أخبار محلية

الهجوم على قاعدة حميميم: تصدّع داخلي أم رسائل متبادلة بين موسكو ودمشق؟

الهجوم على قاعدة حميميم: في تطور أمني بالغ الحساسية، تعرضت قاعدة حميميم الجوية الروسية في ريف اللاذقية لهجوم مسلح صباح الثلاثاء 20 أيار 2025، نفذته مجموعة من أربعة إلى خمسة مقاتلين يُعتقد أنهم من أوزبكستان. ورغم مرور عدة أيام على الهجوم، لم تُصدر موسكو أو دمشق أي بيان رسمي بشأنه، ما فتح الباب أمام تحليلات متباينة حول خلفيات الهجوم وتداعياته.

تفاصيل الهجوم وسط صمت رسمي

بحسب روايات نُشرت عبر حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقع الهجوم عند الفجر، واندلعت اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل 3 إلى 4 من المهاجمين، فيما فر أحدهم قبل أن تطلق عليه القوات الروسية قذيفة مضادة للدبابات. ووفق التسريبات ذاتها، قُتل جنديان روسيان وأُصيب آخرون خلال المواجهة. اللافت أن بعض المصادر رجّحت أن المهاجمين يعارضون الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، ما يربط الهجوم بسياقات سياسية داخلية.

تطورات دبلوماسية سابقة للهجوم

يتزامن الهجوم مع مرحلة تشهد تقارباً حذراً بين دمشق والغرب، ولا سيما بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن رفع العقوبات عن سوريا. بعض المحللين فسّروا العملية كـ”رسالة ضغط” على موسكو، تهدف إلى إضعاف وجودها العسكري، خاصة أن وجود القواعد الروسية كان شرطاً أوروبياً سابقاً للتطبيع، قبل أن يتم تجاوزه مؤخراً.

مع ذلك، يرى مراقبون أن لا دلائل ملموسة تشير إلى تورط جهات رسمية، بل يرجّحون فرضية “العمل المعزول” من جماعات متشددة أو مناوئة للنظام الجديد، خاصة في ظل صدور فتاوى تحرض على الشرع مؤخراً.

بين موسكو ودمشق.. علاقات معقّدة

الموقف الرسمي السوري من الوجود الروسي في سوريا كان قد تم توضيحه من قبل الرئيس أحمد الشرع، الذي قال صراحة إن حكومته “تفضل الحوار مع موسكو حول مصير القواعد الروسية”، لكنه لم يستبعد الرد العسكري إذا لزم الأمر، مؤكداً على سيادة سوريا واستقلال قرارها. ما يوحي بوجود توازن دقيق في العلاقة بين الطرفين، يُفضل من خلاله تجنّب أي تصعيد مباشر.

قراءة روسية: هل هو استهداف للشرع؟

كيريل سيمينوف، المحلل الروسي البارز، اعتبر أن الهجوم قد يكون رسالة للشرع نفسه، خاصة بعد فتوى صادرة عن “أبو محمد المقدسي” كفّرت الشرع ومن يتبعه. وأضاف سيمينوف أن بعض القوى التي اندمجت سابقاً في الجيش السوري بدأت تعبر عن استيائها من سياسات القيادة الجديدة، وهو ما قد يكون دافعاً لتحرك معادٍ، يستهدف النفوذ الروسي بوصفه حليفاً أساسياً للشرع.

غموض وتفاهمات غير معلنة

رغم عدم صدور أي تعليق رسمي، يرجح محللون أن اتصالات جرت فعلياً بين موسكو ودمشق عبر القنوات الأمنية أو الدبلوماسية، خاصة أن الطرفين يفضلان إدارة الملفات الحساسة بهدوء، بعيداً عن الأضواء، كما حدث في اجتماعات سابقة لم تُعلن إلا لاحقاً، مثل لقاء وزيري الخارجية الروسي والسوري في أنقرة.

ما الذي يكشفه الهجوم؟

الهجوم على قاعدة حميميم لا يمكن فصله عن السياق العام للتحول السياسي في سوريا، وتغير خريطة التحالفات الإقليمية والدولية. سواء كان الفاعلون تنظيمات متشددة، أم خلايا غاضبة من سياسات الشرع، فإن العملية تفتح النقاش مجدداً حول مستقبل القواعد الروسية، واستقرار النظام الجديد، ومدى قدرته على ضبط الأمن والسيادة في مرحلة انتقالية دقيقة.

في ظل هذا الغموض، يبقى السؤال: هل نحن أمام تصدع داخلي مؤقت، أم أن الهجوم هو بداية لمواجهة غير معلنة بين أطراف مختلفة داخل وخارج سوريا، تدور كلها حول شكل السيادة في سوريا الجديدة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى