انضباط مقاتلي ردع العدوان.. ما خلفياته وكيف انعكس على مجريات المعركة؟
انضباط مقاتلي ردع العدوان.. ما خلفياته وكيف انعكس على مجريات المعركة؟
انضباط مقاتلي ردع العدوان:مع اتساع رقعة السيطرة التي حققتها فصائل المعارضة في عملية “ردع العدوان”. بدأت الأنظار تتجه إلى واحدة من أبرز الظواهر التي رافقت تقدمها: الانضباط الصارم الذي طبَع سلوك المقاتلين على امتداد جبهات القتال. هذا الانضباط لم يكن مجرد التزام تكتيكي عابر. بل جزء من رؤية متكاملة رُسمت على مدى سنوات، بهدف تجنّب الانتهاكات، وكسب الحاضنة الشعبية، وإظهار صورة جديدة للعمل المسلح في سوريا بعد سقوط النظام·
تعليمات واضحة… والتزام غير مسبوق
شهادات مقاتلين شاركوا في العملية، تؤكد أن القيادة الموحدة أصدرت منذ الساعات الأولى سلسلة تعليمات صارمة تتعلق بسلوك المقاتلين أثناء التقدم، ولا سيما في المناطق التي تضم أقليات دينية أو قوات منسحبة·
التعليمات شددت على:
منع أي شكل من أشكال الانتقام أو القتل خارج إطار الاشتباك·
احترام حياة الأسرى والتعامل معهم وفق القوانين الدولية·
تجنب دخول البيوت أو المتاجر الخاصة·
الالتزام بالتحرك في مجموعات منضبطة تحت إمرة قادة ميدانيين محددين·
ويقول أحد المقاتلين، الذي شارك في المعارك منذ سراقب وحتى محيط دمشق. إنّ بعض العناصر حاولوا تنفيذ إعدامات ميدانية ضد جنود استسلموا. لكن فرق “الشرعيين” المنتشرة قرب كل كتيبة تدخّلت فوراً ومنعت ذلك، بل وأطلقت سراح الأسرى بعد التحقق من وضعهم.
هذا التدخل السريع كان جزءاً من آلية متابعة يومية تهدف إلى منع أي تجاوز قبل وقوعه·
قيادة مركزية صارمة… وجهود إعداد لسنوات
الانضباط لم يأتِ من فراغ· فبحسب مصادر داخل هيئة تحرير الشام. فإن الفصائل قضت أربع سنوات في إعداد كوادرها للمعركة الحاسمة، عبر:
تدريبات عسكرية طويلة الأمد·
جلسات توجيه معنوي وعقائدي·
تعزيز مفهوم “السمع والطاعة” داخل التشكيلات القتالية·
بناء قيادة مركزية واحدة تمنع القرارات الفردية·
هذا البناء التنظيمي جعل غرفة العمليات قادرة على ضبط آلاف المقاتلين في وقت قياسي. وتحويل أي خطأ أو تجاوز إلى سلوك فردي لا قدرة له على التأثير في المشهد العام.
غياب شبه كامل للانتهاكات… مكسب استراتيجي
واحدة من النتائج المباشرة لهذا الانضباط كانت سهولة تحرير مناطق حساسة، خاصة تلك التي تضم أقليات دينية أو مجموعات كانت تخشى الانتقام·
ففي محردة والسقيلبية وعدة قرى في الساحل السوري، لعب سلوك المقاتلين الدور الأكبر في:
دفع وجهاء القرى إلى توقيع اتفاقات صلح·
تجنب المعارك داخل المناطق المأهولة·
تقليل الخسائر البشرية من الطرفين·
وبحسب أحد القياديين، فإن “المعركة قامت على التحرير السريع وليس الغنائم”، وهو ما جعل المقاتلين يتجاوزون دوافع الانتقام لصالح هدف أكبر هو تسريع إسقاط النظام·
دور الشرعيين… رقابة لحظة بلحظة
في كل كتيبة كان يوجد فريق من “الموجهين الشرعيين والمعنويين”، وهو ما وصفه مقاتلون بأنه “رادع معنوي أقوى من العقوبات العسكرية”·
المخالفات كانت قليلة جداً، وغالبها أدى إلى:
إبعاد المقاتل عن الجبهات·
سحب سلاحه مؤقتاً·
لكن اللافت أن الدافع الأساسي للالتزام لم يكن الخوف من العقوبات، بل إدراك عام بين المقاتلين بأن نجاح المعركة مرتبط بصورة الثوار أمام الأهالي والجنود المستسلمين·
خلاصة… انضباطٌ غيّر شكل المعركة
يمكن القول إنّ الانضباط السلوكي لمقاتلي عملية “ردع العدوان” كان عاملاً حاسماً في سرعة التقدم، وفي الحدّ من المواجهات الدموية، وفي فتح الطريق نحو اتفاقات محلية جنّبت كثيراً من البلدات الدمار·
هذا السلوك—بحسب الشهادات—لم يكن مجرد صدفة، بل ثمرة إعداد طويل، وانضباط جماعي نادر، وتوجه واعٍ إلى تقديم نموذج جديد للقوة العسكرية المعارضة في سوريا·
إقراء المزيد:
الدماغ لا يحب التغيير: كيف تعيد برمجة عقلك لتقبّل البداية؟
وزارة الاتصالات تطالب سيريتل وMTN بتوضيح مفصل للباقات الجديدة
إحباط محاولة هروب لعناصر داعش من سجن غويران في الحسكة بدعم من التحالف الدولي
التعاون التركي السوري المدني:اجتماع نائب وزير الخارجية التركي مع منظمات
علاقة دمشق مع واشنطن بعد زيارة الشرع·· اختبار لقنوات التنسيق الأمني شرق الفرات



