أخبار سياسية

تقرير أممي: لا علاقة بين دمشق وتنظيم القاعدة.. وتحركات أميركية لرفع العقوبات عن سوريا

تقرير أممي: لا علاقة بين دمشق وتنظيم القاعدة:كشف تقرير أممي غير منشور، أعدته لجنة مراقبة العقوبات في الأمم المتحدة، عن عدم وجود أي علاقات نشطة بين الحكومة السورية وتنظيم القاعدة أو الجماعات المرتبطة به، في مقدمتها “هيئة تحرير الشام”، ما اعتُبر مؤشراً مهماً قد يُمهّد الطريق أمام تحركات دبلوماسية مرتقبة في مجلس الأمن لرفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ سنوات.

وبحسب ما نقلته وكالة “رويترز”، التي اطلعت على نسخة مسرّبة من التقرير، فإن الوثيقة تغطي الفترة الممتدة حتى 22 حزيران 2025، وتستند إلى تقييمات ومساهمات من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وقد خلص التقرير إلى غياب أي تنسيق أو دعم متبادل بين النظام السوري والتنظيمات الجهادية المصنّفة إرهابية، معتبراً أن الوضع الحالي لا يعكس أي شكل من أشكال التعاون بين الجانبين.

نهاية ذريعة ربط دمشق بالإرهاب؟

تأتي هذه الخلاصات في توقيت دقيق، يتزامن مع تصاعد الحراك الدولي بشأن ملف العقوبات على سوريا، لا سيما في ضوء التغييرات السياسية الأخيرة التي شهدتها البلاد، وبدء مرحلة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، الذي يؤكد في جميع المناسبات على التزامه بالمعايير الدولية، وحرصه على بناء “دولة مدنية شاملة لا مكان فيها للتطرف أو الجماعات العابرة للحدود”.

ووفقاً لمراقبين أمميين، فإن التقرير قد يُستخدم كأداة قانونية من قبل الإدارة الأميركية لدعم مساعيها لإعادة تقييم العقوبات المفروضة على الحكومة السورية وبعض الكيانات المرتبطة بها، حيث أشارت “رويترز” إلى إمكانية تقديم مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن، يتضمن رفع العقوبات عن عدد من الشخصيات السورية، وعلى رأسهم الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب.

لا صلة بين “تحرير الشام” والقاعدة

واحدة من النقاط الجوهرية التي وردت في التقرير الأممي هي أن “هيئة تحرير الشام” لم تعد ترتبط فعلياً بتنظيم القاعدة، رغم جذورها الأيديولوجية المشتركة. وأشار التقرير إلى غياب أي دلائل على وجود تنسيق عملياتي أو لوجستي بين الطرفين، كما لم تُرصد تحركات مالية أو تبادلات معلوماتية في الأشهر الستة الماضية.

ويبدو أن هذه الخلاصة تؤكّد الانشقاق التدريجي للهيئة عن خط القاعدة التقليدي، خصوصاً بعد أن ركّزت قيادة “تحرير الشام” على إعادة تقديم نفسها كقوة “معتدلة” في شمال غرب سوريا، وهو ما يتقاطع مع المساعي الأميركية الحالية لإخراج الهيئة من قوائم الإرهاب الدولية، وهو ما تحدثت عنه تقارير صحفية مؤخراً.

تحركات أميركية داخل مجلس الأمن

مصادر دبلوماسية في نيويورك أفادت أن الولايات المتحدة تعمل منذ أسابيع على مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لرفع العقوبات الأممية المفروضة على شخصيات سورية، من بينها الرئيس الشرع، في إطار مقاربة جديدة تهدف إلى دعم جهود الاستقرار والإصلاح السياسي في البلاد.

وكشفت صحيفة “ذا ناشيونال” أن واشنطن بدأت مشاورات مع العواصم الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، في محاولة للتوصل إلى توافق بشأن هذا المشروع، رغم وجود خلافات حادة، لا سيما من قبل باريس ولندن، اللتين قادتا حملة العقوبات منذ العام 2014.

وقالت المصادر إن المفاوضات ستكون “معقّدة”، لأنها تتطلب إجماع الدول الأعضاء الـ15 في المجلس، لكن التقرير الأممي يمنح زخماً سياسياً وقانونياً لهذه المبادرة، وقد يشكّل سابقة لإعادة النظر في تصنيف عدد من الكيانات السورية.

تباين داخل مؤسسات الدولة السورية

من النقاط المثيرة للاهتمام التي تضمنها التقرير الأممي، ما وصفه بـ”التفاوت الأيديولوجي” داخل الحكومة السورية، حيث أشار إلى وجود أفراد في المستويات الميدانية يتبنون آراء أكثر تشدداً، مقارنة بالمستوى السياسي الأعلى الذي يقوده الرئيس الشرع ووزير داخليته أنس خطاب، واللذين وصفهما التقرير بـ”البراغماتيين” و”ذوي الميول الإصلاحية”.

ويرى مراقبون أن هذه الإشارة الأممية قد تُستخدم من قبل واشنطن لتبرير سياسة “التفكيك الذكي” للعقوبات، من خلال استهداف شخصيات بعينها بالإعفاء، مع الإبقاء على العقوبات ضد المتشددين أو المتورطين في انتهاكات.

الأمم المتحدة: الأولوية الآن للاستقرار

يتقاطع مضمون التقرير مع تصريحات سابقة للأمم المتحدة حول ضرورة الانتقال إلى مرحلة الاستثمار في “الاستقرار طويل الأمد” في سوريا، وإعادة فتح قنوات الدعم الدولي للملف الإنساني، والإغاثي، والتنمية الاقتصادية، بعد أكثر من عقد من الحرب والحصار.

وفي هذا السياق، دعا المنسق الإنساني للأمم المتحدة في سوريا، آدم عبد المولى، إلى ضرورة رفع القيود التي تفرضها العقوبات الدولية على عمليات الإغاثة، مشدداً على أن “قانون قيصر” لا يجب أن يُستخدم لعرقلة جهود التعافي المبكر أو إعمار البنى التحتية الأساسية.

هل تقترب نهاية العزلة؟

يبقى السؤال الأبرز في الأوساط السياسية الدولية: هل ينجح التقرير الأممي في كسر العزلة المفروضة على سوريا منذ سنوات، ويفتح الباب أمام تطبيع شامل للعلاقات الدولية معها؟ أم أن الخلافات داخل مجلس الأمن ستُبقي العقوبات سارية لمرحلة أخرى؟

في جميع الأحوال، يبدو أن غياب الأدلة على العلاقة بين دمشق والقاعدة، كما ورد في التقرير، يُضعف الحجج التي بُنيت عليها بعض العقوبات الأممية، ما يدفع إلى إعادة النظر فيها، ضمن سياق أوسع يشمل ملفات اللاجئين، إعادة الإعمار، وإعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي والدولي.


إقراء ايضا:

 

رئيس البورصات التركية يبحث مع الشرع:فرص الاستثمار والتبادل التجاري بين تركيا وسوريا

الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بتعديل قانون الاستثمار وإنشاء “صندوق التنمية”

أقمار صناعية ترصد حجم كارثة حرائق اللاذقية: النيران تلتهم نصف مساحة حلب

بدعم أممي وحوافز مالية.. بدء تنفيذ خطة لعودة اللاجئين السوريين من لبنان

مديرية الآثار السورية تنفي مزاعم إفراغ متحف دمشق الوطني: المقتنيات محفوظة وتحت المراقبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى