
واشنطن ترفع تحرير الشام من قائمة الإرهاب.. خطوة سياسية أم تحول استراتيجي؟
واشنطن ترفع تحرير الشام من قائمة الإرهاب:في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية رسميًا إلغاء تصنيف “هيئة تحرير الشام”، المعروفة سابقاً باسم “جبهة النصرة”، كـ”منظمة إرهابية أجنبية”، وهو قرار يُعد من أبرز التحولات في السياسة الأميركية تجاه الملف السوري منذ سنوات.
قرار أميركي يدخل حيز التنفيذ
القرار الذي وُقّع بتاريخ 23 حزيران 2025 من قبل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، تم الكشف عنه اليوم الإثنين، على أن يُنشر بشكل رسمي في السجل الفيدرالي الأميركي يوم الثلاثاء 8 تموز، ويصبح ساري المفعول على الفور.
وجاء في المذكرة الرسمية أن الإجراء تم بعد مشاورات بين الخارجية الأميركية ووزارتي الخزانة والعدل، واستند إلى القسم 219 من قانون الهجرة والجنسية، الذي يتيح للولايات المتحدة مراجعة وتصنيفات الكيانات الإرهابية استناداً إلى المتغيرات السياسية والأمنية.
دمشق: خطوة إيجابية ولكن غير كافية
في أول رد رسمي، وصفت وزارة الخارجية السورية القرار بـ”الإيجابي”، مشيرة إلى أنه “يعكس بداية تصحيح لمسار سابق أعاق الكثير من التفاهمات الدولية”، ودعت في الوقت ذاته إلى رفع جميع القيود المتبقية على المؤسسات والشخصيات السورية، والتي لا تزال خاضعة لعقوبات أميركية وأممية.
وأكدت الوزارة في بيان لها، أن الرئيس أحمد الشرع سيشارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل، في إشارة إلى سعي دمشق لاستعادة تمثيلها الدبلوماسي الكامل على الساحة الدولية.
هيئة تحرير الشام.. من القاعدة إلى “الدمج”
تعود جذور هيئة تحرير الشام إلى تنظيم القاعدة، حيث كانت تُعرف باسم جبهة النصرة، قبل أن تعلن فك ارتباطها بالتنظيم عام 2016، وتُعيد تشكيل نفسها باسم “جبهة فتح الشام” ثم “هيئة تحرير الشام”.
لكن التحول الأكبر جاء مع إعلانها في كانون الثاني الماضي عن حل نفسها بشكل رسمي إلى جانب فصائل أخرى، والانخراط في الدولة السورية الجديدة بقيادة الشرع، ضمن اتفاق موسّع شمل حل كافة التشكيلات العسكرية، وإلغاء الدستور القديم، وحل حزب البعث والجبهة الوطنية التقدمية.
خلفيات سياسية وعسكرية
القرار الأميركي يأتي في سياق متغيرات إقليمية ودولية معقدة. فخلال الأسابيع الأخيرة، برزت مؤشرات متزايدة على بدء حوار غير مباشر بين دمشق وواشنطن، خاصة في ضوء حديث مصادر دبلوماسية عن مباحثات جرت في الرياض بين الرئيس الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترمب، تزامناً مع تحركات جديدة في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن سوريا.
يُضاف إلى ذلك إعلان المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، عن انطلاق ما وصفه بـ”مرحلة جديدة في السياسة الأميركية تجاه دمشق”، وهي المرحلة التي يبدو أن رفع تصنيف هيئة تحرير الشام جزء منها.
تحفظات صينية واستياء إسرائيلي
لم تمر الخطوة الأميركية دون اعتراض، فقد أعلنت وزارة الخارجية الصينية عن تحفظات شديدة تجاه رفع التصنيف، مشيرة إلى أن “القرار قد يؤدي إلى خلخلة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب”.
من جهتها، عبّرت تل أبيب بشكل غير مباشر عن قلقها من القرار، لا سيما أن هيئة تحرير الشام كانت تسيطر على مناطق استراتيجية قرب حدود الجولان، وسبق أن دخلت في اشتباكات مع فصائل مدعومة من إسرائيل في الجنوب السوري.
خلاصة:
رفع اسم “هيئة تحرير الشام” من قائمة الإرهاب يمثل تغييراً جوهرياً في موقف واشنطن من المعارضة المسلحة السابقة في سوريا، ويبدو أنه يأتي ضمن خريطة تفاهمات أوسع تشمل إعادة دمج هذه الفصائل ضمن الدولة السورية، بما يخدم ترتيبات ما بعد الحرب، وربما تطبيعاً تدريجياً للعلاقات بين دمشق والعواصم الغربية.
إقراء ايضا:
خط جوي مباشر بين أنقرة ودمشق 3 رحلات اسبوعيا
تشكيل مجلس اقتصادي سوري بريطاني واتفاق على إعادة فتح السفارة في لندن
حرائق ريف اللاذقية تقطع المياه عن 25 قرية واستمرار جهود الإطفاء وسط تحديات ميدانية
الشرع: الهوية البصرية الجديدة تعكس وحدة سوريا وترفض أي شكل من أشكال التقسيم
الداخلية السورية تعلن اعتقال عنصرين متورطين في مجزرة البيضا بطرطوس