
دمشق تحتفل بعيد الأضحى الأول بعد الأسد: بالونات حقيقية ومطاعم محجوزة وحريّات تعود
دمشق تحتفل بعيد الأضحى الأول بعد الأسد:لأول مرة منذ عقود، تنبض شوارع دمشق بفرحٍ لا يشوبه الخوف، وتصدح مآذنها بالتكبيرات دون إذنٍ أو مراقبة. إنه عيد الأضحى الأول في سوريا من دون نظام الأسد، ومن دون عناصر المخابرات الذين اعتاد السوريون رؤيتهم أكثر من رؤيتهم لبائعي الألعاب والبالونات.
في سوق الحميدية، حيث طالما كان البائع مخبراً يراقب الأنفاس، صار الآن مجرد بائع. بائع بالونات حقيقي، وأصوات الأطفال تملأ المكان بدلاً من همس الكبار.
ازدحامٌ حقيقي.. لا مسرحي
بحسب شهادات مواطنين التقاهم مراسل “تلفزيون سوريا”، فإن السوق كان في ليلة العيد مزدحماً بالفعل، لكن هذه المرة بـ متسوقين حقيقيين يشترون ملابس العيد لا عابري سبيل خائفين.
ريم المحمد، أرملة ومقيمة في دمشق، قالت: “لأول مرة منذ 8 سنوات اجتمعنا كأسرة واحدة، جاء أخي من الكويت بعدما سُقط اسمه من قوائم المخابرات”. اشترت ريم ملابس جديدة لأطفالها الثلاثة، وكانت قادرة على الاحتفال.
أما عماد الزين، صاحب محل “ألبسة زين”، فأكد أن السوق “انتعش بعد سقوط الإتاوات والضرائب التي كانت تُفرض من طرف مسؤولي النظام السابق”، مشيراً إلى أن انخفاض سعر الدولار، وارتفاع الدعم من المغتربين، جعلا الملابس متاحة لمعظم الزبائن.
الأمن الداخلي لا الأمن السياسي
التحول الأمني واضح أيضاً. لم تعد الشوارع تعجّ بعيون المخابرات، بل بعناصر الأمن الداخلي النظامي، الذين تمركزوا عند مداخل الأسواق وساحات دمشق، لتأمينها ومنع أي اختراق أو فوضى. سيارات الشرطة تقوم بواجباتها الاعتيادية، فيما عناصر من الأمن العام قدّموا السكاكر للمارة عند حواجز شارع بغداد، في تصرف لم تعهده دمشق منذ زمن.
العاصمة تضيء بعد ظلام طويل
في بادرة تعكس مرحلة جديدة من الاهتمام بالخدمات، أضاءت محافظة دمشق شوارع المدينة وساحاتها قبيل العيد. فـ ساحة الأمويين وسوق الحميدية ومحيط الجامع الأموي أضيئت بالكامل بعد سنوات من الظلام القاتم.
كما جابت صهاريج المياه الشوارع الرئيسة لتنظيفها، استعداداً للعيد، لكن مع ذلك، لا تزال القمامة المتراكمة نقطة ضعف واضحة في العاصمة، خصوصاً في ظل نقص عمال النظافة.
حجوزات مسبقة في المطاعم والمقاهي
أعيد افتتاح معظم المطاعم والمقاهي في دمشق بمستوى تنظيم جديد، إذ فرضت حجوزات مسبقة لاستيعاب أعداد الزبائن، خصوصاً في مناطق مثل أبو رمانة والمزة والشعلان.
الفواتير تفاوتت بين المعقولة والمرتفعة، وقد تجاوز بعضها ملايين الليرات، حسب تصنيف المكان ونوعية الخدمات المقدمة.
من لم يتمكن من دخول مطعم أو مقهى، خرج مع عائلته للتمشية، حيث اكتظت ساحة الأمويين وحدائق النيربين والمدفع ومحيط الجندي المجهول بالمواطنين الذين اختاروا الاحتفال على طريقتهم.
حريات شخصية وتقاليد جديدة
برغم التحولات، حافظت العاصمة على مستوى عالٍ من الحريات الشخصية في اللباس والتجمعات، دون قيود أو مضايقات تُذكر، كما لاحظ سكان كثر أن ملامح الرقابة الاجتماعية والسياسية بدأت تتلاشى تدريجياً.
تقول نجلاء المحمد: “كنا نحلم بهذا اليوم.. اليوم نشعر بالراحة النفسية، الحرية لم تأتِ كاملة لكنها بدأت، والفرق واضح جداً”.
دمشق تكتشف نفسها من جديد
إنه ليس عيداً عادياً في دمشق. إنه عيد الانتقال من الخوف إلى الأمل، من الرقابة إلى المشاركة، ومن البالون المزيف إلى الفرحة الحقيقية.
ورغم التحديات الخدمية والمعيشية، يشعر سكان العاصمة أن شيئاً كبيراً قد تغير، وأن الشوارع التي كانت تئنّ من وطأة القمع، باتت قادرة على الفرح دون إذن مسبق.
إقراء المزيد:
الرئيس أحمد الشرع يشكر الكويت ويؤكد: سوريا منفتحة على الأشقاء العرب
طيران ناس السعودي يعلن عن رحلتين أسبوعياً من جدة إلى دمشق
المقاتلون الأجانب في سوريا بعد سقوط الأسد.. التحدي الأخطر في طريق الرئيس السوري أحمد الشرع
اليابان تفتتح مركزًا رقميًا في جامعة دمشق لدعم الشباب السوري في مجالات التقنية والابتكار
الرئيس السوري أحمد الشرع: يصدر مرسوم منحة عيد الأضحى في سوريا 2025