
اتفاق سوريا والأردن وأميركا: يرسم خريطة طريق لمعالجة ملف السويداء
اتفاق سوريا والأردن وأميركا: يرسم خريطة طريق لمعالجة ملف السويداء
اتفاق سوريا والأردن وأميركا:في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أكثر من عقد من الزمن. وقّعت سوريا والأردن والولايات المتحدة الأميركية اتفاقاً ثلاثياً. يتضمن خريطة طريق شاملة لمعالجة ملف محافظة السويداء، التي شهدت في الأشهر الماضية اضطرابات أمنية. وأحداثاً دامية هزّت الجنوب السوري· الاتفاق، الذي جاء برعاية مباشرة من عمّان وواشنطن. اعتُبر بمثابة تحول في مسار التعاطي الدولي والإقليمي مع الشأن السوري، وفتح باباً للتساؤلات حول مستقبل الوضع الداخلي والعلاقات بين دمشق وجوارها·
اتفاق سوريا والأردن وأميركا خريطة طريق لإنهاء التوتر في السويداء
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أعلن أن الحكومة وضعت خريطة طريق واضحة. تتضمن سلسلة من الخطوات العملية التي تهدف إلى تضميد جراح السويداء وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع المحلي.
وتبدأ الخطة – بحسب الشيباني – بمرحلة أساسية تتمثل في محاسبة المتورطين في الاعتداءات على المدنيين وممتلكاتهم. على أن يتم ذلك بالتنسيق مع المنظومة الأممية لضمان الشفافية والعدالة. ويلي هذه الخطوة تأمين استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والطبية إلى الأهالي، ثم تعويض المتضررين. عن الخسائر المادية والنفسية التي تكبدوها خلال الأحداث الأخيرة، إضافة إلى إعادة ترميم القرى المهدمة وتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم.
كما أشار الوزير إلى أن الخطة تتضمن إعادة تفعيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والاتصالات. وإطلاق مشاريع تنموية صغيرة تعيد دورة الحياة الاقتصادية، فضلاً عن نشر قوات محلية. تابعة لوزارة الداخلية لتأمين الطرق الحيوية وضمان حرية تنقل السكان والتجار·
ومن أبرز البنود أيضاً، الكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرياً. والعمل على إطلاق سراح المحتجزين والمخطوفين وإعادتهم إلى عائلاتهم. أما المرحلة الأخيرة فتتمثل في إطلاق مسار مصالحة داخلية واسع النطاق، يشارك فيه مختلف مكونات المجتمع في السويداء. بهدف ترسيخ الاستقرار الاجتماعي وإعادة بناء جسور الثقة بين الأهالي والدولة.
الأردن: أمن السويداء امتداد لأمن الأردن
الجانب الأردني كان حاضراً بقوة في صياغة هذا الاتفاق. فقد شدد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على أن وحدة سوريا وأمنها يمثلان ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة بأكملها. موضحاً أن ما جرى في السويداء كان مأساوياً ويستوجب معالجات جذرية وليس مجرد حلول مؤقتة.
وأكد الصفدي أن بلاده تنظر إلى الجنوب السوري باعتباره عمقاً استراتيجياً. للأمن القومي الأردني، قائلاً: “إن أمن جنوبي سوريا هو امتداد مباشر لأمن الأردن”· ولفت إلى أن عمّان كانت ولا تزال حريصة على التنسيق مع دمشق لضمان ضبط الحدود ومنع تسلل الجماعات المتطرفة أو شبكات تهريب المخدرات التي ازدهرت خلال سنوات الحرب·
كما جدد الصفدي إدانة الأردن للهجمات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، مشدداً على أن هذه الاعتداءات لا تخدم الاستقرار بل تزيد من تعقيد المشهد· وأضاف أن الخطة السورية الأردنية الأميركية تمثل أرضية صلبة لتجاوز آثار الأحداث الأخيرة، مع ضمان العدالة لضحايا الانتهاكات الإنسانية واستمرار إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها·
الموقف الأميركي: دعم الاستقرار ورفع العقوبات
أما المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، فقد أكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة الحكومة السورية على تحقيق الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أن التعاون مع دمشق وعمّان أثمر عن صياغة خريطة طريق متكاملة تعزز السلم الأهلي وتعيد بناء الثقة بين مختلف الأطراف·
