أخبار سياسية

تنسيق أمني بين العراق وسوريا ومؤشرات التسلل وصلت إلى الصفر

تنسيق الأمني بين العراق وسوريا ومؤشرات التسلل وصلت إلى الصفر

تنسيق الأمني بين العراق وسوريا: يشهد ملف الحدود السورية – العراقية تطوراً لافتاً على المستوى الأمني. في ظل تأكيدات رسمية عراقية بوجود تنسيق عالٍ مع الجانب السوري أسهم في خفض مؤشرات التسلل إلى مستويات غير مسبوقة. وصلت في عدة أشهر من عام 2025 إلى الصفر، وفق ما أعلنته قيادة العمليات المشتركة في العراق.

يعكس هذا المستجد تغيّراً واضحاً في النهج الأمني العراقي تجاه حدوده الغربية، التي لطالما اعتُبرت من أكثر المناطق حساسية، ولا سيما خلال فترة توسّع تنظيم “داعش” في عامي 2013 و2014، وما رافقها من تحديات أمنية معقّدة امتد أثرها لسنوات لاحقة.

خطط طويلة الأمد لتأمين الحدود

بحسب نائب قائد العمليات المشتركة، الفريق الأول الركن قيس المحمداوي. فإن القوات العراقية اعتمدت منذ نحو أربع سنوات خططاً أمنية متكاملة لتأمين الشريط الحدودي مع سوريا. الذي يمتد لمسافة تقارب 615 كيلومتراً.
هذه الخطط لم تكن آنية أو ظرفية، بل استندت إلى مراجعة شاملة لتجارب سابقة. خصوصاً تلك التي كشفت ثغرات خطيرة استغلها التنظيم المتطرف في مراحل سابقة.

وشملت الإجراءات المتخذة تعزيز التحصينات الأرضية، وإنشاء أبراج مراقبة وخنادق. إلى جانب دعم قطعات الحدود بالموارد البشرية والتقنيات الحديثة، وتكثيف العمل الاستخباري. بما يسمح بالكشف المبكر عن أي تحركات مشبوهة.

مؤشرات تسلل “صفرية”

اللافت في التصريحات العراقية هو التأكيد على أن مؤشرات التسلل خلال عام 2025. وصفت بأنها “ممتازة”، إذ سجّلت عدة أشهر دون أي حالات تسلل عبر الحدود السورية.
ويرى مراقبون أن هذا المؤشر يحمل دلالة مزدوجة: الأولى تتعلق بفعالية الإجراءات الأمنية الميدانية، والثانية بقدرة الاستخبارات العراقية على العمل الاستباقي، بدل الاكتفاء بردّ الفعل.

كما أشار المحمداوي إلى إنشاء مواضع دفاعية داخل العمق العراقي. تتولى حمايتها قطعات من الجيش والحشد الشعبي، بهدف إسناد قوات الحدود في حال حدوث أي طارئ، ما يعكس اعتماد مبدأ “الدفاع متعدد الطبقات”.

التكنولوجيا في صلب المعادلة الأمنية

لم يعد تأمين الحدود يعتمد على التحصينات التقليدية وحدها، وهو ما شدد عليه المسؤول العراقي، مؤكداً أن القوات الأمنية تعتمد بشكل متزايد على الطائرات المسيّرة، ووسائل المراقبة الجوية والفنية، إضافة إلى تفعيل منظومات الدفاع الجوي.

كما جرى إنشاء مراصد وخطوط دفاعية متعاقبة في مناطق صحراء الأنبار والجزيرة وغرب نينوى، وهي مناطق لطالما شكّلت بيئة مناسبة لتحركات خلايا تنظيم داعش وبقاياه.
وتُستخدم هذه المنظومة المتكاملة لمنع أي محاولة لإعادة إنشاء مضافات أو نقاط ارتكاز للتنظيم داخل الأراضي العراقية.

تنسيق الأمني بين العراق وسوريا ضرورة أمنية

في جانب آخر، أكد المحمداوي أن الساحة السورية تؤثر بشكل مباشر على الواقع الأمني العراقي، بل تمتد تداعياتها إلى الجوانب الاقتصادية والسياسية، ما يجعل التنسيق الأمني مع دمشق ضرورة لا يمكن تجاهلها.

وأوضح أن هذا التنسيق يجري حالياً على المستوى الميداني بين القادة والآمرين على جانبي الحدود، ويشمل تبادل المعلومات الاستخبارية، ومنع التسلل، وتسليم المطلوبين، مع التأكيد على احترام السيادة والمصالح المشتركة، ووفق ما ينص عليه الدستور العراقي.

لكن هذا التنسيق، بحسب التصريحات، لم يصل بعد إلى مستويات عليا بين القيادات الأمنية، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول إمكانية تطويره مستقبلاً، خاصة في ظل التحديات الإقليمية المتشابكة.

إنزال جوي داخل سوريا

وفي سياق متصل، كشف نائب قائد العمليات المشتركة عن تنفيذ إنزال جوي عراقي داخل الأراضي السورية، استند إلى معلومات استخبارية دقيقة وفرتها “خلية الصقور”.
وأسفرت العملية عن اعتقال أهداف وصفها بالمهمة، على عمق يقارب 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية.

وشدد المحمداوي على أن هذه العملية كانت مستقلة تماماً عن الضربات الأميركية الأخيرة، وأن الموقعين مختلفان، رغم استمرار التعاون الاستخباري مع التحالف الدولي في ملاحقة خلايا تنظيم داعش.

المشهد الإقليمي والضربات الأميركية

تأتي هذه التطورات بالتزامن مع عملية عسكرية أميركية واسعة استهدفت عشرات المواقع التابعة لتنظيم داعش داخل سوريا، في إطار ما سُمّي بعملية “ضربة عين الصقر”، رداً على مقتل جنديين أميركيين قرب مدينة تدمر.

ويرى محللون أن تزامن العمليات العراقية والأميركية، رغم استقلالها المعلن، يعكس حالة من الضغط المتزايد على بقايا التنظيم، ويحدّ من قدرته على إعادة التموضع أو استغلال الفراغات الأمنية.

خلاصة

تنسيق الأمني بين العراق وسوريا:يبدو أن العراق نجح، إلى حدّ كبير، في تحويل حدوده الغربية من نقطة ضعف مزمنة إلى خط دفاع متقدم، مستفيداً من الدروس القاسية التي مرّ بها خلال العقد الماضي.
غير أن استمرار هذا النجاح يبقى مرهوناً بتطوير التنسيق الإقليمي، وتعزيز العمل الاستخباري، والتعامل مع الملف السوري باعتباره جزءاً لا يتجزأ من معادلة الأمن الوطني العراقي، لا مجرد ساحة مجاورة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى