أخبار سياسية

زيارة أحمد الشرع إلى روسيا:هل تفلح سوريا في ضبط إيقاعها بين الشرق والغرب؟

زيارة أحمد الشرع إلى روسيا:هل تفلح سوريا في ضبط إيقاعها بين الشرق والغرب؟

زيارة أحمد الشرع إلى روسيا:وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو في زيارة رسمية. التقى خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين. في خطوة تعدّ محورية ضمن سياسة دمشق الجديدة الساعية لإعادة ضبط علاقاتها مع القوى الدولية. وبناء توازن دبلوماسي بين الشرق والغرب بعد عام على سقوط النظام السابق.

الزيارة، التي تأتي بعد أقل من شهر على عودة الشرع من الولايات المتحدة، تؤشر إلى محاولة سورية واعية لتأسيس معادلة توازن جديدة. تجمع بين الانفتاح على واشنطن والتمسك بعلاقات تاريخية مع موسكو، بما يحفظ استقلال القرار الوطني السوري في مرحلة إعادة البناء السياسي والاقتصادي·

إرث ثقيل وتاريخ معقّد

تأتي هذه الزيارة في ظل إرثٍ معقد للعلاقات السورية الروسية. إذ كانت موسكو أحد أبرز داعمي نظام الأسد سياسياً وعسكرياً منذ عام 2015، حين تدخلت عسكرياً في سوريا. ما أدى إلى قلب موازين الحرب لصالح النظام السابق· خلال تلك الفترة، اختبرت روسيا أكثر من 320 نوعاً من الأسلحة على الأراضي السورية. وفق تصريحات رسمية لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وهو ما جعل البلاد ساحة مفتوحة لتجارب السلاح الروسي مقابل حماية سياسية لنظامٍ فقد شرعيته·

اقتصادياً، رسخت موسكو نفوذها عبر سلسلة اتفاقيات طويلة الأمد. شملت استثمار مرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً، والسيطرة على الفوسفات في حمص ومصانع الأسمدة. إلى جانب عقود لتشغيل القواعد العسكرية في حميميم وطرطوس حتى عام 2066، ما جعل من سوريا ساحة نفوذ روسي بامتياز.

من حليف النظام إلى شريك الدولة الجديدة

لكن مع تغيّر المشهد في دمشق وسقوط النظام، اتخذت روسيا موقفاً أكثر براغماتية. فاختارت إعادة التموضع السياسي بدلاً من الدفاع عن الأسد حتى النهاية. لتحتفظ بنفوذها العسكري وتؤمّن مصالحها الاستراتيجية دون الدخول في صدام مع المجتمع الدولي.

ومن هنا، تحمل زيارة الشرع إلى موسكو رسالة مزدوجة: فتح صفحة جديدة مع روسيا، دون تجاهل التاريخ الدموي الذي شهدته البلاد خلال تدخلها العسكري. والسعي نحو علاقة قائمة على الاحترام المتبادل لا التبعية·

زيارة أحمد الشرع إلى روسيا: “علاقات تاريخية بروح جديدة”

في الكرملين، بحث الرئيسان ملفات التعاون الاقتصادي والأمني والطاقة، إلى جانب جهود إعادة الاستقرار إلى سوريا والمنطقة·

وأكد الشرع خلال اللقاء أن بلاده “تحترم الاتفاقيات السابقة مع روسيا” لكنها تسعى إلى إعادة تعريف طبيعة العلاقة على أسس جديدة، مضيفاً أن “العديد من محطات الطاقة السورية والغذاء الوطني تعتمد على الشراكة مع روسيا”·

أما بوتين، فأشاد بما وصفه بـ”الروابط التاريخية العميقة” بين البلدين، مشدداً على أن هدف روسيا “كان دائماً مصلحة الشعب السوري”، وأعرب عن استعداد موسكو لتعزيز المشاريع المشتركة وتوسيع التنسيق السياسي والاقتصادي·

ما الذي تريده دمشق من موسكو؟

تسعى دمشق إلى إعادة صياغة علاقتها مع موسكو من موقع الدولة السيادية، لا الدولة التابعة· وتشمل الملفات المطروحة على طاولة المباحثات:

إعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمت في عهد النظام السابق وضمان توازن المصالح·

ضبط النفوذ الإيراني وتحديد دوره العسكري والسياسي في سوريا بعد تراجع تأثير طهران·

التعاون الأمني ضد الإرهاب وخاصة في مناطق البادية السورية·

ملف العدالة الانتقالية، بما في ذلك مطالبة روسيا بتسليم عدد من المطلوبين المقيمين على أراضيها·

الاتفاق الأمني مع إسرائيل وإمكانية إعادة تفعيل اتفاق فصل القوات لعام 1974، أو وضع صيغة جديدة بوساطة روسية تضمن أمن الحدود دون تطبيع·

دمشق بين الشرق والغرب

زيارة أحمد الشرع إلى روسيا:يحاول الشرع قيادة سياسة خارجية متوازنة تقوم على مبدأ “صفر مشكلات”. والانفتاح على جميع القوى الفاعلة. فبعد لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي، تبدو زيارة موسكو استمراراً لهذا التوجه القائم على المصالح لا المحاور. حيث تراهن سوريا على أن تكون جسراً بين الشرق والغرب بدلاً من أن تكون ساحة صراع بينهما·

وفي هذا الإطار، تمثل زيارة الشرع لروسيا اختباراً حقيقياً لقدرة دمشق على ضبط إيقاعها الدبلوماسي. في عالم تتغير فيه التحالفات بسرعة، وتوازن فيه الدول مصالحها بين موسكو وواشنطن بحذرٍ دقيق.

 

إقراء المزيد:

syria-future

حكمت الهجري جبل باشان: يعتمد التسمية العبرية “جبل باشان” في بيان مثير للجدل

قانون قيصر:هل ألغت واشنطن القانون فعلاً أم ما يزال سارياً قانونياً؟

العملة السورية الجديدة 2025·· تصميم حديث بست فئات نقدية خالية من الرموز والصور

ما حقيقة خطة هدم ملعب العباسيين في دمشق وطرحه للاستثمار؟

توتر بين ترامب ونتنياهو·· “عليك أن تنضبط وإلا سأقصفك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى