أخبار محلية

وثيقة تكشف تلاعب مخابرات النظام السابق بالمساعدات الدولية

وثيقة تكشف تلاعب مخابرات النظام السابق بالمساعدات الدولية وبيعها في الأسواق السوداء

كشف تسريب وثيقة أمنية عن تورط مخابرات النظام السوري السابق في عمليات فساد تتعلق بالمساعدات الدولية المخصصة لضحايا الزلزال الذي ضرب سوريا في شباط/ فبراير 2023. الوثيقة، التي نشرتها صحيفة “الحرية” المحلية، كشفت أن فرع فلسطين التابع للمخابرات العسكرية، بالتعاون مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، قام باستلام المساعدات الدولية الموجهة للمواطنين السوريين المتضررين من الزلزال وبيعها في الأسواق السوداء بدلاً من إيصالها إلى مستحقيها.

تسريب الوثيقة يكشف تفاصيل التلاعب بالمساعدات

الوثيقة المسربة، التي تحمل الرقم 6/518 والصادرة بتاريخ 9 شباط/ فبراير 2023، تضمنّت أوامر إلى فرع 217 من المخابرات العسكرية، الذي يتولى الإشراف على استلام المساعدات الواردة عبر مطار دمشق الدولي. بدلاً من توزيع هذه المساعدات على المحتاجين، تم تحويلها إلى المستودعات الحكومية ثم بيعها تدريجياً لصالح خزينة الدولة. تظهر الوثيقة أن المسؤولين في فرع فلسطين قد استغلوا كارثة الزلزال، التي تسببت في دمار واسع في محافظات حماة وحلب وجبلة، كغطاء لتنفيذ هذه العمليات الفاسدة.

التلاعب بالمساعدات الدولية: نمط فساد ممنهج

هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها. فقد اتُهم النظام السوري السابق مراراً بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية المرسلة من المنظمات الدولية، وتحويلها إلى السوق السوداء أو توزيعها بشكل انتقائي بما يخدم مصالحه السياسية والعسكرية. وقد أثارت هذه الممارسات استياء واسعاً على الصعيدين المحلي والدولي. فعلى الرغم من تدفق المساعدات من دول عربية وأجنبية، كانت المساعدات التي وصلت إلى سوريا تخضع لرقابة مشددة من قبل أجهزة الأمن، التي كانت تتحكم في توزيعها وفقاً للولاءات السياسية، ما أسهم في حرمان العديد من الأسر المحتاجة من المساعدة.

تنسيق بين المخابرات ووزارة التجارة

أشارت الوثيقة المسربة أيضاً إلى التنسيق بين فرع فلسطين التابع للمخابرات العسكرية ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك. هذا التنسيق كان يهدف إلى إضفاء طابع رسمي على هذه العمليات، حيث تمت مراقبة بيع المساعدات عبر وكلاء، بحجة أنها تُباع لصالح خزينة الدولة. وفي الوقت الذي كانت فيه الأسر المنكوبة تكافح من أجل البقاء، تعرضت لضغوط إضافية جراء هذه العمليات الفاسدة.

من خلال هذه الوثيقة، يظهر أن المساعدات الدولية التي كانت موجهة لمساعدة المتضررين من الزلزال تم الاستيلاء عليها بالكامل. بدلاً من استخدامها لإنقاذ الأرواح وتوفير المأوى والمساعدات الأساسية، تم تحويلها إلى سوق سوداء، مما يزيد من معاناة الشعب السوري في وقت كان فيه في أمس الحاجة إلى الدعم.

غطاء رقابي لتغطية عمليات السرقة

ووفقاً للصحيفة، فإن عناصر الرقابة التموينية التابعة للنظام قد وفّرت غطاءً لهذه العمليات الفاسدة. حيث جرى بيع المساعدات في الأسواق السوداء عبر وسطاء تحت مبررات رسمية، مثل “دعم خزينة الدولة”، بينما كانت الأسر المنكوبة تعاني أوضاعاً إنسانية قاسية، وسط فقدان المأوى وانعدام الخدمات الأساسية. هذا النمط من الفساد هو جزء من سلسلة من الفضائح التي تتعلق بكيفية استغلال النظام للمساعدات الإنسانية كوسيلة لتعزيز سلطته السياسية، بدلاً من تقديمها للمحتاجين.

تقارير دولية تكشف ممارسات مشابهة

وقد أكدت تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وجود أنماط فساد مشابهة في التعامل مع المساعدات الإنسانية الموجهة لسوريا. بحسب التقارير، فرضت أجهزة الأمن قيوداً مشددة على توزيع المساعدات، حيث كان يتم التحكم في الوصول إليها بشكل غير عادل. في كثير من الأحيان، كانت المساعدات تصل إلى المناطق التي يخدم فيها النظام مصالحه العسكرية والسياسية، بينما كان يتم حرمان المناطق التي تفتقر إلى الولاء للنظام من الدعم الذي يحتاجونه.

تأثير هذه الممارسات على الشعب السوري

هذه الممارسات الفاسدة لا تقتصر على تحكم النظام بالمساعدات الإنسانية فحسب، بل تؤثر بشكل مباشر على الشعب السوري. على الرغم من الجهود الدولية لدعم المتضررين من الزلزال، فإن تلك المساعدات كانت تُحول بشكل غير قانوني إلى جيوب المسؤولين المقربين من النظام. هذا الوضع أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، وزاد من معاناة السكان الذين يعانون أصلاً من تداعيات الحرب المستمرة.

الخاتمة

وثيقة تكشف تلاعب مخابرات النظام السابق بالمساعدات الدوليةلا شك أن هذه الوثيقة المسربة تفضح فساد النظام السوري السابق في التعامل مع المساعدات الدولية، وتؤكد على حجم الاستغلال الذي تعرض له الشعب السوري خلال الأزمات. كما تكشف عن واقع مرير من الفساد الذي يتغلغل في العديد من المؤسسات الحكومية، ما يجعل عملية الحصول على المساعدات الإنسانية أمراً شبه مستحيل للمواطنين السوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها.

إن تلاعب النظام بالمساعدات الدولية هو أمر غير مقبول ويجب أن يلقى إدانة واسعة من المجتمع الدولي، والعمل على محاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال. في الوقت نفسه، يجب على المنظمات الإنسانية أن تواصل جهودها لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، وتحقيق العدالة للمتضررين من هذه الأزمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى