أخبار محلية

الإعلام السورية تُعلن شروط ترخيص القنوات والمنصات الرقمية: تغييرات جذرية في بيئة العمل الإعلامي

الإعلام السورية تُعلن شروط ترخيص القنوات:في خطوة مهمة لتعزيز تنظيم القطاع الإعلامي، كشفت وزارة الإعلام السورية يوم الأربعاء 2 تموز 2025 عن مجموعة شروط وضوابط جديدة لترخيص القنوات التلفزيونية والمنصات الإلكترونية العاملة داخل سوريا، تهدف إلى ضبط المشهد الإعلامي وضمان جودة المحتوى.وتشير الخطوة إلى محاولة رسمية لإعادة ضبط المشهد الإعلامي، بعد سنوات من الفوضى القانونية، والانفلات المهني الذي رافق الصراع والمرحلة الانتقالية.

ورغم أن الإعلان لم يأتِ مفاجئاً، خاصة مع تصاعد الحديث عن ضرورة “تنظيم الإعلام الوطني”، فإن الشروط المعلنة ورسوم الترخيص أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الصحفية وبين العاملين في القطاع الإعلامي السوري.

رسوم ترخيص مرتفعة: 20 ألف دولار للقنوات و1000 للمنصات

حددت الوزارة رسوم الترخيص بمبلغ 20,000 دولار أميركي لكل قناة تلفزيونية جديدة، في حين تبلغ رسوم ترخيص المنصة الإلكترونية 1000 دولار أميركي. ويمكن تسديد الرسوم بما يعادلها من العملة السورية وفق السعر الرسمي للبنك المركزي عند الانتهاء من إجراءات الترخيص.

أما في حالة تجديد الترخيص، فقد أعلنت الوزارة أن المبلغ المطلوب هو نصف قيمة الترخيص الأصلي، أي 10,000 دولار للقنوات و500 دولار للمنصات.

ولم توضح الوزارة ما إذا كانت هذه الرسوم تشمل خدمات أخرى أو تراخيص تقنية، الأمر الذي ترك علامات استفهام حول الكلفة النهائية للمؤسسات الإعلامية الراغبة في الترخيص.

شروط ترخيص القنوات التلفزيونية: مؤهلات أكاديمية وخبرة إعلامية

أوضحت الوزارة أن التقديم للحصول على ترخيص قناة تلفزيونية يشترط ما يلي:

  • أن يكون مقدم الطلب سوري الجنسية أو ممن في حكمهم.

  • أن يكون حاصلًا على شهادة جامعية أو يمتلك خبرة عملية لا تقل عن خمس سنوات في العمل الإعلامي.

  • وجود مجلس إدارة مكوّن من ثلاثة أعضاء سوريين على الأقل، بمن فيهم رئيس المجلس، ويشترط أن يكون الأعضاء مؤهلين أكاديمياً أو لديهم خبرة عملية في المجال الإعلامي.

  • وجود مقر حقيقي للقناة لا تقل مساحته عن 160 متراً مربعاً، مزوّد بالبنية التحتية والتجهيزات اللازمة لتشغيل مؤسسة إعلامية متكاملة.

الكادر البشري المطلوب: مهنيون في مختلف الاختصاصات

تشدد الشروط الجديدة على ضرورة وجود كادر بشري مؤهل، يشمل:

  • مدير عام للمؤسسة

  • رئيس تحرير

  • مصورون ومراسلون ميدانيون

  • مختصون بالمونتاج والإنتاج

  • فريق للتسويق والنشر

كما يُشترط ألّا يكون أي من أعضاء مجلس الإدارة أو مقدّم الطلب قد صدر بحقه حكم بجناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالآداب، ما لم تكن القضية متعلقة بالنشاط الثوري أو المعارضة السياسية السابقة.

ترخيص المنصات الإلكترونية: نحو تقنين الإعلام الرقمي

أما في ما يتعلق بالمنصات الإلكترونية، فقد أعلنت وزارة الإعلام السورية أن الشروط الأساسية للحصول على الترخيص تشمل:

  • أن يكون المرخَّص له سوري الجنسية أو من في حكمه.

