أخبار سياسية

من كابوس العسكرية إلى أحلام قيد التحقيق.. كيف غيّر سقوط الأسد حياة شباب سوريا؟

من كابوس العسكرية إلى أحلام قيد التحقيق: “لو عاد بي الزمن، لاخترت حياةً لا يُهددها استدعاء عسكري ولا تطاردها ورقة سوق.”
هكذا يلخّص خليل درباس، خريج كلية الإعلام، معاناته مع شبح الخدمة العسكرية، التي حولت سنوات دراسته الثمينة إلى معركة مفتوحة مع الزمن والهروب المؤقت. قصة خليل واحدة من آلاف الحكايات التي عاشها شباب سوريا ممن ضيّعوا أعمارهم بين تمديد تأجيل أو تفادي اعتقال أو بحث عن مهرب خارج حدود البلاد.

عقود من الخوف والانتظار
منذ عقود، مثّلت الخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا فخًا قاتلًا للشباب، لا يُفرج عن ضحاياه إلا بجثمان أو عاهة أو بعد سنوات طويلة من الاحتجاز القسري في معسكرات النظام. من كان يلتحق بالجيش يعلم أن لا موعد لنهاية خدمته، فقرارات التسريح كانت نادرة وأشبه بالأحلام.

ومع اندلاع الثورة، ازدادت وطأة هذا الكابوس، بعدما زُجّ بآلاف الشبان إلى جبهات الموت الإجباري. كثير منهم فُقد أو أصيب، وآخرون أجبروا على القتال ضد شعبهم.

بعد السقوط.. حُلم مؤجل يرى النور مع سقوط النظام المخلوع وإعلان إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية، تنفّس السوريون الصعداء. ليس فقط من كانوا على الجبهات، بل أيضًا أولئك الذين أرهقهم شبح الالتحاق. تغيّرت حياة الجميع:

  • طلاب عادوا لاستكمال دراستهم دون خوف.

  • شباب بدأوا مشاريعهم وأعمالهم داخل سوريا بعدما توقفت حجج الهروب.

  • عائلات وافقت على تزويج بناتها بعد أن زال الخطر.

  • مهاجرون تخلّوا عن خطط اللجوء وعادوا ليبنوا مستقبلهم.

حكايات الهاربين من العسكرية مختار قجي، واحد من شباب “الدورة 102″، التي بقيت محتجزة 8 سنوات قسرًا. حرمته الحرب من خطيبته ومن قدمه. يقول بحزن:
“خرجت من العسكرية بجسد ناقص وعمرٍ ضائع.. لا شيء يعوضني عن تلك السنوات.”

كذلك معتز البزرة، الذي قضى سنوات شبابه بين تأجيل وتأجيل، لا لشيء سوى للهروب من الالتحاق بالجيش. يقول معتز:
“كنت أدرس لأجل التأجيل، لا لأجل العلم. واليوم، للمرة الأولى، أفكر بالزواج والعمل دون شرط ورقة سوق ولا تهديد بباب البيت.”

جيل كامل تأخر عن حياته خليل درباس كان يستعد للعمل في الإعلام، لكن الخوف من العسكرية جعله يتعمد الرسوب. يقول:
“خسرت عشر سنوات بين الجامعة واللجوء، كل حلمي كان فقط أن أتجنّب الالتحاق. اليوم شقيقي الأصغر يدرس دون خوف من التجنيد.. كم تغيرت البلاد!”

عودة الأمل.. من الهجرة إلى المشاريع موسى طحان، شاب دمشقي، كان على وشك مغادرة سوريا. كان يعمل على بسطته المتواضعة ليعيل أسرته. ومع إعلان إلغاء الخدمة، ألغى خططه للسفر وأسس مشروعه الصغير.
“فكرت.. لماذا أهرب وأنا أستطيع أن أبدأ من هنا؟”

حكاية موسى تكررت مع كثيرين؛ مشاريع صغيرة، ورشات، محلات، أفكار لم تكن ممكنة في ظل نظام يلاحق شبابه ويحول حياتهم إلى ورقة سوق أو تهديد على حاجز.

أنس لقموش: حرية التنقل بعد العزلة أنس، الذي أنهى خدمته العسكرية عام 2009، وجد نفسه مطاردًا مجددًا للخدمة الاحتياطية عام 2017.
“كنت حبيس جرمانا.. اليوم أتنقل بحرية في دمشق، وأستعد لافتتاح ورشتي في شارع الثورة.”

بلدٌ تنفض عنها ثوب الخوف إن سقوط النظام كان لحظة فاصلة في تاريخ السوريين، ليس فقط سياسيًا، بل شخصيًا.
جيل كامل نشأ على الهروب، وعلى أفكار “سنة سنتين بالسجن ولا العسكرية”. اليوم، تعود الجامعات لتكون مكانًا للدراسة لا للتأجيل، وتعود البيوت لتفتح أبوابها للخطّاب دون سؤال “مؤجل أم مساق؟”.

ختامًا
لم تنتهِ تحديات السوريين بعد، لكن زوال كابوس العسكرية كان بداية ضرورية لحياة طبيعية افتقدوها لعقود. الآن، يسير شباب سوريا نحو مستقبل بلا حواجز عسكرية ولا خوف من استدعاء مباغت.
جيل يحاول أن يستعيد ما فقده.. أو على الأقل، أن يمنح من بعده حياة أقل رعبًا.

إقراء ايضا:

الشرع يحث رجال الأعمال السوريين في الإمارات: ابدأوا البناء ولا تنتظروا المساعدات

الشرع يشكر قطر: لن ننسى دعمها الصادق للسوريين

وزير التجارة التركي في دمشق لتعزيز التعاون الاقتصادي ومناقشة مشاريع إعادة الإعمار

إحالة عسكريين للقضاء في طرطوس بعد انتهاك حرمة مقام ديني

نقابة الفنانين السورية تدعو لإجراءات عاجلة في العدالة الانتقالية لضمان السلم الأهلي

الإدارة الذاتية: تقدّم في الحوار الكردي وانتقادات حادّة للحكومة السورية الجديدة

الشرع يشكر قطر: لن ننسى دعمها الصادق للسوريين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى