
سوريا بين الليرة والدولار والخبز .. السوريون يبحثون عن العدالة المفقودة
سوريا بين الليرة والدولار والخبز
الشعارات والممارسات السياسية
“كل الناس خير وبركة”، عبارة يرددها البسطاء في سوريا عند لقائهم “الغرباء”، لتبدو أكثر واقعية من شعار “الشعب السوري واحد”، الذي تردده القوى السياسية في الخطابات والبيانات، رغم أنه لا ينعكس على الواقع. هذه الفجوة بين الشعارات والممارسات السياسية تثير تساؤلات عن إمكانية تحسين الوضع إذا كانت “قاعدة الهرم” في المجتمع السوري، والتي تمثل البسطاء، تتولى القيادة وتسيير الأمور.
الباحثة الاجتماعية أليسار فندي ترى أن فكرة قلب الهرم الاجتماعي قد تكون غير منطقية، فكيف يمكن للقاعدة أن تتولى الأمور في ظل غياب الخبرة والقدرة على إدارة مؤسسات الدولة؟ ومع ذلك، بالنسبة لـ “أم محمد”، العاملة في جمع العلب البلاستيكية من الشوارع، تبدو العبارة “كل الناس خير وبركة” أكثر واقعية، شريطة أن يكون القول مقروناً بالعمل.
تفريغ الشعارات من مضامينها
السوريون عانوا لفترة طويلة من تفرغ الشعارات السياسية من معانيها، حتى أصبحت مضحكة في نظر الكثيرين. “طلال”، الطالب في كلية الآداب، يعزو ذلك إلى المسؤولين والنخب الذين لا يقدمون الحلول الملموسة للمشكلات. وتستشهد التقارير الدولية بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، في وقت تتحدث فيه الخطابات الرسمية عن “وحدة الشعب”. على الرغم من محاولات البعض في المجتمعات المحلية للمساهمة في الوحدة الوطنية، فإن الواقع يختلف تمامًا.
المجتمع المدني والحكومة المؤقتة
من جانب آخر، تشير الناشطة المدنية “ماريا” إلى أن الحكومات المؤقتة، على الرغم من منادتها بالمجتمع الواحد، تميل إلى تمثيل لون واحد، سواء في اختيار الإدارات أو تشكيل اللجان، وهو ما يعيد إلى الأذهان “أحادية الأسد”. هذا الوضع يزيد من تفاقم الانقسامات في المجتمع السوري. تسعى “ماريا” لتحذير المجتمع من مخاطر التقسيم في البلاد، إذ تعتبر أن هذه الانقسامات تُدفع من خلال الأحداث المتصاعدة في الجنوب وريف حمص وجبال الساحل.
الدعوة إلى التغيير
وفي محاولة لتحسين الوضع، تقترح “أم محمد” تأسيس حزب جديد تحت شعار “كل الناس خير وبركة”، مؤكدة أنه لا يحتاج إلى الكثير من الفلسفة أو التفصيل، ما دامت النوايا صادقة. هذا الحزب، وفقاً لها، يجب أن يلتزم فعلاً بمبادئه ليكون ذا تأثير حقيقي.
الاقتصاد: أزمة الليرة والدولار
على صعيد آخر، يعاني السوريون من أزمة اقتصادية طاحنة، حيث شهدت الليرة السورية انهيارًا غير مسبوق أمام الدولار. “أبو ياسر”، الذي يعتمد على الحوالات المالية من أبنائه المغتربين، يوضح أن الدولار يتم حسابه في الخارج بـ9000 ليرة، بينما يتم صرفه في المصرف المركزي السوري بسعر أعلى بكثير. هذا التفاوت في الأسعار يفاقم الأوضاع ويجعل الحياة أكثر صعوبة للمواطن العادي.
الخبز: من الرفاه إلى الحاجة
ومن المؤشرات الأخرى على تدهور الوضع الاقتصادي، ارتفاع أسعار الخبز بشكل هائل. حيث ارتفع سعر ربطة الخبز من 400 ليرة إلى 4000 ليرة، لكن الكمية التي يحصل عليها المواطن لم تزد، بل تقلص قطر الرغيف، مما يعني أن الزيادة في السعر لم تصاحبها زيادة حقيقية في الكمية.
الحالة الاجتماعية في دمشق
في شوارع دمشق، يعتبر البعض أن الثقة أصبحت “عملة نادرة”، فالمواطنون لم يعودوا يثقون في سياسات الحكومة أو في المؤسسات التي تدير الشؤون اليومية. في الوقت نفسه، ومع كل هذه المعاناة الاقتصادية والاجتماعية، يظل الكثيرون يأملون في التغيير، حتى لو كان هذا التغيير يتطلب التخلص من الفساد السياسي والإداري الذي يسيطر على البلاد.
الخلاصة
تظل سوريا في مفترق طرق، بين الشعارات السياسية التي تفتقر إلى المصداقية وبين الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون. في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والانقسامات السياسية المستمرة، يبقى الأمل في إصلاح حقيقي يعيد العدالة والكرامة للشعب السوري، ويضمن حقوقه في ظل ظروف أكثر عدلاً واستقراراً.
إقراء ايضا: