تهريب الآثار في سوريا:من درعا إلى دمشق ثم إلى العالم
من أين تبدأ القصة؟تهريب الآثار في سوريا
تدهور الاقتصاد وفقدان مصادر الرزق دفعا أعداداً كبيرة إلى المخاطرة بالتنقيب عن الدفائن. مع انهيار الزراعة وندرة الوظائف، صار جهاز كشف المعادن و»الحفر السريع« مصدر دخل سريع رغم مخاطره القانونية والأمنية· الأجهزة تُباع علناً بأسعار مرتفعة أو تُستأجر مقابل مبالغ كبيرة، ما جعل السوق متاحة للجميع·
الآلية الميدانية: من الحفر إلى التاجر المحلي
التنقيب عادة يبدأ عبر مجموعات محلية أو عمال مأجورين يستأجرون أجهزة كشف الميتال أو يتقاسمون ثمن الإيجار· عند العثور على قطع، تُعرض الصور على وسطاء وتجار محليين — وفق أقوال تاجر سابق وسطاء في التحقيق — الذين يقدّرون القيمة ويشترون القطع مقابل مبالغ قد تتراوح بين آلاف الدولارات· المطالب والأجور والوعود الغامضة تقود أحياناً إلى صراعات دموية بين الشركاء·
مركزية دمشق ودور التهريب
دمشق تمثل عقدة السوق: معظم القطع تصل إليها حيث يعرضها تجار كبار لديهم قنوات لتهريب القطع إلى خارج البلاد. التداول يحصل عبر وسطاء وتطبيقات مثل تليغرام. ويقال إن بعض الشبكات كانت تتعاون مع عناصر أمنية لتسهيل مرور القطع عبر نقاط الجمارك أو للقضاء على أي متابعة رسمية.
السوق وما يباع: أجهزة ومقابلها وأماكن التنقيب
الأجهزة التي تباع أو تؤجر أغلبها من تصنيع تركي أو صيني أو ألماني وتختلف أسعارها بحسب العمق والدقة. أما مواقع التنقيب فتركز في بصرى الشام وخط الحجاز والقرى شبه المهجورة في ريف السويداء الغربي. حيث يكثر وجود دفائن رومانية ومقابر ومواقع أثرية.
تداعيات إنسانية وقانونية
الانزلاق إلى التنقيب ربّما يوفر دخلاً مؤقتاً، لكنه يحمل مخاطر: سقوط في حفر عميقة. جرائم قتل بسبب تقاسم الغنائم، وملاحقات قانونية. القانون السوري يجرّم التنقيب والاتجار بالآثار ويضع عقوبات قد تصل لسنوات سجن ومصادرة. لكن الواقع الأمني والفراغ بعد سقوط النظام السابق سهّل نشاط الشبكات.
تدمير السياق الأثري: خسارة لا تعوّض
الباحثون يشددون أن المشكلة ليست فقط بفقدان القطع، بل بفقدان «السياق» الأثري. الحفر العشوائي يمحو طبقات تاريخية ومعلومات لا تعوّض، ما يعني أن التاريخ نفسه يباع وينهار. هذا يهدد ذاكرة محافظة كاملة مثل درعا ويحرم الأجيال القادمة من تاريخها.