  • وجود مكتب عمل فعلي للمنصة.

  • وجود مدير مسؤول حاصل على شهادة جامعية أو خبرة خمس سنوات في العمل الإعلامي.

  • أن يكون رئيس التحرير مؤهلاً أكاديمياً ويملك خبرة مماثلة.

  • تقديم نسخة من النظام الأساسي للمنصة، والالتزام بقوانين النشر السارية.

ورغم أن هذه الشروط تبدو في ظاهرها محاولة لضبط جودة العمل الإعلامي، إلا أن مراقبين يرون فيها محاولة لإخضاع الإعلام الإلكتروني لنفس الرقابة التي فرضت لسنوات على الإعلام التقليدي.

مدة الترخيص وتجديده

أشارت الوزارة إلى أن مدة الترخيص خمس سنوات، سواء للقنوات أو للمنصات، قابلة للتجديد بناءً على طلب يُقدّم قبل 60 يوماً من تاريخ انتهاء الترخيص السابق. ولم تُحدّد تفاصيل تتعلق بآلية الرقابة أو المساءلة في حال المخالفة، مما يثير تساؤلات حول أدوات تنفيذ هذه الضوابط.

أهداف رسمية: تنظيم الإعلام وتحفيز الإنتاج المحلي

بحسب ما ورد في بيان الوزارة، فإن الغاية من إصدار هذه الشروط الجديدة هو “تشجيع المؤسسات الإعلامية على العمل من داخل الأراضي السورية، وضمان التنافسية والشفافية، وضبط الأداء الإعلامي وفق معايير مهنية ووطنية”.

وكان وزير الإعلام قد صرّح في وقت سابق أن وزارته تعمل على “إعادة بناء منظومة الإعلام الوطني من الداخل، بعيداً عن العمل من الخارج أو من مناطق النفوذ الأجنبي”، في إشارة إلى وسائل إعلام سورية تعمل من خارج البلاد منذ سنوات.

ردود فعل متباينة: بين الترحيب والقلق

رحب بعض الإعلاميين بفكرة تنظيم السوق الإعلامية وضمان وجود قنوات مرخصة ذات مسؤولية قانونية، معتبرين أن الخطوة قد تساهم في إعادة ثقة الجمهور بالإعلام المحلي. إلا أن آخرين اعتبروا أن شروط الترخيص تضع حواجز مالية وإدارية أمام المبادرات الإعلامية المستقلة، خاصة في ظل الواقع الاقتصادي المتدهور.

كما أبدى البعض تخوفاً من أن تستخدم بعض الشروط – كخلو الصحفيين من الملاحقات أو الأحكام القضائية – كذريعة لاستبعاد المعارضين السابقين أو النشطاء ممن كان لهم نشاط إعلامي أو حقوقي في فترات سابقة.

مستقبل الإعلام في سوريا: نحو رقابة جديدة أم انفتاح منضبط؟

في ظل هذه التغييرات، يبقى المشهد الإعلامي السوري أمام مفترق طرق: هل سيكون هذا التنظيم خطوة نحو بناء بيئة إعلامية حرة ومنظمة ومسؤولة؟ أم سيعود إلى نمط الرقابة المركزية القديم تحت مسمى “ضبط الأداء المهني”؟

الإجابة على هذا السؤال ستتضح مع بدء تنفيذ الشروط ومتابعة كيفية تعاطي السلطات مع المؤسسات الجديدة والقديمة على حد سواء.

إقراء ايضا:

مقبرة جماعية جديدة في دير الزور تثير القلق من تكرار جرائم النظام المخلوع

إطلاق شبكة الأعمال الأسترالية السورية لتعزيز التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين

في خرق جديد للسيادة.. رئيس الأركان الإسرائيلي يتجول في الأراضي السورية المحتلة

الخطوط الجوية السورية تطلق رحلات مباشرة من مطار حلب إلى إسطنبول ودبي

بين الضحايا أكثر من 100 طفل.. أوتشا: مخلفات الحرب تقتل 390 مدنياً في سوريا خلال 6 أشهر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى