أخبار سياسية

فورين أفيرز: سوريا في عهد الشرع.. نظام جديد غير واضح المعالم في سوريا

 فورين أفيرز: سوريا في عهد الشرع نشرت مجلة فورين أفيرز الأميركية تقريراً يسلّط الضوء على طبيعة النظام الجديد في سوريا، الذي يقوده الرئيس أحمد الشرع. التقرير يصف المشهد السياسي السوري الحالي بأنه يتسم بالغموض والتناقض، حيث تحاول القيادة الجديدة تقديم صورة معتدلة وشاملة، مقابل واقع داخلي يعج بالتحديات والانقسامات.

محاولة لطمأنة الداخل والخارج

في خطوة تهدف إلى كسب الثقة الإقليمية والدولية، شكّل الشرع حكومة تصريف أعمال تضم وزراء من مختلف الطوائف والمكوّنات، من بينهم وزراء مسيحيون وأكراد وعلويون ودروز. هذه التعيينات جاءت في ظل ضغط كبير عقب المجازر التي ارتكبتها مجموعات مقاتلة محسوبة على حكومته بحق العلويين، ما أجبره على إظهار نوايا تصالحية.

لكن هذه الخطوة لم تبدد المخاوف، خاصة في ظل خلفيته الجهادية وتاريخ فصيله “هيئة تحرير الشام”، الذي انبثق من تنظيمات متطرفة وتحول لاحقاً إلى كيان محلي يحاول الظهور بمظهر أكثر براغماتية.

ملامح نظام هجين

التقرير يشير إلى أن النظام الجديد يجمع بين الحكم السلطوي المركزي والتنظيم اللامركزي. فعلى الرغم من أن الإعلان الدستوري يمنح الشرع صلاحيات واسعة – مثل تعيين أعضاء المحكمة الدستورية وثلث البرلمان – إلا أن سيطرته الفعلية على الأراضي السورية لا تزال محدودة، بسبب وجود فصائل مسلحة مستقلة أو رافضة لسلطته.

كما يعاني النظام الجديد من الانقسام الداخلي وضعف مؤسسات الدولة، ما يجعل الحكم فعلياً بيد نخب ضيقة، مع مشاركة شكلية للفئات الأخرى.

تجربة إدلب: نموذج لا يمكن تعميمه

سلّط التقرير الضوء على تجربة “هيئة تحرير الشام” في إدلب، حيث تحوّلت من جماعة متشددة إلى سلطة محلية براغماتية. فقد تخلت الهيئة عن “قانون الحسبة”، وانفتحت على الصوفيين، وسمحت ببعض هامش العمل المدني. لكن فورين أفيرز ترى أن هذا النموذج لا يمكن تطبيقه على باقي سوريا، بسبب تنوعها الديمغرافي والجغرافي، وضعف الإمكانات الإدارية والمالية.

ولذلك، تؤكد المجلة أن الحكومة الجديدة بحاجة ماسة إلى دعم خارجي، خاصة من دول الخليج والغرب، من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة وتمويل الجيش ورفع العقوبات.

تحديات تهدد بعودة الفوضى

يواجه النظام المؤقت تحديات وجودية، أبرزها:

  • الانهيار الاقتصادي.

  • العقوبات الغربية المستمرة.

  • العنف الطائفي المتجدد، خاصة بعد استهداف العلويين.

ويحذر التقرير من أن غياب تمثيل حقيقي للعلويين، وتورط عناصر حكومية في المجازر، قد يؤدي إلى تمرّد داخلي وفقدان الشرعية الدولية.

دوائر السلطة المغلقة

يعتمد الشرع على شبكة ضيقة من المستشارين والمقربين في اتخاذ القرارات، مما يثير شكوكاً حول مدى جدية التشاركية في الحكم. وتعمل هيئة تحرير الشام من خلال أربع دوائر أساسية:

  1. القيادة المركزية التي تضم الشرع ومقربيه.

  2. قادة سابقون في الهيئة ممن يمتلكون خبرة في الإدارة.

  3. فصائل مدعومة من تركيا لا تزال خارج السيطرة الكاملة.

  4. العشائر السنية التي تحاول الهيئة استمالتها.

ورغم عقد مؤتمر للحوار الوطني في فبراير، فإن الاعتماد المفرط على نخبة مغلقة يهدد أي مشروع وطني جامع.

هل تنجح محاولة الاستقرار؟

خلاصة التقرير أن سوريا اليوم أمام مفترق طرق. فإما أن تنجح حكومة الشرع في إعادة بناء الدولة، بالتعاون مع المجتمع الدولي، أو أن تغرق البلاد مجدداً في العنف والفوضى. فالنظام الجديد لا يزال غير واضح المعالم، ويعتمد على توازن هش بين القمع والمصالحات، في مشهد مفتوح على كل الاحتمالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى