
الشبكة السورية تقترح إنشاء هيئة عدالة انتقالية مستقلة في سوريا وتحذّر من تسييسها
الشبكة السورية:في ظل الحديث المتزايد عن مستقبل سوريا بعد سنوات طويلة من الحرب والانقسام، طرحت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مبادرة جريئة تسعى إلى وضع الأسس القانونية والهيكلية لتأسيس “هيئة عدالة انتقالية مستقلة”، تكون قادرة على مداواة جراح الماضي وتحقيق الإنصاف للضحايا، بعيدًا عن الأطر السياسية الضيقة أو القرارات الشكلية.
جاء ذلك في تقرير مفصل أصدرته الشبكة اليوم، بعنوان:
“الشبكة السورية توصي بإنشاء هيئة العدالة الانتقالية في سوريا عبر قانون صادر عن المجلس التشريعي”، دعت فيه إلى أن يتم إنشاء الهيئة من خلال عملية تشريعية ديمقراطية، وليس عبر مراسيم تنفيذية قد تفتقر إلى الشرعية المجتمعية والاستقلالية الحقيقية.
لا للمرسوم التنفيذي.. نعم للتشريع الديمقراطي
انتقد التقرير التوجّه نحو تأسيس هيئة العدالة الانتقالية بموجب مرسوم صادر عن السلطة التنفيذية، محذرًا من أن هذه الطريقة “تهدّد استقلالية الهيئة وتضعف قدرتها على إحداث تغيير حقيقي”، مستشهدًا بتجارب دول مثل أوغندا والمغرب وبيرو، حيث فشلت هيئات مشابهة بسبب غياب الغطاء التشريعي الفعلي.
وأشار التقرير إلى أن العدالة الانتقالية لا يمكن أن تؤتي ثمارها إن لم تُبنَ على قواعد الشرعية الأخلاقية والتشريعية، مع ضرورة مشاركة جميع الأطراف المعنية، وخاصة الضحايا، في صياغة مهام الهيئة وآليات عملها.
الاستقلالية أساس النجاح
من أبرز ما شدّدت عليه الشبكة هو أن الهيئة يجب أن تتمتع بـ:
-
استقلال إداري ومالي كامل عن السلطة التنفيذية،
-
آليات صارمة لحمايتها من التدخل السياسي،
-
تكامل واضح مع القضاء السوري، مع ضمان استقلاله كمبدأ غير قابل للمساومة.
وأكد التقرير أن “غياب استقلال القضاء يشكل خطرًا وجوديًا على مشروع العدالة الانتقالية”، لأنه يقوّض فكرة المساءلة ويحوّل العدالة إلى وسيلة لتصفية الحسابات السياسية بدلاً من جبر الضرر وإنصاف الضحايا.
التنوع والتمثيل الحقيقي
كما تناول التقرير ضرورة أن تعكس الهيئة التنوع الديني والعرقي والسياسي الموجود في المجتمع السوري، بما يتوافق مع الخصوصية الثقافية والاجتماعية للبلاد، ويعزز ثقة الناس في آليات العدالة الانتقالية.
وشددت الشبكة على أهمية اختيار أعضاء الهيئة من خلال لجنة مستقلة تضم خبراء وممثلين عن المجتمع المدني والضحايا، لتفادي التعيينات الحزبية أو الخاضعة للمحاصصة السياسية.
مواجهة الماضي عبر الوصول إلى الحقيقة
في خطوة تُظهر جدية الطرح، اعتبرت الشبكة أن تعاون الحكومة مع الهيئة يجب أن يكون إلزاميًا، لا طوعيًا، وأن يتم عبر آليات تُمكّن الهيئة من الوصول إلى السجلات الرسمية والوثائق والمعلومات المرتبطة بانتهاكات الماضي.
كما نادت بضرورة تطوير بروتوكولات تكفل هذا التعاون، ومساءلة المسؤولين السابقين والحاليين، ضمن ما أسمته “المساءلة الأفقية”، التي تعني أن المؤسسات الحكومية ليست فوق المحاسبة، بل شريكة في تحقيق العدالة.
توصيات لبناء مستقبل أكثر عدلاً
واختتم التقرير بتوصيات عملية، أبرزها:
-
صياغة قانون تأسيسي للهيئة بالتشاور مع الضحايا ومنظمات المجتمع المدني.
-
تخصيص ميزانية مستقلة وكافية لعمل الهيئة.
-
تنفيذ برامج توعية وطنية لتعريف الناس بمفهوم العدالة الانتقالية.
-
دمج الهيئة في إطار الإصلاح المؤسسي في قطاعي الأمن والقضاء.
-
وضع استراتيجية تواصل فعالة لكسب ثقة الجمهور المحلي والدولي.
خلاصة
في الوقت الذي تتطلع فيه سوريا إلى مرحلة جديدة من البناء والتعافي، تبدو العدالة الانتقالية حجر الأساس في هذا المسار. غير أن نجاحها مرهون بمدى استقلالية المؤسسات الناشئة، وصدق النوايا السياسية، ومشاركة الضحايا بشكل حقيقي في رسم ملامح المستقبل.
مقترحات الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد تشكل بداية طريق طويل نحو المصالحة، لكن دون استقلال القضاء والمساءلة الفعلية، سيبقى كل ما يُبنى معرضًا للانهيار.
إقراء ايضا:
موفق طريف: لا نتدخل في شؤون دروز سوريا وندعو لوحدة البلاد
ترمب يلمّح إلى رفع العقوبات عن سوريا: “نفكر في بداية جديدة”
وفد أممي يزور السويداء ويبحث الأوضاع الأمنية مع وجهاء الطوائف
وزير الخارجية الإسرائيلي: نرغب بعلاقات مستقرة مع “النظام السوري الجديد”
الرئيس الشرع:إلغاء قرارات الحجز الاحتياطي على ممتلكات السوريين الصادرة بأوامر أمنية