ممتلكاتهم لدعم شبكاته الأمنية والسياسية. ففي بعض الحالات، تم الاستيلاء على منازل ومحال تجارية وأراضٍ زراعية من دون إنذار، وتم نقل ملكيتها إلى أطراف مقربة من النظام أو تركها مغلقة ومهجورة.

وبحسب تقارير صادرة عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فإن وزارة المالية أصدرت في عام 2024 وحده مئات من قرارات الحجز ضد سكان بلدة زاكية في ريف دمشق، في حملة وُصفت بأنها جماعية وانتقامية، لم تُعرض على أي محكمة، ولم يتمكن المواطنون من الطعن بها أو معرفة تفاصيلها.

وأكدت الشبكة في تقرير لها بعنوان “النظام السوري يستخدم الحجز الاحتياطي كعقوبة جماعية”، أن هذه السياسة تندرج ضمن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، وأنها تسببت بخسائر مادية ونفسية هائلة للمتضررين.

المرسوم الجديد: محاولة لإصلاح ما يمكن إصلاحه؟

بالرغم من أن المرسوم جاء متأخراً، إلا أنه يمثل بداية لمسار تصالحي طال انتظاره، قد يسهم في ترميم العلاقة بين المواطن والدولة، خصوصاً في المناطق التي شهدت أقسى أشكال التنكيل والملاحقة خلال السنوات الماضية.

ويرى محللون أن هذه الخطوة تحمل بعدين: قانوني وإنساني. فمن جهة، هي تصحيح لمسار إداري وحقوقي معطوب، ومن جهة أخرى، محاولة لاستعادة ثقة الشارع السوري بالحكومة الجديدة، بعد سنوات من الظلم والفساد والتمييز.

إلا أن التحدي الأكبر يبقى في التنفيذ الفعلي، إذ يتخوف كثير من السوريين من أن يتحول المرسوم إلى ورقة شكلية، لا تتبعها خطوات ملموسة لإعادة الحقوق، ولا إجراءات شفافة لتسوية النزاعات التي قد تنشأ حول الملكيات المتضررة.

الحاجة إلى آلية رقابة وتوثيق

الناشطون الحقوقيون يطالبون بإنشاء لجنة وطنية مستقلة، تُشرف على تنفيذ المرسوم، وتضم قضاة ومحامين وممثلين عن المجتمع المدني. كما يؤكدون على ضرورة وضع جدول زمني واضح، وآلية طعن قانونية تمكّن المتضررين من استرداد حقوقهم، أو الحصول على تعويض مناسب في حال تعذر إعادة الممتلكات لأسباب ميدانية أو إدارية.

إعادة الإعمار تبدأ بإعادة الحقوق

في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة التي تمر بها سوريا، يشكّل هذا المرسوم فرصة لإعادة ضخ الحياة في الأسواق العقارية، وتحريك الاستثمارات المتوقفة، وفتح الباب أمام عودة آلاف المهجّرين إلى ديارهم، بعد أن كانوا ممنوعين من العودة إليها بفعل قرارات الحجز.

وفي هذا السياق، قال مأمون عبد الكريم، المدير الأسبق للآثار والمتاحف، إن عودة الحقوق إلى أصحابها تمثل خطوة رمزية كبيرة نحو تحقيق مصالحة وطنية شاملة، تبدأ من كرامة الإنسان ومكانته داخل وطنه.

الأمن العام في درعا يوقف مشتبهين باغتيال الإعلامي محمود الكفري في درعا

بعد توقف دعم أوتشا.. مستشفى الرحمة في دركوش يواجه خطر الإغلاق وآلاف المرضى بلا علاج

قمة ثلاثية في أنقرة: ملفات سوريا والأمن الإقليمي على طاولة وزراء خارجية تركيا والأردن وسوريا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى