أخبار محلية

مرسوم الشرع: عودة الطلاب المنقطعين.. المصالحة تبدأ من مقاعد الجامعات

عودة الطلاب المنقطعين:أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع المرسوم رقم 95 لعام 2025، والذي يتيح الفرصة للطلاب الذين انقطعوا عن دراستهم الجامعية منذ عام 2010–2011 نتيجة أحداث الثورة، لاستعادة قيدهم الجامعي والعودة إلى مقاعد الدراسة.

مرسومٌ لا يحمل فقط صفة قانونية، بل بعداً إنسانياً وتاريخياً، يعيد آلاف الشباب إلى مسارهم الأكاديمي، بعدما ضاعت سنواتهم بين الملاحقات والانقطاع والهجرة القسرية.


بين الانقطاع القسري وحق العودة

على مدار أكثر من 14 عاماً، فُصل آلاف الطلاب من الجامعات والمعاهد السورية، أو تخلوا عن مقاعدهم الدراسية بسبب مشاركتهم في الحراك الشعبي، أو مواقفهم السياسية، أو بفعل الظروف الأمنية والاجتماعية القاهرة.

ومع سقوط النظام السابق وبداية مرحلة جديدة، جاء المرسوم ليعيد الاعتبار إلى هؤلاء الطلاب عبر تمكينهم من العودة إلى مقاعد الدراسة، في محاولة حقيقية لترميم ما هدمته الحرب في بنيان الإنسان والعقل.


ما الذي ينص عليه المرسوم الجديد؟

  • يشمل المرسوم طلاب المرحلة الجامعية والدراسات العليا الذين انقطعوا بعد العام الدراسي 2010-2011.

  • يُشترط أن يكون الانقطاع ناتجاً عن أسباب متصلة بالثورة: انخراط، فصل تعسفي، ملاحقة أمنية أو ظرف قهري.

  • على الطالب تقديم طلب رسمي وفق نموذج معتمد من وزارة التعليم العالي، وتعهّد بعدم التخرج من أي جامعة أخرى خلال فترة الانقطاع.

  • يُعامل الطالب وفق رسوم التسجيل للعام الذي انقطع فيه، وليس وفق رسوم العام الحالي، تخفيفاً للعبء المالي.

  • تُحتسب فترة الانقطاع كـ “إيقاف تسجيل” ولا تُحسب من مدد الإيقاف المحددة في اللوائح الجامعية.


وماذا عن الخطط الدراسية؟

  • الطلاب الذين كانوا في السنوات الانتقالية سيخضعون للمقررات المعتمدة حالياً.

  • أما طلاب التخرج، فستُطبق عليهم الخطط التي كانت سارية وقت انقطاعهم.

  • في حال تم إغلاق الكلية أو المعهد السابق، يُمنح الطالب خيار النقل إلى كلية أو معهد مشابه في جامعة أخرى داخل سوريا.


إعفاء من العقوبات وتسهيلات انتقال

واحدة من أهم بنود المرسوم هي إعفاء الطلاب من العقوبات التأديبية والإدارية التي تراكمت بسبب الانقطاع، بشرط عدم وجود ملفات قانونية بحقهم. كذلك، يسمح المرسوم بالانتقال إلى جامعات أو معاهد أخرى ضمن الشروط الأكاديمية المعتمدة.


قرار وزاري مرتقب للتنفيذ

أحال المرسوم التفاصيل الإجرائية والتنفيذية إلى وزارة التعليم العالي، التي ستصدر تعليمات تتعلق بنموذج الطلب، كيفية تقديم الوثائق، وضوابط القيد والرسوم. ومن المتوقع أن تصدر هذه التعليمات خلال أيام.


لماذا يُعد هذا القرار تاريخياً؟

لأنه يتجاوز كونه مرسوماً جامعياً ليُصبح مرسوماً للمصالحة الوطنية. إنه يقرّ بأن الثورة لم تكن جريمة، وأن حاملي أفكارها وطلابها لهم الحق في العودة، لا إلى مقاعد الدراسة فقط، بل إلى الحضور الاجتماعي الكامل.

وهو أيضاً بمثابة رسالة أمل لأكثر من 40 ألف طالب وطالبة حُرموا من مستقبلهم الدراسي، ومن فرصة بناء مسارهم المهني والعلمي، بسبب قناعاتهم أو واقعهم القسري.


شهادات من الطلبة: “سنبدأ من جديد”

سالم، 32 عاماً، يقول:

“كنت في السنة الثالثة بكلية الحقوق عام 2011، وفُصلت بسبب مشاركتي في مظاهرة طلابية. اليوم، بعد 14 سنة، أشعر أني أعود للحياة من جديد”.

أما فرح، التي كانت تدرس في كلية الطب البشري، فتقول:

“هربتُ إلى لبنان بعد مداهمة سكني الجامعي. ظل حلمي بالتخرج يطاردني. اليوم، هذا الحلم أصبح مشروعاً حقيقياً”.


الختام: الجامعة ليست مكاناً للدراسة فقط

إنه قرار يتجاوز كل الاعتبارات الإدارية. لأن الجامعة ليست مؤسسة تعليمية فحسب، بل رئة فكرية وحيّز حر للوعي والنقاش. وعودة هؤلاء الطلاب هي جزء من عودة الوطن إلى ذاته.

مرسوم الشرع 95 لعام 2025 ليس فقط مرسوماً جامعياً، بل بداية تصالح الدولة مع مجتمعها، وبداية استعادة العقل السوري لما فُقد منه من نور ومعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى