
الكهرباء تُغلق حساباتها المصرفية: توجه جديد نحو المركزية المالية في سوريا
الكهرباء تُغلق حساباتها المصرفية:أصدرت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا تعميماً مفاجئاً ينص على إغلاق جميع حساباتها المصرفية المفتوحة لدى المصرف التجاري السوري والبنوك الخاصة، والاقتصار في تعاملاتها المالية مستقبلاً على مصرف سوريا المركزي فقط. يأتي هذا القرار في إطار ما وصفته المؤسسة بإعادة تنظيم السياسة المالية واعتماد قناة مصرفية موحدة لتبسيط العمليات وضمان الشفافية في إدارة الأموال العامة
وذلك اعتباراً من 21 أيار 2025. يأتي هذا القرار، بحسب التعميم الموقّع من المدير العام خالد كسّار أبو ديب، في محاولة لمعالجة صعوبات متراكمة تتعلق بتنفيذ المدفوعات وتأخيرات مزمنة في إنجاز المعاملات المالية.
لكن هذا التوجّه، الذي يأتي في ظرف اقتصادي حرج، أثار تساؤلات كثيرة لدى المختصين حول أبعاده الاقتصادية وتأثيراته على قطاع الطاقة والقطاع المالي برمّته.
دوافع القرار: خلل في الدفع وتعطيل للمشاريع
تقول المؤسسة إن القرار جاء نتيجة ما وصفته بـ”مشكلات متكررة” في تعاملها المالي مع البنوك، من بينها صعوبة سحب الأموال وتأخير في تنفيذ المدفوعات. وأشارت إلى أن هذه العقبات تسببت في تعطيل عدد من المشاريع وخلل في التزاماتها تجاه الموردين، الأمر الذي أدى إلى تراجع ثقة الشركاء المحليين والدوليين.
وألزم التعميم الإدارات المختصة بتسوية الأرصدة وتحويلها إلى حسابات جديدة في المصرف المركزي، مع توجيه إنذارات للمشتركين الرئيسيين بضرورة اتخاذ ما يلزم لتفادي انقطاع الالتزامات التعاقدية.
انتقادات اقتصادية: ضربة لمبادئ العمل المصرفي
الخبير المصرفي إبراهيم قوشجي اعتبر القرار خروجاً خطيراً عن الأعراف المصرفية المتبعة دولياً، إذ أن العلاقة الطبيعية للمصارف المركزية تقتصر على التعامل مع الحكومات والبنوك التجارية، وليس الدخول في عمل تنفيذي أو تنافسي.
وحذر قوشجي من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تحول دور المصرف المركزي من منظم للسياسة النقدية إلى منافس للبنوك، ما قد يُسهم في إرباك إضافي للمشهد المالي السوري، ويُضعف من قدرة المصرف المركزي على التحكم بالسيولة ومؤشرات الاستقرار الاقتصادي.
وأشار إلى أن المطلوب اليوم هو إصلاح البنية المصرفية وليس تقييدها، عبر تقديم أدوات دفع إلكترونية مرنة، وتسهيل الوصول إلى السحب النقدي، وبناء الثقة مع المودعين، بدلاً من فرض المركزية الكاملة.
هل هي بداية لعزلة مالية أعمق؟
في ظل العقوبات الغربية على النظام السوري، والشلل الذي أصاب القطاع المصرفي منذ سنوات، يُنظر إلى قرار نقل الحسابات إلى المصرف المركزي على أنه تكريس لانفصال إضافي عن النظام المالي العالمي.
ويرى بعض المراقبين أن هذه الخطوة قد تُفاقم عزلة سوريا، إذ تُضعف فرص التعامل مع شركاء دوليين، وتُقلص من مرونة النظام المالي المحلي في التفاعل مع المعايير الدولية.
الحكومة تعد بتحسين الكهرباء.. هل تتعارض الوعود مع الإجراءات؟
في سياق متصل، أعلن وزير الطاقة محمد البشير أن البلاد ستشهد تحسناً ملحوظاً في الكهرباء والمياه خلال الفترة القادمة، مشيراً إلى اتفاق مع تركيا لتوريد 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً، ومشاريع جديدة في مجال الطاقة المتجددة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تكفي هذه الوعود لتجاوز التعقيدات البنكية؟ وهل يمكن تحقيق التحسن الخدمي الموعود في ظل تقييد حرية المؤسسات في التعامل المالي والمصرفي؟
الخلاصة
يبدو أن القرار الأخير لمؤسسة الكهرباء ليس مجرد إجراء إداري، بل يمثل مؤشراً خطيراً على التوجهات الاقتصادية المستقبلية للحكومة السورية، والتي قد تُفضي إلى مزيد من التركيز والتحكم المركزي، على حساب استقلالية المؤسسات وثقة السوق.
وبينما يأمل المواطن السوري تحسناً في الخدمات الأساسية، تبقى المخاوف من أن تؤدي هذه السياسات إلى نتائج عكسية، تعمّق الأزمات الاقتصادية وتزيد من هشاشة البنية المصرفية والمالية في البلاد.
الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا: تحول سياسي أم بداية لمرحلة جديدة؟
شراكة أممية سعودية لإحياء إنتاج الخبز في سوريا وتعزيز الأمن الغذائي
إيران ترفض الشروط الأميركية: لا وقف للتخصيب والمحادثات مهددة بالفشل