وكشف باراك أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد اتخذ في أيار الماضي قراراً برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك بهدف تمكينها من استغلال مواردها الطبيعية والاقتصادية لإعادة الإعمار والاعتماد على ذاتها· وأوضح أن الاتفاق الثلاثي بشأن السويداء يجسد عملياً التزام واشنطن بدعم دمشق في هذه المرحلة الحساسة·
وشدد المبعوث الأميركي على أن “السويداء يمكن أن تكون نموذجاً يحتذى به في باقي المحافظات السورية”، لافتاً إلى أن نجاح هذه الخطة قد يشكل مدخلاً لإعادة بناء الثقة بين سوريا والمجتمع الدولي·
أبعاد سياسية وإقليمية
يرى مراقبون أن هذا الاتفاق لا يقتصر على معالجة الوضع الداخلي في السويداء فحسب، بل يحمل أبعاداً سياسية وإقليمية واسعة· فمن جهة، يشير إلى وجود تفاهم ثلاثي غير مسبوق بين دمشق وواشنطن وعمان، وهو ما قد يفتح الباب أمام تسويات أوسع تشمل ملفات أخرى مثل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين·
كما يعكس الاتفاق إدراكاً متزايداً لدى الأطراف الدولية والإقليمية بأن استمرار التوتر في الجنوب السوري يشكل خطراً مباشراً على أمن الأردن ويؤثر في الوقت ذاته على التوازنات الإقليمية، خصوصاً في ظل التصعيد المستمر بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية·
وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن الاتفاق يمنحها فرصة للعودة إلى الساحة السورية من بوابة “الاستقرار والمساعدات الإنسانية”، بعد سنوات من التردد· أما دمشق، فهي تستفيد من الدعم السياسي والاقتصادي الناتج عن رفع العقوبات، ما قد يساهم في إعادة إنعاش اقتصادها المنهك·
السويداء: عقدة الجنوب السوري
تكتسب محافظة السويداء مكانة خاصة في الخارطة السورية، فهي منطقة ذات أغلبية درزية، وتتمتع بخصوصية اجتماعية وثقافية، كما أنها تشكل ممراً استراتيجياً بين البادية والحدود الأردنية· وخلال السنوات الماضية، ظلت السويداء نسبياً بعيدة عن خط المواجهات العسكرية المباشرة، لكنها شهدت اضطرابات متقطعة تمثلت في احتجاجات شعبية، ونشاط جماعات مسلحة محلية، إضافة إلى تفاقم ظاهرة الخطف والفوضى الأمنية·
الأحداث الأخيرة في المحافظة، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا ونزوح آلاف المدنيين، جعلت الملف يتصدر أولويات الحكومة السورية والجهات الإقليمية والدولية· ومن هنا جاء الاتفاق الثلاثي ليكون بمثابة إطار جامع لإعادة الاستقرار إلى المنطقة·
بين التفاؤل والتحديات
ورغم الأجواء الإيجابية التي رافقت الإعلان عن الاتفاق، إلا أن التحديات تبقى كبيرة. فتنفيذ خريطة الطريق يتطلب تعاوناً فعلياً بين الحكومة السورية والمجتمع المحلي. في السويداء، إضافة إلى التزام الأطراف الدولية بتقديم الدعم المالي واللوجستي. كما أن أي محاولات لتعطيل المسار من قبل قوى إقليمية أو جماعات مسلحة قد تعرقل نجاح الخطة·
إلا أن مراقبين يعتبرون أن ما جرى يشكل خطوة تاريخية. قد تفتح الباب أمام تسوية أوسع للأزمة السورية، تبدأ من السويداء وتمتد إلى باقي المناطق. خصوصاً إذا ما تزامنت مع جهود حقيقية لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين وتعزيز المصالحات الوطنية.
خلاصة
اتفاق سوريا والأردن وأميركا:إن توقيع سوريا والأردن والولايات المتحدة على اتفاق لمعالجة ملف السويداء. يمثل نقطة تحول مهمة في مسار الأزمة السورية. فهو من ناحية يعكس إرادة سياسية جديدة للتعاون بين دمشق وواشنطن، ومن ناحية أخرى. يؤكد الدور المحوري للأردن كضامن إقليمي لاستقرار الجنوب·
سوريا والأردن وأميركا يوقعون اتفاقاً يرسم خريطة طريق لمعالجة ملف السويداء.
إقراء المزيد:
الشرع: ضوابط الإعلام في سوريا ضرورية لمنع إثارة النعرات الطائفية وحماية المجتمع
تحرّك داخل الكونغرس:إلغاء عقوبات سوريا 2003 و2012
القبض على شبكة تزوير في حمص تعمل لصالح شخصيات من النظام المخلوع
قسد تتباطأ مع دمشق: فيدان يوضح موقف تركيا ويؤكد منح الطرفين فرصة للحوار