
لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري تكشف فظائع الانتهاكات وتوصي بمحاسبة المتورطين
لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري:في خطوة وصفت بأنها مفصلية ضمن مسار العدالة الانتقالية في سوريا ما بعد الأسد، أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، اليوم الثلاثاء 22 تموز 2025، نتائج تقريرها النهائي خلال مؤتمر صحفي في العاصمة دمشق، وسط ترقب شعبي ورسمي واسع لما ستؤول إليه توصياتها·
تحقيق ميداني شمل ثلاث محافظات
أوضح المتحدث باسم اللجنة، المحامي ياسر الفرحان، أن التحقيق شمل محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، وركّز على الوقائع التي بدأت مطلع آذار 2025، خصوصًا هجمات الفلول المرتبطة بالنظام السابق، والانتهاكات التي رافقت الرد الحكومي عليها·
زار أعضاء اللجنة 33 موقعًا ميدانيًا، واطلعوا على 938 إفادة من شهود، بينهم عائلات الضحايا، موظفون حكوميون، وموقوفون، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع مسؤولين رسميين وتنسيق مع جهات دولية مثل لجنة التحقيق الأممية ومنظمة العفو الدولية·
مجازر بحق المدنيين واعتداءات على المؤسسات
بحسب التقرير، شنّت مجموعات مسلحة تعرف بـ”الفلول” هجمات منسقة في 6 آذار، استهدفت مقار أمنية وعسكرية، وأدّت إلى مقتل 238 عنصرًا من الجيش والأمن، بعضهم تمت تصفيتهم أثناء وجودهم أسرى أو جرحى·
كما طالت الهجمات 6 مستشفيات وأدت إلى مقتل عدد من المدنيين، وهدفت إلى السيطرة على مناطق الساحل وفصلها عن الدولة·
ورغم تمكن القوات الحكومية من استعادة السيطرة، إلا أن الرد المضاد شهد أيضًا تجاوزات واسعة، خاصة في أيام 7 و8 و9 آذار، حيث تحققت اللجنة من مقتل 1426 شخصًا، معظمهم من المدنيين، وبينهم 90 امرأة، وأكدت أن بعض الانتهاكات وقعت بعد انتهاء المعارك، نتيجة حملات تفتيش عشوائية أو انتقامية·
سلوك غير ممنهج وتفاوت بين الفصائل
أشارت اللجنة إلى أن الانتهاكات لم تكن ممنهجة بالكامل، بل تفاوت السلوك بين المجموعات، وأن بعض القرى التي لم تشهد تجاوزات كانت بعيدة عن خطوط المواجهة أو لم تُستخدم من قبل المسلحين في استهداف القوات الحكومية·
كما أكدت أن القيادة السياسية والعسكرية للدولة أوصت مرارًا بحماية المدنيين ومنع الفوضى، إلا أن ضعف السيطرة على بعض الفصائل حال دون ضبط الانفلات بالكامل·
قائمة أولية بالمشتبه بتورطهم
كشف التقرير أن اللجنة توصلت إلى أسماء 265 مشتبهًا بارتكاب انتهاكات جسيمة، وهم عناصر سابقون في النظام السابق أو منتسبون لفصائل خارجة عن القانون، وتورطوا في أعمال قتل وتعذيب وسرقة وتحريض طائفي·
كما تمكنت اللجنة، بمساعدة وزارة الدفاع، من التعرف على 298 شخصًا آخرين ظهروا في مقاطع مصورة أثناء تنفيذ الانتهاكات·
توصيات شاملة للعدالة والحوكمة
اختتمت اللجنة تقريرها بجملة من التوصيات، أبرزها:
ملاحقة المتورطين من جميع الأطراف وتحويلهم إلى القضاء·
دمج الفصائل المسلحة تحت قيادة وزارة الدفاع وتطبيق قواعد السلوك العسكرية·
جبر ضرر الضحايا وتفعيل برامج العدالة الانتقالية·
مواءمة القوانين السورية مع الاتفاقيات الدولية، خصوصًا المتعلقة بمنع الاختفاء القسري·
إطلاق هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، ومنع التحريض الطائفي في الإعلام ومنصات التواصل·
ردود على إشاعات الاختطاف
وخلال المؤتمر، نفت اللجنة تلقي بلاغات رسمية عن اختطاف نساء، مؤكدة أن بعض الفتيات العائدات كنّ في حالات اختفاء مرتبطة بمشكلات اجتماعية، وليست سياسية أو أمنية·
نحو محاسبة شاملة
أكد رئيس اللجنة، القاضي جمعة العنزي، أن التقرير قد أُنجز في المهلة المحددة، وأنه تم تسليمه إلى رئاسة الجمهورية، مؤكدًا التزام الدولة بمسار المحاسبة وعدم وجود “خطوط حمراء”، حتى لو طال التحقيق شخصيات من داخل مؤسسات الدولة أو من مقربين من دوائر القرار·
كما أشار إلى أن اللجنة لا تمثل أي جهة حكومية وتعمل باستقلالية كاملة، ما يضيف إلى مصداقية التقرير ومخرجاته·
مرحلة مفصلية في مسار العدالة
مع صدور هذا التقرير، تكون سوريا قد خطت خطوة كبيرة نحو مواجهة الماضي والاعتراف بالانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها·
ويبقى الرهان الأكبر على تنفيذ التوصيات فعليًا وملاحقة المتورطين، لضمان عدم تكرار المأساة، والانتقال إلى مستقبل يضمن السلم الأهلي والمساءلة والعدالة لجميع السوريين، دون استثناء·
إقراء المزيد:
انقطاع الاتصالات في السويداء·· ووزارة الاتصالات توضح الأسباب وتعلن عن خطوات عاجلة
القبض على مجموعة مسلحة في طرطوس خططت لزعزعة الأمن في طرطوس
محاولة إشعال حرائق بريف اللاذقية·· ضبط مجموعة من فلول النظام المخلوع