
خط أنابيب كركوك بانياس.. خطوط النفط تحدد معالم التقارب العراقي السوري
خط أنابيب كركوك بانياس:شهدت العلاقات العراقية السورية مؤخراً تغيرات لافتة، عكستها سلسلة خطوات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، في وقت تشهد فيه المنطقة إعادة رسم للتحالفات الإقليمية بعد سقوط نظام بشار الأسد. وكان ملف خطوط النفط، وتحديداً مشروع إعادة تشغيل خط كركوك–بانياس، في صدارة هذه التحركات، كجزء من إعادة التموضع العراقي في المشهد الإقليمي الجديد.
تحولات في موقف الإطار التنسيقي
حتى وقت قريب، لم يكن الإطار التنسيقي، الذي يسيطر على غالبية السلطة في العراق، متحمساً لدعم الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع. ومع أن القوى المنضوية ضمن الإطار كانت ترتبط بتحالفات وثيقة مع إيران والنظام السوري السابق، إلا أن التطورات الأخيرة أظهرت ميلاً متزايداً للتقارب مع دمشق الجديدة، بعيداً عن التأثيرات الإيرانية التقليدية.
أبرز تجليات هذا التقارب كان لقاء رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني بالرئيس السوري أحمد الشرع في الدوحة بوساطة قطرية، تبعته زيارة رئيس الاستخبارات العراقي إلى دمشق، وإرسال شحنة قمح ضخمة كدعم للشعب السوري.
تراجع النفوذ الإيراني
تشير المؤشرات إلى أن النفوذ الإيراني داخل العراق بدأ يتراجع تدريجياً، خاصة مع تصاعد الضغوط الأميركية في عهد إدارة ترمب الثانية، والتي دفعت الجماعات المسلحة المرتبطة بطهران إلى تقليل تحركاتها. هذا التراجع منح بغداد هامشاً أوسع للمناورة، ومكّنها من تبني سياسة أكثر استقلالية تجاه سوريا، بالاستناد إلى المصالح الوطنية العراقية أولاً.
ورغم أن إيران لم تفقد كل أوراقها في العراق، إلا أنها تبدو مضطرة للتكيف مع المتغيرات، خصوصاً في ظل العقوبات المشددة عليها، وتنامي الضغوط الدولية على أذرعها الإقليمية.
النفط يفتح أبواب الشراكة
إعادة إحياء خط أنابيب كركوك–بانياس، الذي يربط الحقول العراقية بالبحر المتوسط عبر الأراضي السورية، يحمل بعداً استراتيجياً كبيراً للعراق. فهو لا يسهم فقط في تنويع صادرات النفط وتقليل الاعتماد على طرق التصدير التقليدية عبر تركيا، بل يمنح العراق نفوذاً إضافياً في شرق المتوسط.
كما أن هذه الخطوة تفتح المجال لتعاون أمني واقتصادي أوسع مع دمشق، خاصة في ظل التحديات المشتركة التي يواجهها البلدان، وعلى رأسها عودة تنظيم داعش ومحاولات استنساخ نموذج الفيدرالية الكردية في شمال شرق سوريا.
تحديات وعقبات محتملة
رغم المؤشرات الإيجابية، يبقى الطريق نحو شراكة عراقية سورية مستقرة محفوفاً بالعقبات، أبرزها قدرة إيران على التعطيل من خلال حلفائها المحليين، بالإضافة إلى مدى استعداد الإدارة السورية الجديدة للانخراط في علاقات متوازنة مع بغداد، تراعي التحولات الجيوسياسية الأوسع.
كذلك، فإن استمرار الضغوط الأميركية على العراق، لا سيما في ملف علاقاته مع خصوم واشنطن الإقليميين، قد يفرض قيوداً على هامش الحركة العراقي في هذا المسار.
خلاصة
يمثل مسار كركوك–بانياس أكثر من مجرد خط نفطي؛ إنه تعبير عن رغبة العراق في إعادة صياغة دوره الإقليمي على أسس جديدة، والانفتاح على جيرانه وفق منطق المصالح المشتركة، بعيداً عن الاستقطابات القديمة. غير أن نجاح هذا المسار سيعتمد على قدرة بغداد ودمشق على تجاوز الضغوط والتدخلات الخارجية، وبناء علاقة تستند إلى الواقعية السياسية أكثر من الشعارات الإيديولوجية.
إقراء ايضا:
هند قبوات تمثل سوريا بروما في مراسم وداع البابا فرنسيس
خيمة الحقيقة في مخيم اليرموك: صرخة أهالي المعتقلين لكشف مصير المغيبين
استيقاف عصام بويضاني في مطار دبي وسط تحرّك دبلوماسي سوري للإفراج عنه
مسؤولة أميركية: الشرع يؤكد التزام سوريا بعدم تهديد إسرائيل
عون يعلن عن تشكيل لجان لبنانية – سورية مشتركة لحل قضايا الحدود واللاجئين