أخبار سياسية

التطبيع على طاولات المقاهي.. جدل واسع في دمشق وبيروت حول العلاقات مع إسرائيل

التطبيع على طاولات المقاهي:في مشهد لم يكن مألوفًا قبل سنوات، باتت أحاديث التطبيع مع إسرائيل تُتداول علنًا في مقاهي دمشق وبيروت، وسط تغيرات سياسية متسارعة تعيد رسم خريطة العلاقات في المنطقة. وبين مؤيد يعتبر السلام ضرورة للنجاة، ورافض يرى فيه خيانة للتاريخ والهوية، تتباين آراء الشارع بين البلدين، بينما تلتزم الحكومتان السورية واللبنانية الصمت الرسمي تجاه التصريحات الإسرائيلية الأخيرة.

إسرائيل تدعو لتوسيع دائرة التطبيع

التصريح الذي فجّر الجدل جاء من وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، حين أعلن سعي بلاده إلى ضم سوريا ولبنان إلى “دائرة السلام والتطبيع”، على غرار اتفاقيات أبراهام التي شملت دولًا عربية أخرى. ورغم أن التصريح لم يلقَ ردًا رسميًا من دمشق أو بيروت، إلا أنه أعاد فتح نقاشات كانت مغلقة لسنوات.

دمشق: مفاوضات غير مباشرة وهدوء في الخطاب

في العاصمة السورية، تؤكد مصادر مقربة من الحكومة أن مفاوضات غير مباشرة تُجرى مع الجانب الإسرائيلي بهدف تهدئة الأوضاع على الجبهة الجنوبية، خاصة بعد تصعيد الغارات الإسرائيلية عقب سقوط نظام الأسد. وفي خطوة لافتة، يتجنب الرئيس السوري أحمد الشرع استخدام خطاب المواجهة التقليدي الذي كان سائدًا في عهد النظام السابق، مفضلًا الدعوة إلى حل سياسي ووقف الهجمات دون استخدام تعابير مثل “العدو الصهيوني”.

أصوات من الشارع السوري: “سلام مشروط”

في أحد مقاهي دمشق، قالت رانيا الفواخيري، وهي ربة منزل، لوكالة “فرانس برس”:

“لا مانع من مفاوضات سلام مع إسرائيل، لكن بشرط أن تحفظ كرامة سوريا”.

وتابعت:

“نحن لا نطالب بتطبيع كامل، بل مشروط، فبلدنا خرج للتو من حرب مدمرة ولا يحتمل حربًا جديدة”.

الموقف اللبناني: بين الضرورة والسيادة

في بيروت، الانقسام الشعبي يبدو أكثر حدّة. ففي شارع الحمرا الشهير، قال المواطن نعيم قصير (71 عامًا):

“إذا كان التطبيع يضمن سلامة لبنان ويعيد بناء البلد، فلا مشكلة في توقيع معاهدة سلام، طالما أنه قرار حكومي لا يُلزم الشعب”.

لكن على الطرف المقابل، عبّر سائق الأجرة أحمد شمص (46 عامًا) عن موقف رافض بشدة:

“حتى لو طبّع العالم كله، نحن أهل الجنوب والبقاع والضاحية لن نطبع مع إسرائيل… سنبقى نقاومه حتى النهاية”.

الجولان.. عقدة الماضي والمستقبل

من جهة أخرى، تصرّ إسرائيل على أن الجولان المحتل سيبقى “جزءًا لا يتجزأ” من أراضيها، بحسب تصريحات وزير الخارجية ساعر، الذي ربط أي اتفاق سلام مستقبلي مع سوريا بإسقاط المطالب باستعادة الهضبة. في المقابل، يشدد محامون ونشطاء في دمشق على أن أي حديث عن “سلام” دون إعادة الجولان هو عبث سياسي لا يلقى قبولًا شعبيًا.

هل يتغير المشهد الإقليمي؟

مع الضغط الأميركي المتزايد لإدماج سوريا ولبنان في مسار التطبيع، وتراجع قدرة خصوم إسرائيل التقليديين كـ “حزب الله” وإيران بعد الضربات الأخيرة، تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة. لكن رغم تغير المواقف الرسمية، لا يزال الشارع منقسماً، تتجاذبه مشاعر الحذر والرفض والبراغماتية.


خلاصة

الحديث عن التطبيع لم يعد سرًا يُهمس به، بل بات على طاولة النقاشات اليومية في العواصم العربية، خاصة في ظل انهيار أنظمة، وتبدل تحالفات، وتحول لغة الخطاب. وبين الذاكرة الجماعية للمقاومة، وواقع الجغرافيا السياسية، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل فعلاً اقتربت لحظة السلام؟ أم أننا أمام “تطبيع تحت القصف” لا يحمل طابع الشرعية الشعبية؟

إقراء ايضا:

مقبرة جماعية جديدة في دير الزور تثير القلق من تكرار جرائم النظام المخلوع

إطلاق شبكة الأعمال الأسترالية السورية لتعزيز التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين

في خرق جديد للسيادة.. رئيس الأركان الإسرائيلي يتجول في الأراضي السورية المحتلة

الخطوط الجوية السورية تطلق رحلات مباشرة من مطار حلب إلى إسطنبول ودبي

بين الضحايا أكثر من 100 طفل.. أوتشا: مخلفات الحرب تقتل 390 مدنياً في سوريا خلال 6 أشهر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى