أخبار محلية

بـ6 آلاف دولار..الهجرة من الساحل إلى كردستان عبر شبكات التهريب “الهجرة الوهمية” إلى كردستان وينتهي بهم المطاف في الحسكة

الهجرة من الساحل إلى كردستان:في مشهد جديد من فصول استغلال حاجة السوريين للهجرة والعمل، تعرّض العشرات من أبناء الساحل السوري لعمليات احتيال منسقة نفذتها شبكات تهريب بشر، بعدما أوهمتهم بإمكانية نقلهم إلى إقليم كردستان العراق مقابل آلاف الدولارات، لينتهي بهم الأمر في محافظة الحسكة داخل الأراضي السورية.

رحلة مُزيفة نحو الأمل

ضحايا هذه الشبكات دفعوا مبالغ ضخمة – وصلت في بعض الحالات إلى 6 آلاف دولار للشخص الواحد – مقابل وعود بالوصول إلى كردستان وتأمين فرص عمل، ليكتشفوا لاحقاً أن تلك الوعود مجرد وهم.
إحدى السيدات، المقيمة في الحسكة، روت أن اثنين من أقاربها تم خداعهما بعد دفع المبلغ، ليُرمى بهما في ريف المالكية ويُبلغا بأنهما وصلا إلى “الإقليم”، بينما كانا ما يزالان داخل الأراضي السورية، بالقرب من إحدى القرى الحدودية.

شبكات التهريب: وهم وابتزاز منظم

بحسب شهادات محلية من سكان ريف المالكية (ديرك)، فإن عمليات الاحتيال لم تكن فردية أو عشوائية، بل تتم عبر شبكات منظمة تنشط بين محافظات الساحل السوري وشمال شرقي البلاد، حيث يُستدرج الضحايا تدريجياً: من الإقناع في الساحل، إلى النقل إلى الحسكة، ثم التخلي عنهم قرب الحدود.
ويُقدَّم لهم سيناريو منسق، يتضمن “مرافقة مهرب” يدّعي أن أمامهم مسافة بسيطة للوصول، ثم يختفي بعد استلام المبلغ الكامل.

إجراءات أمنية تُعقّد واقع الهجرة غير الشرعية

وفقاً لما صرح به أبو حسين الشمري، أحد سكان المنطقة الحدودية، فإن عبور الحدود إلى إقليم كردستان لم يعد سهلاً كما في السابق، بسبب تشديد الإجراءات من الجانبين. فأي سوري يُضبط على الحدود يُعاد إلى الداخل السوري عبر معبر سيمالكا، بينما تُحيل السلطات العراقية من يتم القبض عليه إلى التحقيق والمحاكمة.

كما أشار إلى أن المهربين لا يملكون أي تنسيق فعلي مع حرس الحدود، بل يخدعون الضحايا بإيهامهم أنهم يتمتعون بعلاقات تسمح لهم بتسهيل العبور، ثم يتخلون عنهم بعد تسلّم الأموال.

الأسايش تتحرك.. توقيف شبكات تهريب

مصادر أمنية تابعة لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) كشفت عن توقيف عدد من المهربين في الحسكة، بعد تلقي شكاوى من ضحايا، غالبيتهم من الساحل السوري. وأوضحت المصادر أن هذه الشبكات تتكوّن غالباً من 3 إلى 6 أشخاص، يتوزعون بين مجندين في الساحل، ووسطاء ناقلين، وأفراد في الحسكة يستلمون الضحايا.

وأكدت المصادر أن العديد من الضحايا وصلوا إلى الحسكة بعدما دفعوا ما بين 3 إلى 5 آلاف دولار، ليكتشفوا أنهم تعرضوا للنصب، دون أن يتمكنوا من متابعة الطريق إلى الإقليم.

كما أفاد مصدر حقوقي محلي بأن هناك قضايا احتيال متعلقة بعمليات التهريب منظورة حالياً في محاكم تابعة لـ”الإدارة الذاتية” في محافظة الحسكة.

قرار من حكومة كردستان: تسهيلات للسوريين المخالفين

في خطوة إنسانية لافتة، أعلنت وزارة الداخلية في إقليم كردستان العراق، منتصف يونيو الماضي، عن قرار يقضي بإعفاء المواطنين السوريين المخالفين لشروط الإقامة من دفع الغرامات المالية، مع تسهيل إجراءات تجديد الإقامات لمدة عام كامل.

وجاء هذا القرار استناداً إلى توجيهات رئيس حكومة الإقليم، في إطار مراعاة الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها آلاف السوريين المقيمين في الإقليم، وتخفيف الأعباء القانونية والإدارية عنهم.

كما نص القرار على توفير آلية آمنة للراغبين في العودة الطوعية إلى سوريا، حيث تتحمل حكومة الإقليم نفقات العودة البرية عبر منفذ فيشخابور، وذلك بعد تسجيل الأسماء وتقديم طلب رسمي.

استغلال المعاناة.. واقع محفوف بالمخاطر

تعكس هذه العمليات الاحتيالية عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها أبناء الساحل السوري، حيث يواجه كثيرون منهم واقعاً قاسياً يتمثل في ندرة فرص العمل وارتفاع معدلات الفقر. هذا الواقع المرير يدفع العديد إلى التعلّق بأي أمل بالخروج من البلاد، ولو عبر طرق محفوفة بالمخاطر، ما يجعلهم فريسة سهلة لشبكات التهريب التي تجيد استغلال حاجتهم وتبيعهم وعوداً كاذبة تحت ستار الهجرة والعمل.

ويبدو أن هناك تركيزاً واضحاً من تلك الشبكات على استهداف فئة محددة من السوريين، خاصة القادمين من الساحل، الذين باتوا في الآونة الأخيرة الأكثر عرضة للوقوع في شِراك الهجرة الكاذبة، وخصوصاً بعد استقرار العديد منهم مؤقتاً في مناطق مثل الحسكة، أملاً بمتابعة الطريق لاحقاً.

تحذيرات مجتمعية وأمنية

السلطات الأمنية والمجتمعية في شمال شرقي سوريا دعت المواطنين إلى عدم تصديق أي وعود بتهريب مضمون إلى إقليم كردستان أو أي دولة مجاورة، وأكدت أن أي محاولة عبور غير شرعية لا تُفضي سوى إلى الضياع والخسارة المالية وربما الملاحقة القانونية.

كما شددت قوات الأمن على ضرورة الإبلاغ الفوري عن أي نشاط يشتبه بكونه ضمن شبكات تهريب بشر، مؤكدةً أن عمليات الملاحقة مستمرة، وأن الأمن الداخلي عازم على تفكيك الشبكات وضمان عدم تكرار هذه الجرائم.

إقراء ايضا:

لبنان: ترسيم الحدود مع سوريا يتطلب وقتاً وتعاوناً فنياً وسياسياً

ترمب يرفع العقوبات عن سوريا ويبقيها على الأسد: انفتاح مشروط ورسائل سياسية مزدوجة

شطب 518 اسماً وإدراج 139 آخرين: خارطة العقوبات الأميركية على سوريا في 2025 وتداعياتها

جدل واسع في سوريا بعد قرار حظر استيراد السيارات المستعملة: بين حماية السوق وحرمان المواطن

في ذكراها الـ14.. الشبكة السورية لحقوق الإنسان تبدأ نشاطها من دمشق بعد ترخيص رسمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى