
إسرائيل تدفع نحو صراع غير ضروري في سوريا
في تقرير تحليلي حديث، تناولت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية تطورات السياسة الإسرائيلية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث تزايد النشاط العسكري الإسرائيلي في الأراضي السورية في السنوات الأخيرة، مما يثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل الحقيقية في المنطقة.
التصعيد الإسرائيلي في سوريا
بعد انهيار نظام الأسد، لم تكتفِ إسرائيل بتطوير استراتيجيات عسكرية لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة، بل بدأت في التصعيد العسكري المباشر. فقد استولت إسرائيل على المنطقة العازلة التي كانت تحت إشراف الأمم المتحدة، وشنّت غارات جوية منهجية على البنية التحتية العسكرية السورية بما في ذلك شبكات الدفاع الجوي ومستودعات الأسلحة. هذا التوسع في العمليات العسكرية أثار مخاوف دولية بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة.
فرص للتعاون مع الحكومة السورية
مع تقدم الأحداث في سوريا، بدأت الحكومة السورية الجديدة تحت قيادة بشار الأسد تسعى لتغيير موقفها تجاه إسرائيل. قدّم قادة دمشق وعودًا بالتعاون مع إسرائيل، حيث عرضوا إمكانية تطبيع العلاقات بشرط عدم تهديد الأمن الإسرائيلي. إلا أن النهج الإسرائيلي المستمر في التصعيد العسكري يعكس موقفًا مريبًا من هذه الفرص، حيث يرى بعض القادة الإسرائيليين أن التقارب مع حكومة الأسد قد يعزز النفوذ الإيراني بدلاً من تقليصه.
الهجوم الإسرائيلي على سورية: استراتيجيات في مأزق
على الرغم من التصعيد العسكري الإسرائيلي في سوريا، فإن الحكومة السورية الجديدة لا تشكل تهديدًا عسكريًا حقيقيًا لإسرائيل. الواقع أن الحدود بين البلدين كانت هادئة طوال فترة الحرب في غزة، ولم يحدث أي تصعيد كبير على الجبهة السورية. ومع ذلك، تستمر إسرائيل في تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، وهو ما يراه العديد من المحللين بمثابة خطأ استراتيجي.
وبدلاً من استغلال فرصة التهدئة المحتملة مع دمشق، فإن تصرفات إسرائيل قد تؤدي إلى زيادة الاستياء الشعبي داخل سوريا وقد تخلق عدواً جديداً حيث لا يوجد عدو حاليًا. تحاول إسرائيل إقناع نفسها بأن التصعيد العسكري في سوريا يخدم مصالحها الأمنية، لكن في الواقع، قد يؤدي هذا إلى تعميق الفجوات الإقليمية وتعقيد الأوضاع أكثر مما هو مطلوب.
تصعيد العلاقات مع تركيا
من ناحية أخرى، يبدو أن العلاقات الإسرائيلية التركية قد تأثرت بشكل كبير بسبب التحركات العسكرية الإسرائيلية في سوريا. إسرائيل تسعى إلى تقليص النفوذ التركي في المنطقة، خصوصًا في سوريا، وهو ما قد يعمق التوترات بين الدولتين. هذا التصعيد يمكن أن يدفع تركيا نحو مسار تصادمي مع إسرائيل، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
فرص ضائعة للمستقبل
إذا استمرت إسرائيل في استراتيجيتها الحالية، فإنها قد تخسر فرصة تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة. بدلاً من التصعيد العسكري، ينبغي على إسرائيل العمل على تعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة، شريطة أن تلتزم دمشق بتعهداتها بعدم تهديد أمن إسرائيل. يمكن أن تؤدي هذه السياسة إلى الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، مما يعود بالفائدة على الأمن الإقليمي بشكل عام.
إضافة إلى ذلك، يجب على إسرائيل أن تبذل جهدًا أكبر لتقليل التوترات مع تركيا من خلال مفاوضات مباشرة، لضمان عدم تصعيد الموقف العسكري في المنطقة. التحركات العسكرية الإسرائيلية الأحادية قد تعزز الوجود الإيراني في المنطقة وتزيد من احتمالية نشوب صراعات جديدة في المستقبل.
الخلاصة
في النهاية، إن إسرائيل بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها في سوريا. بدلاً من تبني سياسة عدوانية تضر بمصالحها طويلة الأجل، يجب على إسرائيل أن تستفيد من فرص التهدئة والعمل الدبلوماسي لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.